تُوّجت بالحوار الاستراتيجي.. كيف تطورت العلاقات بين روسيا والخليج؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

يعد الحوار الاستراتيجي بين دول الخليج وروسيا أحد أشكال تطور العلاقات بين الجانبين، في ظل حرص قادة هذه الدول على تعزيز التنسيق السياسي والعسكري، والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري.

وتعتبر العلاقات الخليجية الروسية من ضمن أهم المحاور الجيوسياسية في منطقة الخليج، حيث يسعى اللاعبون الإقليميون والعالميون إلى تعزيز تأثيرهم ومصالحهم في المنطقة الاستراتيجية من الشرق الأوسط، نظراً للقوة الاقتصادية والسياسية التي تمتلكها دول مجلس التعاون.

وعلى الصعيد السياسي تسعى روسيا لأداء دور أكبر في الشؤون الإقليمية بالخليج، وتستخدم العلاقات مع الدول الخليجية لتعزيز تأثيرها في المنطقة.

وأقامت روسيا علاقات وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وأجرت مشاورات ثنائية حول القضايا السياسية والأمنية الإقليمية، مثل الأزمة السورية، والنزاع في اليمن، وحربها المستمرة مع أوكرانيا، منذ فبراير 2022.

وتهدف اجتماعات الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول الخليج إلى تعزيز التعاون والتبادل بين الدول الأعضاء وموسكو.

وحسب الموقع الرسمي للأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج، عقدت 5 اجتماعات وزارية مشتركة للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا، كان الأول بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، في الأول من نوفمبر 2011، تم على هامشه التوقيع على مذكرة تفاهم تنظم آليات الحوار الاستراتيجي بينهما.

وما بين الاجتماع الأول والسادس عقدت 4 اجتماعات للحوار الاستراتيجي، الثاني في الرياض (نوفمبر  2012)، والثالث في الكويت (فبراير 2014)، والرابع في موسكو (مايو 2016)، والخامس في الرياض (يونيو 2022).

أجندة الحوار 

تعد القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك محوراً رئيسياً في الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول الخليج، حيث تناقش الأزمات التي تعصف بالمنطقة، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية، خاصة سوق النفط.

وخلال الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول الخليج، تنظم الاجتماعات والمشاورات الثنائية والمتعددة الأطراف بين الطرفين، على مستوى القادة والمسؤولين الحكوميين والخبراء.

وفي اجتماعات الحوار الاستراتيجي السادس، الذي احتضنته موسكو، يوم 10 يوليو 2023، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أهمية استمرار التعاون والحوار بين دول الخليج وروسيا، معبراً عن رضاه عن نتائج الحوار الاستراتيجي السابق الذي عقد في الرياض.

وأوضح لافروف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يولي أهمية كبيرة للتواصل والتعاون مع دول الخليج.

وفي الجانب الخليجي أكد وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدى، وجود فرص وتطورات إيجابية في منطقة الخليج، رغم التحديات العالمية.

كذلك شدد أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، على التزام دول المجلس بتعزيز التعاون مع روسيا وتعزيز الأمن وتسوية النزاعات.

وبين البديوي أن العلاقات الروسية الخليجية 'متميزة، وتهدف إلى بناء علاقات قوية ووثيقة تعود بالفائدة على الجانبين في جميع المجالات'.

وعلى هامش الاجتماع عقد وزير الخارجية الروسي مشاورات منفصلة مع نظرائه الخليجيين.

علاقات متبادلة

يرى الباحث في الشأن الإقليمي محمد حلمي، أن دول الخليج تحرص على إقامة علاقات استراتيجية مع روسيا، خاصة في المجالات العسكرية والأمن؛ لكون موسكو لديها تقنيات وأسلحة متطورة تهم الدول الخليجية في مجالات مثل الدفاع الجوي والبحري والصواريخ.

ويقول حلمي في حديثه لـ'الخليج أونلاين': إن 'أحد أشكال تطور العلاقات بين الطرفين هو عقد الحوار الاستراتيجي، وإقامة اجتماعات مشتركة بين قادة دول الخليج والمسؤولين الروس'.

ويوضح أن اجتماعات الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول الخليج ستنتج عنها تفاهمات سياسية حول عديد من القضايا الإقليمية والدولية، منها الحرب على أوكرانيا، ومواصلة الجهود الخليجية في هذا السياق.

ويتوقع أن تكون أبرز نتائج اجتماعات الحوار الاستراتيجي بين دول الخليج وروسيا 'عقد اتفاقيات اقتصادية كبيرة بين الطرفين، والتفاهم حول إنتاج النفط بشكل يومي، والحفاظ على استقرار الأسواق'

وعقب الاجتماع السادس للجانبين الروسي والخليجي صدر بيان ختامي أكد أهمية الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا، بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز علاقات الصداقة.

كما رحب البيان بجهود دول مجلس التعاون في الوساطة لتهيئة الظروف لحل سياسي للأزمة في أوكرانيا، وسط تأكيد لـ'أهمية تضافر كافة الجهود لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم'.

وأكد البيان الخليجي الروسي ضرورة استئناف عملية سلام للتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

وأدان البيان 'الإرهاب أياً كان مصدره، ورفض كافة أشكاله ودوافعه ومبرراته والعمل على تجفيف منابعه'.

العلاقات الاقتصادية

إلى جانب التعاون والتفاهمات السياسية، ترتبط دول الخليج بعلاقات اقتصادية قوية مع روسيا، خاصة في ظل حرص موسكو على تعزيز وجودها الاقتصادي في منطقة الخليج، وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي.

وعقب إطلاق اجتماعات الحوار الاستراتيجي، كشف وزير الخارجية الروسي لافروف عن نمو التبادل التجاري بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي إلى مستوى 11 مليار دولار، على الرغم من الصعوبات الجيوسياسية.

وقال الوزير الروسي في مؤتمر صحفي عقب الجولة السادسة من الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون: إنه 'على الرغم من الظروف الجيوسياسية الصعبة فقد نجحنا في الحفاظ على اتجاه إيجابي في التجارة المتبادلة، ففي العام الماضي (2022)، ارتفعت التجارة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بأكثر من 6% مقارنة بالعام الذي قبله (2021)، وتجاوزت 11 مليار دولار'.

وشدد على أن روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي تبنت بياناً مشتركاً وخطة عمل لـ5 أعوام قادمة، من 2023، وحتى 2028.

وتعمل الشركات الروسية على إبرام اتفاقيات وشراكات استراتيجية مع الشركات الخليجية في مجالات مثل النفط والغاز والتكنولوجيا والبنية التحتية.

كما تحرص دول الخليج وروسيا على تعزز التبادل التجاري والاستثمارات بين الجانبين.

وحول العلاقات الاقتصادية الروسية سبق أن أعرب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف عن 'ارتياح في التفاهم' بين موسكو ودول الخليج سياسياً واقتصادياً، مؤكداً أن القيادة الروسية ترى أن علاقات موسكو مع الدول العربية، وخاصة مع دول الخليج، 'تتطور بديناميكية نشطة وناجحة جداً'.

وأعلنت موسكو، خلال الأعوام الأخيرة، حزمة من التسهيلات لدخول مواطني بعض دول مجلس التعاون الخليجي إلى أراضيها بدون تأشيرة، في مؤشر على تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية.