بدء الإنتاج من حقل مُطربة بشمال غرب الكويت

سعد الشيتي -

احتفلت شركة نفط الكويت ببدء الإنتاج في حقل مُطربة النفطي، برعاية وحضور وزير النفط طارق سليمان الرومي، وذلك في إنجاز يعتبر علامة فارقة ضمن جهود الشركة لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في تنمية وإنتاج النفط من الحقول النائية والمعقدة.

وأقيم الحفل الخاص بالمناسبة في خيمة الشركة بمدينة الأحمدي، وحضره عدد من كبار المسؤولين في القطاع النفطي، من بينهم الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف سعود ناصر الصباح، والرئيس التنفيذي للشركة أحمد جابر العيدان، فضلاً عن أبرز التنفيذيين في الشركات التابعة للمؤسسة، والرئيس التنفيذي لشركة «أس أل بي» أوليفييه لي بوش، وهي إحدى الشركات المشاركة في المشروع.

وفي تصريحاته للصحافيين على هامش الحفل، أكد وزير النفط طارق الرومي، أن الطاقة الإنتاجية للنفط الكويت تبلغ حالياً نحو 2.5 ملايين برميل يومياً، وذلك بناء على الاتفاق الذي تم بين الدول الأعضاء في منظمة أوبك.

وفي رده على سؤال حول تأثير قرار خفض سعر الفائدة الأمريكية على أسعار النفط العالمية، أكد الرومي أن خفض الفائدة قد يسهم في زيادة الطلب على النفط، مشيراً إلى أن السوق النفطي «محير ولا يمكن التنبؤ بمستقبله»، لكنه توقع ارتفاع الطلب من الأسواق الآسيوية على وجه الخصوص خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أنه على الرغم من قرار منظمة أوبك برفع الإنتاج، إلا أن أسعار النفط ما زالت «أكثر من جيدة»، في حين كنا نتوقع الأسوأ بعد هذا القرار، معرباً عن أمله في أن القادم أفضل.

وبشأن توقعاته في حال فرض عقوبات على النفط الروسي، أوضح الرومي أن أي تطورات عالمية تؤثر بشكل مباشر في الأسعار سواءً بالسلب أو الايجاب، لكنه استدرك قائلاً أنه في غالب الامر يكون انعكاس هذه الأحداث إيجابيًا على أسعار النفط، فغالباً ينعكس فرض عقوبات على إحدى الدول بشكل إيجابي على أسعار النفط بشكل عام.

آفاق جديدة

ومن ناحيته، قال الرئيس التنفيذي لشركة البترول الكويتية الشيخ نواف الصباح، إن تدشين الإنتاج التجاري لحقل «مطربة» النفطي، إنما يعكس الابتكار الجديد لشركة نفط الكويت، ذلك أن حقل مطربة يعتبر من اصعب الحقول في ما يتعلق بجانب التطوير كونه «عالي الكبريت».

وأضاف أن الابتكار الذي قامت به شركة نفط الكويت يتمثل في كيفية الاستعانة بشركات عالمية للتطوير تحت منظومة ITM، وذلك بدافع من القطاع النفطي بقيادة وزير النفط طارق الرومي ومؤسسة البترول الكويتية لإيجاد حلول جديدة تسمح لشركة نفط الكويت بتطوير حقولها النفطية.

وأشار الى أن هذه الخطوة من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة، خاصة وأن هذا الحقل يقع خارج مجموعة الحقول المنتجة في الكويت منذ ما يقارب من 90 عاماً مضت، كما وأنه يقع في منطقة جديدة شمال غرب الكويت، ما يعني إمكانية فتح حقول أخرى في مجالات متعددة.

ولفت الى أن هذا الحدث يعتبر اساساً لتحقيق مؤسسة البترول الكويتية لأهدافها الإستراتيجية لعام 2035، والمتمثل بوصول الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يومياً، ومن ثم المحافظة على هذا المستوى من الإنتاج، ناهيك عن باقي الحقول التي ستدخل مرحلة الإنتاج، لا سيما في ظل الاستكشافات الجديدة التي تمت في المنطقة المغمورة بالمياه الكويتية، والتي من بينها حقل «النوخذة» وحقل «الجلعية» وغيرهما من الحقول القادمة، وذلك كله في ظل انطلاقة جديدة للقطاع النفطي تحت قيادة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد لمواكبة التحديات العالمية من حولنا.

تحديات عديدة

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت أحمد جابر العيدان، إن تطوير هذا الحقل ارتبط بالعديد من التحديات التي كانت تتطلب الاستجابة المناسبة لها، لكن مع الكفاءات العالية التي يتمتع بها أبناء الشركة وفرقها، ولاسيما في كل من مجموعة الاستكشافات الجديدة ومجموعة الانتاج ومشاريع الغاز، نجح التعاون في تجاوز التحديات وبدء عمليات الإنتاج في حقل مطربة ولهم كل التقدير والشكر، واصفاً هذا الإنجاز بأنه «شهادة حية للجهود التي بذلت خلال السنوات الماضية».

ولفت إلى أن الشركة عملت جاهدة لتسريع عملية تشغيل حقل مُطربة الذي انضم بذلك إلى الحقول المنتجة في الوقت الحالي لدولة الكويت، وليساهم في تلبية احتياجات الدولة والسوق العالمي على السواء، لاسيما أنه ينتج النفط الخفيف الذي يتمتع بمواصفات مرغوبة جداً في السوق العالمي.

وأكد العيدان أن انضمام حقل مطربة إلى قائمة الحقول الإنتاجية يعزز مكانة الكويت على خريطة الإنتاج النفطي العالمي، ويشكل خطوة استراتيجية ضمن خطط الدولة لتعزيز مساهمتها في أسواق الطاقة الدولية.

وأفاد بأن حقل مطربة كان يشكل تحدياً عالمياً، لأنه مشبع بغاز H2S بنسبة تصل إلى %40، وهو أمر نادر يصعب من عملية الإنتاج التي استغرقت نحو 15 عاماً منذ اكتشاف الحقل، متوقعاً أن يبلغ إنتاج الحقل ما بين 80 إلى 120 ألف برميل من النفط الخفيف.

وتابع العيدان يقول إن الرقم المستهدف من النفط لشركة نفط الكويت هو 3.65 ملايين برميل يومياً، بالإضافة إلى 350 ألف برميل تأتي من شركة نفط الخليج، ما يعني تحقيق رقم 4 ملايين برميل في 2035، مضيفاً أن إنتاج الحقول الكويتية الحالية يصل إلى نحو 3 ملايين برميل، وبالتالي فإن الاستشكافات الجديدة هي التي ستساعد في الوصول إلى هدف إنتاج 3.65 ملايين برميل يوميا، بالإضافة إلى استدامة الإنتاج.

الاستكشافات البحرية

وفي ما يتعلق بآخر تطورات الاستكشافات البحرية، أكد العيدان استمرار مسيرة الحفر في الابار الست التي كان من بينها 3 آبار «طباشيري» و3 آبار «جيوراسي»، حيث يتم حالياً الاستعداد للمشروع الثاني المتعلق بباقي الابار الاستكشافية التي يصل عددها إلى 9 آبار، ما يعني أن إجمالي الابار البحرية سيصل إلى نحو 15 بئرا استكشافية تغطي المنطقة بالكامل، مؤكداً في الوقت ذاته أن نسبة النجاح في هذه الاستكشافات بلغت %100.

بعد ذلك، تم عرض شريط فيديو عن الحقل، تضمن بعض المعلومات التاريخية، والوضع الحالي مع بدء الإنتاج، وبعدها تحدث نائب الرئيس التنفيذي للاستكشاف والحفر خالد الملا عن هذا الإنجاز.

ربط آبار بمنشآت الإنتاج

بدأ الإنتاج التجاري من حقل مُطربة رسمياً في 15 يونيو 2025، وذلك بعد إتمام عمليات ربط بعض الآبار بمنشآت الإنتاج التابعة للشركة.

ويقع الحقل في منطقة غير مطوّرة، تفتقر إلى البنية التحتية في شمال غرب الكويت، ويمتد على مساحة تتجاوز 230 كيلومتراً مربعاً، خارج نطاق الأصول الحالية التي تشغلها الفرق التابعة للشركة، وقد تم اكتشاف النفط الخفيف ذي الجدوى التجارية للمرة الأولى فيه عام 2009، ونظراً لوجود تركيزات مرتفعة من غاز كبريتيد الهيدروجين تصل إلى %40، فقد شكّل هذا الأمر أحد أبرز التحديات التي أسهمت في تأخر بدء الإنتاج من الحقل.

ويمثل دخول حقل مُطربة مرحلة الإنتاج التجاري تتويجاً لجهود فنية واستكشافية وتطويرية دؤوبة استمرت لأكثر من عقدين من الزمن، حيث يعد هذا الإنجاز نموذجاً ناجحاً لتطوير الحقول النائية والمعقدة متعددة المكامن في المناطق غير المطوّرة.

وهذا الإنجاز يرسخ التزام شركة نفط الكويت رفع كفاءة التطوير والإنتاج وتعظيم القيمة من الحقول النائية والمعقدة، بما يتماشى مع رؤية الشركة والقطاع النفطي لعام 2040 في تعزيز القدرة الإنتاجية المستدامة للكويت.