اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
يملك المخرج الإنكليزي بول غرينغراس سجلاً حافلاً بالأفلام المثيرة، بدءاً من سلسلة الإثارة المميزة جيسون بورن، وصولاً إلى فيلم توم هانكس (مايكل فيليبس)، حيث استطاع من خلالها أن يصنع أفلام القتال، والهروب، والإثارة، ليأتي فيلم The Lost Bus الذي تنتجه شركة أبل جزءا لهذه الإثارة، حيث يتناول حرائق كاليفورنيا التي حدثت في عام 2018، والتي كانت أكثر الحرائق دماراً ودموية في تاريخ الولاية، وكانت نتيجتها مقتل 85 شخصاً، وتشريد أكثر من 50 ألف نسمة، وحرقت منطقة تعادل خمسة أضعاف مدينة سان فرانسيسكو.
واقتبس أحداث الفيلم من رواية كتبتها الروائية الأمريكية ليزي جونسون في عام 2021، اقتبستها من أحداث حرائق كاليفورنيا المأساوية، لتتلقفها شركة أبل، وتتكفل بإنتاحها تحت إشراف المخرج بول غرينغراس، وبطولة النجم ماثيو ماكونهي.
تدور أحداث الفيلم حول شخصية كيفن مكاي وهو شخصية حقيقية كان يقود باص مدرسة أثناء الحريق، واستطاع النجم ماثيو ماكونهي أن يؤدي دوره ببراعة، حيث تعاني شخصيته في الفيلم من ظروف عائلية ومالية صعبة، جعلته يرجع إلى قرية الطفولة (بارادايس) بعد وفاة أبيه ليرعى أمه المسنة، ورفقة ابنه الذي تربطه به علاقة مضطربة بسبب هذا الانتقال والبعد عن والدته.
ويعمل كيفن مكاي في شركة صغيرة لباصات المدارس، ويصادف يوماً سيئاً يمرض فيه ابنه، وكلبه، ورغم ذلك عليه أن يعمل ويوصل الطلبة في الأوقات المحددة، وتزداد الظروف تعقيداً عندما يندلع حريق في الغابات القريبة من القرية، فتطلب منه الشركة أن يوصل 22 طالب ابتدائي علقوا في المدرسة أثناء الحريق مع أستاذتهم ماري لودفيج (تؤدي دورها أميركا فيريرا).
وما ظنه الناس حريقاً عادياً في الغابة، يتحول فجأة إلى حريق واسع النطاق، ويتحول إلى أكبر حرائق كاليفورنيا دماراً، ويحاصر القرى الواحدة تلو الأخرى، وينحصر الناس في سياراتهم بسبب الازدحام المروري والإغلاقات، لتزداد الكارثة، وعلى كيفن مكاي أن يجد طريقاً آمناً وسط هذه الكارثة لإيصال الأطفال إلى بر الأمان، والرجوع إلى ابنه وأمه اللذين لا يعرف مصيرهما.
حاول المخرج، وكاتب السيناريو أن يركزوا على تحليل أسباب الحريق، والمخالفات التي وقعت أثناء الكارثة، وهو ما ركزت عليه أيضاً كاتبة الرواية ليزلي جونسون، فأسباب الكارثة تتحملها شركات كبيرة المسؤولة عن الكهرباء في تلك المنطقة، فالأسلاك الكهربائية التي انقطعت هي سبب الحريق، بل وهي سبب استمرار الكارثة وتوسع نطاقها، فرغم التوصيات بإيقاف التيار الكهربائي عن أبراج التوصيل إلا أن الشركة تأخرت بذلك لتعمق أصل المشكلة التي تسببت بها.
عدم التعمق في تفاصيل
وأثنت صحيفة نيويورك تايمز على الفيلم من ناحية «التصوير المثير، والمونتاج المميز» ولكنها انتقدت عدم التعمق في تفاصيل «الأشرار الحقيقيين»، وهي تقصد هنا إحدى الشركات، التي فشلت في صيانة خطوط نقل الكهرباء التي يقدر عمرها بمئة عام، وحاولت إعلان إفلاسها بعد الكارثة، ودفعت 13.5 مليار دولار تعويضات للناجين من حرائق الغابات، واعترفت بالذنب في تهم متعددة منها القتل غير العمد، ولكن رغم ذلك عادت الشركة مرة أخرى من الإفلاس، بل أصدرت تقريراً يقول إنها «في طريقها لتحقيق نتائج مالية قوية لعام 2025».
واستكملت الصحيفة نقدها منتقدة الحوار «التقليدي» وغير المبتكر، وكذلك وجهت نقداً للممثلة أميركا فيريرا بكونها أدت شخصيتها بطريقة «مبتذلة»، ولا يمكن التفاعل معاها.
دراما إنسانية مؤثرة
ومن جانبها اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الفيلم «دراما إنسانية مؤثرة»، ولكنها أكدت أن ميزة الفيلم الترفيهية تتغلب على الدراما الإنسانية، موجهة نصيحة بمشاهدة الفيلم بالشاشات السينمائية قبل عرضه على منصة أبل (وكان عرضه محدوداً جداً في بعض شاشات السينما الأمريكية قبل أن ييدأ عرضه على منصة أبل في 3 أكتوبر).
وأضافت أن النجم ماثيو ماكونهي أدى في الفيلم «أحد أكثر أدواره جرأة وهدوءاً»، واستطاع النيل من الدور بتقديم شخصية الرجل الكريم، والبائس في ذات الوقت، ويحاول أن يحافظ على رباطة جأشه ومواصلة حياته رغم كل الصعاب والظروف الخارجة عن إرادته.
وكان احتفاء «واشنطن بوست» بالفيلم أكثر من زميلتها «نيويورك تايمز»، ربما يعود ذلك لكون الروائية ليزلي جونسون كاتبة القصة الأصلية أصبحت مراسلة للصحيفة بعد ذلك.
أداء مصطنع
من جانبها، قالت صحيفة الغارديان البريطانية أن الفيلم جرى تصويره «بديناميكية وأداء جاد»، ولكنها أيدت رأي «نيويورك تايمز» بنقد أداء الممثلة أميركا فيريرا واصفة إياه بـ«المصطنع»،
مصداقية كبيرة
فيما نشرت مجلة التايم الأمريكية تصريحات حصرية لمخرج الفيلم بول غرينغراس، قال فيها إنه أعجب بالقصة منذ أول مرة قرأها، وأنه مهتم «للعوامل التي تحرك عالمنا اليوم» وضرب لذلك مثلاً بفيلمه (كابتن فيليبس) الذي جسد معنى العولمة في إطار درامي، بينما تتناول قصة فيلم The Lost Bus «قصة سينمائية مصغرة عن النجاة».
وأكد غرينغراس أيضاً أنهم حاولوا إيصال القصة الحقيقية بمصداقية كبيرة، رغم اتخاذهم قرارات مخالفة للقصة الأصلية، كاستبعاد شخصية آبي ديفيس، المعلمة الثانية على الباص رفقة ماري لودفيج، التي رفضت أن يتقمص دورها في القصة والفيلم.
وأضاف غرينغراس أن نجما الفيلم ماكونهي، وفيريرا قابلا الأبطال الحقيقيين للقصة لفهم ما مروا به بشكل أقرب، ولكنهم لم يقابلوا أي من الأطفال حفاظاً على حقوقهم لكونهم قصّر.
الفيلم مليء بالإثارة الممتعة
والجدير بالذكر أن ابن النجم ماثيو ماكونهي الحقيقي ليفي شارك في الفيلم بدور ابنه في الفيلم، وكذلك شاركت أمه الحقيقية كاي مكابي بدور أمه في الفيلم أيضاً. وأكد موقع Entertainment Weekly أن ليفي ابن ماكونهي شارك في اختبارات التمثيل من دون الكشف عن اسمه الحقيقي في البداية، قبل أن يعلن ويكشف عن اسمه الحقيقي بعد ذلك.
وبشكل عام يعتبر الفيلم جيداً على المستوى الترفيهي، ومليء بالإثارة الممتعة، وكذلك مؤثر في المستوى العاطفي، رغم أن الكارثة كانت تستحق فيلماً أكبر، وإنتاجاً أكبر من ذلك بالطبع، وكذلك تعتبر نقطة التعمق في مسؤولية الشركات عن هذه الحرائق نقطة سلبية في الفيلم.