اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٧ أيلول ٢٠٢٥
عيسى عبدالسلام -
تشهد بورصة الكويت منذ إدراجها على مؤشرات الأسواق الناشئة تدفقات متزايدة من الاستثمارات الأجنبية، وبالأخص نحو أسهم البنوك المدرجة ضمن السوق الأول، وأصبحت محور اهتمام المؤسسات العالمية.
ووفقاً لأحدث البيانات، فقد ارتفعت قيمة استثمارات الأجانب في السوق الى 7.21 مليارات دينار، في حين استحوذت قيمة ملكيات الأجانب في البنوك المحلية على نصيب الأسد من اجمالي هذه الاستثمارات، بما يمثل %75.25 بقيمة بلغت 5.426 مليارات دينار، أي ما يعادل قرابة %16.2 من إجمالي القيمة السوقية الاجمالية لقطاع البنوك والبالغة 33.464 مليار دينار، الأمر الذي يعكس الثقة الكبيرة التي يوليها المستثمرون الأجانب للبنوك الكويتية تحديدا، التي باتت تشكل الرئة الأساسية لتدفقات رؤوس الأموال الأجنبية.
وتشير هذه الأرقام الى أن القطاع المصرفي الكويتي ما زال يمثل الركيزة الأساسية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، ومع استمرار البنوك في تعزيز ملاءتها المالية وتوسيع نشاطها الإقليمي، يتوقع أن تواصل استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، بما يدعم استقرار السوق الأول ويعزز دور بورصة الكويت كمركز مالي إقليمي.
«الوطني» و«بيت التمويل» في الصدارة
يحتل بنك الكويت الوطني المرتبة الأولى من حيث حجم الملكيات الأجنبية، إذ بلغت 2.62 مليار دينار، بما يمثل %27.61 من رأسماله السوقي، ويرجع ذلك إلى مكانة البنك الإقليمية والدولية، إضافة إلى نتائجه المالية المستقرة وتوزيعاته المجزية التي تجذب الصناديق الاستثمارية العالمية.
أما بيت التمويل الكويتي فقد جاء في المرتبة الثانية بقيمة ملكيات أجنبية بلغت 2.09 مليار دينار، أي ما نسبته %14.33، وهو ما يعكس ثقة متزايدة في نموذج الصيرفة الإسلامية الذي يقوده البنك، إلى جانب توسعاته الإقليمية والاندماج التاريخي مع البنك الأهلي المتحد البحريني، الذي عزز من قوته السوقية والمالية.
حضور لافت
إلى جانب «الوطني» و«بيت التمويل»، تتوزع ملكيات الأجانب بشكل متنوع على بقية البنوك الكويتية، هذه الأرقام توضح أن الاستثمارات الأجنبية لم تترك بنكاً دون حصة، وإن تفاوتت النسب، ما يعكس نظرة إيجابية عامة للقطاع المصرفي الكويتي ككل والتي جاءت على النحو التالي:
- بنك بوبيان: استقطب 225.17 مليون دينار بنسبة %7.15.
- بنك الخليج: بلغت قيمة الملكيات الأجنبية فيه 188.21 مليون دينار، بنسبة %13.43.
بنك وربة: بلغت الملكيات الأجنبية فيه 126.85 مليون دينار بما يعادل %9.93.
بنك الكويت الدولي: سجل نسبة %12.46 بقيمة 61.28 مليون دينار.
البنك الأهلي الكويتي: بلغت ملكيات الأجانب فيه 56.48 مليون دينار بنسبة %7.39.
بنك برقان: بلغت الملكيات الأجنبية فيه 49.18 مليون دينار بنسبة %5.34.
البنك التجاري الكويتي: استقطب نحو 931.06 الف دينار من الاستثمارات الأجنبية بما يعادل %7.07.
عوامل داعمة
يمكن حصر أبرز العوامل التي جعلت البنوك الكويتية جاذبة للاستثمارات الأجنبية في ما يلي:
1- القوة المالية والملاءة العالية: البنوك الكويتية تتمتع برسملة قوية ونسب كفاية رأسمال تفوق المتطلبات التنظيمية، ما يجعلها أكثر أمانا في نظر المستثمرين العالميين.
2- التوزيعات المجزية: معظم البنوك الكويتية لديها سجل طويل في منح توزيعات نقدية وأسهم منحة سنويا، وهو ما يعد ميزة مهمة للصناديق الباحثة عن عوائد مستقرة.
3- مصدر أمان: أسهم البنوك عادة أقل عرضة للتقلبات الحادة مقارنة بقطاعات أخرى، خصوصا في أوقات الأزمات.
4- التوسع الإقليمي والدولي: مثل توسع الوطني في مصر والعراق والسعودية، وبيتك في البحرين وتركيا، ما يمنح المستثمرين فرصاً للنمو خارج السوق المحلي.
5- تطور الرقابة والحوكمة: التزام البنوك معايير الإفصاح والشفافية جعلها أكثر توافقا مع متطلبات المستثمرين الأجانب.
استقرار التداولات
اللافت أن أسهم البنوك شهدت استقراراً نسبياً في تداولاتها، رغم أن الأجانب يقومون بعمليات شراء وبيع بشكل متكرر. إذ تتراوح تحركاتهم عادة بين زيادة الملكيات أو تخفيضها بنسب طفيفة جداً لا تتجاوز %0.01 سواء صعودا أو هبوطا، حيث شهدت 3 بنوك ارتفاعا في نسب ملكيات الأجانب، وانخفاضها في 2 مقابل استقرارها في 4 أخرى.
هذه التحركات تعكس سياسة استثمارية متوازنة، حيث يعمد المستثمرون إلى جني الأرباح عند ارتفاع الأسعار ثم العودة للشراء عند مستويات أقل، ما يحد من التذبذبات ويعزز استقرار السوق.
تنوع الإستراتيجيات
لا يتبع المستثمرون الأجانب نهجاً موحداً، بل يظهر في تداولاتهم تنوع واضح في الاستراتيجيات، حيث انه في بعض البنوك يرفعون نسب ملكياتهم تدريجياً بهدف تعزيز الحصة الاستثمارية، وفي أخرى يقلصون الملكيات بنسب صغيرة عند بلوغ مستويات سعرية مرتفعة، بينما يوازنون بين العوائد والمخاطر من خلال توزيع الاستثمارات على بنوك ذات طبيعة مختلفة إسلامية وتقليدية.
هذا التنوع يعكس قراءة دقيقة من قبل المؤسسات الأجنبية لمستقبل كل بنك على حدة، ويظهر أن قراراتهم ليست عشوائية، بل مبنية على تقييمات مالية وفنية مدروسة، الأمر الذي ساهم في أن تؤدي هذه التحركات المتوازنة إلى نتائج إيجابية متعددة والتي جاءت أبرزها في:
- استقرار أسعار أسهم البنوك: حالت عمليات البيع الجزئي دون حدوث فقاعات سعرية في القطاع، فيما ساهمت المشتريات في دعم الأسعار عند التراجعات.
- زيادة عمق السوق: دخول الأجانب ضاعف من حجم السيولة المتداولة في السوق الأول.
- تعزيز الثقة: إذ ينظر المستثمر المحلي إلى دخول الأجانب باعتباره شهادة ثقة في قوة البنوك، ما يشجعه على الاستثمار بدوره.
ولا يقتصر الأثر على البنوك فقط، بل يمتد إلى البورصة ككل، فاستثمارات الأجانب في السوق الأول عززت من مكانة بورصة الكويت بين نظيراتها الإقليمية، ورفعت من مستوى السيولة المؤسسية، وهو ما ينعكس إيجابا على المؤشرات العامة. كما أن التنوع في الاستثمارات الأجنبية بين الزيادة والتخفيض، وإن كان بنسب طفيفة، يساهم في جعل السوق أكثر نضجاً وتوازنا.