اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
يخت... الرئيس
هذه الخاطرة جزء من فترة تعاملي ما بعد الحرب العراقية ــ الإيرانية
قبل الغزو، جاء إلى مكتبي أحد مسؤولي السفارة العراقية، وقال لي: راح نأتي بيخت الرئيس للصيانة، فأجبته بأنني لا أمانع ذلك، لأنه بالنسبة لنا عمل تجاري. بعدها بأسبوعين، وردني اتصال تلفوني من شخص من الديوان الرئاسي، بأن اليخت يصل إلينا الأسبوع القادم.
بعد أسبوع وصل اليخت الرئاسي ورسا على الرصيف، على ظهره حراسة مكونة من 45 شخصاً، وعلى رأسهم ابن أخت رئيس أركان الجيش العراقي عبد الجبار شنشل، وكان يقضي كل صباح فترة لا تقل عن ساعتين في مكتبي، وكان كابتن اليخت ضابطاً من الموصل برتبة عقيد، وكان معه في مكتبي كل صباح وهما يحاولان أن يكوّنا معي علاقة خاصة.
بقي اليخت عندنا 3 أسابيع، فدعوني لأطلع على اليخت من الداخل، كان اليخت بطول حوالي 70 متراً، وفي الداخل عدة غرف نوم ومسرح يتسع لحوالي 150 شخصاً، والحمامات مذهبة، وفيه مصعدان كهربائيان؛ لأنه مكون من ثلاثة طوابق، وكان مفروشاً بالسجاد والأثاث الفاخر، وعلمت أن اليخت مصنوع في الدنمارك، وهذا يخته البحري، ولديه يخت نهري آخر.
في صباح كل يوم كنا نرى أحد العاملين لدينا مرمياً على الأرض ملطخاً بالدماء، بعد أن كان المسكين يمشي وقرب إلى جانب اليخت ليلاً، وكنت أخبر أفراد أمن الدولة الذين معنا في الشركة خلال تلك الفترة. انتهينا من صيانة اليخت، وقبل المغادرة طلبت من الكابتن دفع مبلغ الصيانة، فأجابني: ما تحولت لك الفلوس من وزارة المواصلات؟ فأجبته: لا.
وعلى الفور قال لي: أعطني التلفون وطلب وزير المواصلات، فأجابه السكرتير بأنه في اجتماع، فقال له الكابتن خل يخرج الوزير من الاجتماع حالاً خرج الوزير من الاجتماع، وانهال عليه الكابتن بالصراخ، وقال له في النهاية الحين تحول المبلغ، فدفع المبلغ وغادر اليخت من عندنا.
كان ذلك قبل الغزو، كان المسؤول الأمني يتصل بي يومياً، ويقول: الرئيس يدعوك دعوة خاصة لزيارته. وكنت أجيبه: الأيام عندي شغل وايد إن شاء الله لما أتفرغ. وقبل ثلاثة أيام من الغزو اتصل بي، وقال: أنا جايك الكويت آخذك بدعوة من الرئيس، وفعلا حصل الغزو بعد ذلك، واختفيت، وكانوا يدورون علي، حيث كنت وحدي في البلاد، وعائلتي في لندن، حتى أنهم عرفوا بيتي وسكنوا فترة فيه بانتظاري، وجاري الأستاذ عبدالله الأيوب كان يخبرني بذلك، وأشار علي بالخروج من البلاد، فخرجت في أوائل أكتوبر عن طريق البصرة، متنكراً باسم إيراني مستعار بمهنة خباز، ومن هناك في نفس اليوم إلى إيران.
تم تأسيس المدرسة الجعفرية في سنة 1330هـ 1912م بأمر من سماحة آية الله العظمى ميرزا علي بن ميرزا موسى الحائري (قدس سره)، ويرجع تاريخ هذه الصورة الجماعية إلى سنة 1358هـ الموافق 1940م.
الغزو... والخروج من الكويت
آل معرفي... و«معشور»
حسينية معرفي
العيش مع الأميركان
بعد ثلاثة أسابيع اتصلت العائلة مع العوائل الأخرى التي كان الآخرون من الإخوة يعيشون معها، ودعوهم لقضاء أحد أيام السبت للتجمع عندنا لحفلة غداء على البحيرة. وأتذكر من الإخوة عدنان مهلهل الياسين، وعلي سمران المطيري، وآخرين لا تسعفني الذاكرة لتذكرهم. كانت مدة إقامتي مع هذه العائلة شهراً، وكنت أذهب في صباح كل يوم مع الشايب إلى دكان له لبيع الخشب وأدوات النجار.
في يوم تجمعنا دعتني العائلة التي كان يعيش معها الأخ علي المطيري أن أقيم معها عندما يتركها الأخ علي المطيري، فأخذتني العائلة التي عشت معها شهراً إلى العائلة الأخرى في مدينة ترنتن على بعد ساعتين، عشت شهراً آخر مع العائلة الأخرى.
خلال تلك الفترة وكان نهاية شهر أغسطس، أخبروني بأننا سنذهب إلى العاصمة واشنطن، حيث كانت المسيرة الكبرى التي قادها القسيس المشهور مارتن لوثر كنج الابن، حيث شاركت فيها الجماهير من كل الولايات، والتي ألقى مارتن لوثر كنج كلمته المشهورة We shall overcome من مبنى الكابيتول للمطالبة بالحقوق المدنية والمساواة للزنوج.
وأنا أشعر حتى اليوم بأنني سعيد بتلك المسيرة وأنا الكويتي الوحيد الذي شارك فيها.
زمن الصحبة الجميلة
المدرسة الجعفرية
تحيرت كيف أبدأ عن تاريخ المدرسة الوطنية الجعفرية التي قضيت أولى سنوات تعليمي فيها. توكلت على الله، لأبدأ بالشكر له تعالى أولاً، ولأستاذي ومعلمي ووالدي السيد محمد حسن الموسوي رحمه الله، الذي كان ناظر المدرسة عند بداية دراستي فيها عام 1951، وأنا في الخامسة من عمري.
وبعد تخرجي وحصولي على بكالوريوس الهندسة من الولايات المتحدة، لا أستطيع أن أصور لكم سروره وبهجته، عندما كان يراني، وكنت أقبّل رأسه، وكان هذا بلا شك ليس معي فقط، بل مع جميع طلابه، ويرى منهم من أصبح مهندساً أو طبيباً أو متخصصاً في أي مجال. هذا الأستاذ الذي كان يرى كيف أينعت البذرة التي غرسها فأصبحت زهوراً جميلة في كويتنا الحبيبة.
عمي الحاج أحمد محمد حسين معرفي، كان صاحب فكرة إنشاء هذه المدرسة كثالث مدرسة نظامية بعد المباركية والأحمدية، في عهد الشيخ أحمد الجابر، رحمه الله، عام 1938، بتبرعات أهل الخير من بلد الخير.
تبرع الشيخ أحمد الجابر بمبلغ ألفي روبية هندية، وأقيمت في مبنى ملك الحاج إسماعيل محمد علي بن حيدر معرفي، قرب مسجد الخليفة، وأمام مبنى وزارة التخطيط سابقا، وحضر حفل افتتاحها راعي النهضة التعليمية الشيخ عبدالله الجابر، رحمه الله، نيابة عن الشيخ أحمد الجابر عام 1939. وكان الأستاذ محمد علي العادلي العراقي الجنسية أول ناظر لها. واستعان بالمنهج العراقي أساساً للتعليم فيها، وتولى من بعده العم جاسم إسماعيل معرفي نظارة المدرسة لمده قصيرة، ومن بعده السيد محمد حسن الجواهري الملقب بالملا ميرزا الشيرازي الذي فتح مدرسة خاصة لتعليم الإنكليزية.
درس الكثيرون من جيل والدي اللغة الإنكليزية على يديه، وبعده تولى السيد محمد حسن الموسوي النظارة. بعد وفاة عمي أحمد تولى رعاية هذه المدرسة ابن عمه صاحب اليد الخيرة الحاج محمد رفيع حسين معرفي، رحمه الله، واستمر أبناؤه برعايتها حتى يومنا حفظهم الله.
درس في هذه المدرسة الكثير من أبناء الشيوخ على فترات متقطعة، منهم المرحوم الشيخ جابر العلي، والشيخ سالم العلي رحمه الله، وعيال المرحوم الشيخ صباح الناصر، والعديد من الشيوخ، لأنها كانت قريبة من فريج الشيوخ. وكان الشيخ صباح الناصر مهتماً بحضور طابور الصباح، وكنا ننشد نشيد «موطني» الشهير.
وكان من المدرسين الذين درسوا في الجعفرية الأستاذ يعقوب الناصر الذي كان شديداً، ويطق بالمسطرة، والأستاذ عبدالله المطلي الذي كان على العكس لطيفاً معنا، ثم الأستاذ فهد الموسى الذي جاءنا من الزبير، ثم ترك المدرسة وصار ضابطاً في الشرطة. ومن المدرسين الآخرين الذين درسوا فيها قبل جيلي الأساتذة محمد النشمي، ودعيج العون، ومحمد الجسار الذي درسني في مدرسة الصديق، عندما أنهيت 6 سنوات في الجعفرية.
قائمة من درسوا في المدرسة الجعفرية والأساتذة طويلة، وكان معروفاً في ذلك الوقت أن من ينتقل من الجعفرية إلى المدارس المتوسطة كانوا من الأوائل في الدراسة، حيث كان منهج الدراسة في الجعفرية أقوى من مدارس الحكومة.