اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
ظلت المناهج الدراسية منذ سنوات على «طمام المرحوم»، رغم المناداة الكثيرة بالندوات والصحافة بضرورة اعادة النظر في واقعها المتدني وفي مخرجاتها، التي أفرزت إلى المجتمع الكثير من الخريجين الذين يجهلون كتابة الإملاء والمقال، حتى القصير منه، أضف إلى ذلك سلوكا غير معتاد في عقول العديد من الطلبة بكل المراحل على السواء، حتى صار حديث الانتماء إلى القبيلة والطائفة، وحتى نسب الطالب، صار يفوق الحديث فيه عن الوطن وقيمته ومكانته بالقلوب، وايضاً اعطتنا هذه المناهج نوعا من اللامبالاة عند الكثير من جيل المدارس في هذه السنين، وهي انعكاسات لطبيعة التعليم بالمدارس وطبيعة التوجيه على نطاق الوزارة والمدارس، أضف إلى ذلك الجهل بالمعلومات العامة، وحتى الفرق بين المفرد والمثنى والجمع، ايضا عدم احترام للقوانين عند بعضهم ولا التمسك بالمبادئ الأخلاقية، على اقل تقدير، ولا تنسوا السجائر لدى البعض وحتى الممنوعات الأخرى، كل هذه كانت انعكاسا سلبيا لمستوى التعليم وقيمته الرفيعة في بناء الطالب.
كانت الدراسة في أيامنا تصقل الطالب، فهما وكتابة، كانت هناك حصة الإملاء والإنشاء، او كما يقال حصة التعبير، حيث كتابة ما يقرره المدرس، ثم طريقة الاختبارات التي كانت بأكثر من صفحة لإجابة السؤال الواحد، بدلا من اسئلة الاختيار من بين ثلاثة اختيارات وكأننا في «من سيربح المليون»، مع منع المساعدة من صديق، كل هذه النوعية من المناهج والاختبارات أوصلت التعليم إلى ما وصل اليه من تدن على كل صعيد، وللأسف ظل الحال كذلك حتى قرع وزير التربية الدكتور جلال الطبطبائي، بارك الله فيه، جرس التنبيه والاستيقاظ بضرورة التغيير للمناهج التي ظلت لسنين رهينة الأمزجة والغلو في بعض الاحيان، حتى شاب التعليم الكثير من السلبيات في دوره ومخرجاته وانعكاساته على المجتمع.
مفهوم التعليم السليم ليس حشو العقول وتعبئتها كما علب السردين، بل هو استيعاب وفهم وبحث وتقص، وصولا للحقيقة، ثم هو ليس ايضا مفاهيم قد تذهب بالطالب إلى التطرف على اختلاف طبيعته، او نجاح بالاختبار يأتي بالغش، بل هو غرس رفيع يفتح الابواب لمستقبل واعد يجد فيه الطلاب مكانتهم ودورهم في مجتمعهم وخدمة وطنهم.
لجنة او لجان اعداد المناهج الجديد ة التي شكلها الوزير مطلوب منها ان تتلافى كل سلبيات المناهج الحالية وتعمل على وضع مناهج ترفع مستوى الطلاب التعليمي وتزيل عنهم ثقل الحقائب، مناهج تأخذ بالاعتبار مفهوم الوطنية وقدرة الطالب على الكتابة والفهم والاستيعاب، خاصة ان الكثير من الطلاب لا يجيدون الكتابة وقواعد اللغة، هذا إذا أضفنا الإنكليزية عند الكثير منهم، وهي معاناة لديهم. ايضا تحديث المناهج مطلوب وضروري وهذا ما كنا نطالب به منذ الشكوى من تدني مستوى التعليم، لكن الاهم في هذا التحديث ان يكون على قواعد وأسس تكفل نجاح حركة التعليم
ومستوياته، وان يكون في مصلحة الطالب ومستقبله، وقبل ذلك مصلحة الوطن والمجتمع والا «لا طبنا ولا غدا الشر».
يوسف الشهاب