اخبار الكويت
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
إبراهيم شاكر - الخليج أونلاين
وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح قال إن دول الخليج نجحت في بناء مرونة اقتصادية بسبب اعتيادها على الصدمات والتحديات الأمنية.
تفرض التوترات الإقليمية المتصاعدة، والتحولات التي عصفت بالعالم خلال السنوات القليلة الماضية تحديات جسيمة أمام اقتصادات دول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي.
تلك التوترات أثرت بشكل مباشر على إمدادات الطاقة، وأربكت سلاسل التوريد، لتأتي رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتضيف تحدياً أكثر خطورة، وهذا كله أثر على اقتصاد دول الخليج تحديداً، كونها لا تزال تعتمد على النفط كمورد اقتصادي رئيسي.
وبالرغم من الهزة التي تعرض لها الاقتصاد العالمي جراء الحروب والرسوم الجمركية، إلا أن دول الخليج نجحت بفضل سياساتها بالخروج بأقل الخسائر، مؤكدة نجاح استراتيجيتها المتوازنة، وصولاً إلى تحقيق نوع من المرونة التي تحدث عنها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح.
مخاطر قائمة
ولا تزال المخاطر قائمة في العام 2025، وإن بدرجة أقل مما كانت عليه في العام الماضي، فيما يتعلق بتداعيات التوترات والحروب والتصعيد العالمي على الاقتصاد في دول الخليج والشرق الأوسط.
إلا أن العام الجاري، حمل معه تحدياً أكبر يتعلق بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وكبدت اقتصادات العالم تريليونات الدولارات خلال أسابيع من فرضها.
ولأن دول الخليج لا تزال تعتمد على النفط، والنفط يباع بالدولار، فإنها ليست بمنأى عن تقلبات العملة الأمريكية بسبب الصراع الذي خلفته رسوم ترامب الجمركية، وهذا قد يخلق حالة من التضخم في الأسواق الخليجية، وهنا يأتي دور الدعم لتخفيف آثار ذلك التضخم على المستهلك، كما حدث في قطر والإمارات، وفق الموقع الرسمي للبنك الدولي.
كما تفرض التهديدات المستمرة بشن عملية عسكرية ضد إيران، تحدياً يتجاوز في خطره التوترات الراهنة، على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، التي نجحت حتى الآن في تحاشي تداعيات التصعيد.
مرونة اقتصادية
وفي حديث على هامش جلسة حوارية نظمها 'معهد ميلكين' في لوس أنجلوس، يوم الاثنين (5 مايو) قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، إن 'دول المنطقة تمكنت من بناء مرونة اقتصادية، بسبب اعتيادها على الصدمات والتحديات الأمنية'.
وعلق الفالح على تأثير التوترات في الشرق الأوسط، على اقتصادات الخليج قائلاً: 'لدينا آليات سياسية وأمنية واقتصادية لاستيعاب مختلف أنواع الصدمات'، مشيراً إلى أن النمو الملحوظ على أساس سنوي في الاستثمار الأجنبي، يعكس اعتقاد المستثمرين بأن الفرص المتاحة في دول الشرق الأوسط، أصبحت أكبر من المخاطر.
واستطرد قائلاً: 'نعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام والسعودية بشكل خاص، توفر توازناً جيداً بين المخاطر والعوائد'، مع العلم أن دول الخليج وتحديداً السعودية والإمارات وقطر عملت على تعزيز الاقتصاد غير النفطي، بهدف توفير بدائل أكثر أقل تأثراً بالتقلبات الجيوسياسية.
وفيما يتعلق بتداعيات الحرب التي أطلقتها ترامب برفع الرسوم الجمركية، أوضح تقرير لشبكة 'برايس ووترهاوس كوبرز'، أن المرونة الخليجية تعتمد على المزج بين الإنفاق الاستراتيجي وإدارة الدين، مع الحفاظ على تصنيفات ائتمانية قوية، وهذه السياسات تضعف احتمالات انتقال صدمات الركود التضخمي العالمية إلى الأسواق المحلية بشكل حاد.
عوامل أربعة
النجاح الاقتصادي الخليجي في مواجهة التقلبات الجيوسياسية، يعود لعدة أسباب، كما يرى الخبير في شؤون الطاقة والاقتصاد عامر الشوبكي، أبرزها تنويع الاقتصاد، حيث توسعت دول الخليج في القطاعات غير النفطية، مثل السياحة والخدمات المالية والتكنلوجيا، وهذا قلل من اعتمادها على النفط.
وأضاف الشوبكي في تصريح لـ'الخليج أونلاين'، أن من الأسباب أيضاً، الاستثمارات في البنية التحتية، حيث نفذت دول الخليج مشاريع ضخمة لتحسين البنية التحتية، مما جذب الاستثمارات الأجنبية وعزز النمو الاقتصادي.
وثالث الأسباب، هو امتلاك دول الخليج احتياطي نقدي كبير، مشيراً إلى أنها استخدمت الفوائض المالية من عائدات النفط، لتكوين احتياطات قوية، مما وفر لها هامشاً مالياً للتعامل مع الأزمات.
وأما السبب الرابع من وجهة نظر الشوبكي، فيتمثل في 'السياسات النقدية والمالية الحذرة، حيث اتبعت دول الخليج سياسات مالية ونقدية متوازنة للحفاظ على الاقتصاد والاستقرار الاقتصادي'.
وأشار إلى أن اقتصادات الخليج، أظهرت مرونة ملحوظة، وهذا ظهر من خلال التأثير المحدود لتلك التحديات على النمو، مشيراً إلى أن صندوق النقد الدولي خفض توقعات النمو لاقتصادات الدول الست إلى 3% في 2025، مقارنة بـ4.2% من التوقعات السابقة؛ بسبب التوترات الجيوسياسية وانخفاض أسعار النفط.
سياسات متوازنة
وقال الشوبكي إنه رغم التقلبات حافظت الأسواق المالية الخليجية على استقرار نسبي، مدعومة بالسياسات الاقتصادية المتوازنة، وبتعزيز الشراكة الدولية، كما أنها احتفظت بتصنيفات ائتمانية قوية، مما يعكس ثقة المستثمرين في استقرارها الاقتصادي.
ولفت إلى أن دول مجلس التعاون سعت إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية، مما ساعدها على تقليل الاعتماد على أسواق محددة، كما أوضح أن اقتصادات الخليج أظهرت مرونة متزايدة عبر تنويع مصادر الدخل، وساهمت الاستثمارات في القطاعات غير النفطية في تقليل تأثيرات تقلبات أسعار النفط.
وتطرق الشوبكي إلى الاستجابة السريعة، حيث أظهرت دول الخليج قدرة على التكيف السريع مع الأزمات من خلال سياسات مالية ونقدية فعالة.
وحول توقعاته لنمو اقتصادات دول الخليج في المستقبل، توقع الشوبكي، نمواً معتدلاً، نتيجة انخفاض أسعار النفط، مبيناً أن صندوق النقد الدولي توقع لها نمو بنسبة 3% في 2025، و4% في 2026، لكن هذا يختلف من دولة إلى أخرى.
وبيّن أن قطر ربما ينتعش اقتصادها في 2026 – 2027، نتيجة بدء تشغيل المرحلة الجديدة من تطوير حقل الشمال، حيث تخطط لزيادة إنتاجها بنسبة 84%، من 77 مليون طن، إلى 142 مليون طن.
بشأن التحديات المتوقعة، قال الشوبكي، إنها تشمل التوترات الجيوسياسية المستمرة، وتقلبات أسعار النفط، والتباطؤ في الاقتصاد العالمي.
واستطرد قائلاً: 'بشكل عام دول الخليج تظهر قدرة متزايدة على التكيف مع التحديات الإقليمية والعالمية، مستفيدة من استراتيجية التنويع الاقتصادي، والاستثمارات في البنية التحتية، والسياسات المالية الحذرة'.
تحولات ثلاثة
ويرى جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن هناك ثلاثة مسارات رئيسية بالنسبة للتحولات الاقتصادية العالمية في 2025، تتمثل في التحول الاقتصاد العالمي، والتحول في الاقتصاد الرقمي، والتحول في التنمية الاقتصادية في المنطقة.
وأضاف في تصريحات لصحيفة 'النهار' اللبنانية (6 مايو 2025)، أن دول الخليج شكلت نموذجاً لافتاً في تبني التحول الرقمي ضمن رؤية أوسع لتنويع مصادر الاقتصاد.
ولفت إلى أن دول الخليج أدركت أهمية التنويع الاقتصادي، ليس فقط عبر تطوير قطاعات جديدة، بل أيضاً 'من خلال إدخال إصلاحات بنيوية على مستوى السياسات الاجتماعية والاقتصادية، مثل توسيع دور المرأة في سوق العمل'، مشيراً إلى أن نسبة مشاركة المرأة في المملكة العربية السعودية بلغت 36%.
وقال إن الخروج من النموذج الاقتصادي التقليدي القائم على الطاقة، منح دول الخليج القدرة على قيادة تحولات مالية في المنطقة، خصوصاً من خلال تعزيز التعاون العربي وربط البنى التحتية الرقمية بين الدول، حسب تصريحاته.
ونقل موقع 'العربي الجديد' عن الخبير والمستشار علي متولي، أن دول الخليج بدأت تعتمد استراتيجيات متعددة لحماية اقتصاداتها من هذه التقلبات، على رأسها السعي الحثيث نحو تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، لافتاً إلى أن السعودية والإمارات وقطر تستثمر بكثافة في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسياحة، بما يعزز استدامة الاقتصادات المحلية ويقلل من التأثير السلبي للتقلبات في أسعار الدولار على اقتصادات هذه الدول.
أما الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، فيرى أن الاضطرابات الحالية تحمل في طياتها فرصاً للتحول الاقتصادي في دول الخليج، حيث يمكن أن يحفز ارتفاع تكاليف الواردات تعزيز الإنتاج المحلي في قطاعات مثل الصناعات الغذائية والدوائية.