اخبار العراق
موقع كل يوم -وكالة موازين نيوز
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
موازين نيوز - بغداد
أكد الباحث بالشان السياسي العراقي د. ضياء واجد المهندس انه في بلدٍ مثقل بالديون والأزمات السياسية، لم تعد ممتلكات الدولة في العراق تمثل 'ملكاً عاماً' بالمعنى الاقتصادي والسياسي، بل أصبحت تمثل في نظر بعض القوى 'غنيمة مؤقتة'، تباع وتُشترى بلا رؤى تنموية، ولا خطط مستقبلية.
وقال المهندس لـ موازين نيوز إنه 'منذ عام 2003، بدأت موجة متصاعدة من تصفية الأصول العامة في العراق، شملت عقارات ومصانع وأراضٍ ومقرات حكومية، وصولاً إلى القصور الرئاسية التي كانت يومًا ما ترمز لهيبة الدولة '، متسائلا:هل كانت هذه الإجراءات ضرورة اقتصادية؟ أم كانت بابًا واسعًا للفساد وتصفية ثروات البلاد لصالح فئة محددة؟
وأضاف انه ' ووفقا لأرقام تكشف عمق المشكلة ووفق تقرير ديوان الرقابة المالية لعام 2023 تم بيع أكثر من 12 ألف عقار حكومي في عموم العراق خلال السنوات الخمس الأخيرة وأكثر من 60% من هذه العقارات بيعت بأسعار أقل من قيمتها السوقية الحقيقية، ما تسبب بخسائر تتجاوز 3.2 تريليون دينار عراقي'.
وتابع كما 'ووفقا لهيئة النزاهة فانه نحو 71 مصنعًا حكوميًا تم بيعه أو 'تحويل ملكيته' إلى القطاع الخاص بين عامي 2005 و2022 فما يقارب من 87% من هذه المصانع توقفت عن العمل نهائيًا، ما تسبب بخسارة آلاف الوظائف، وانخفاض كبير في الإنتاج المحلي أما عن القصور الرئاسية، فتشير مصادر حكومية إلى تحويل 35 قصراً ومجمعاً رئاسياً إلى استثمارات تجارية أو سكنية خاصة'.
واشار الى انه لم تُستثمر أيٌّ منها في مشاريع ثقافية أو خدمات عامة، رغم مقترحات سابقة بتحويل بعضها إلى متاحف أو جامعات فالأسباب الحقيقية وراء البيع رغم التبريرات التي تسوقها الجهات الحكومية، مثل العجز المالي، وتخفيف العبء الإداري، فإن الواقع يكشف عن أسباب أعمق الا وهو الفساد المنظّم فبعض عمليات البيع تمت عبر لجان غير مستقلة، أو بأساليب ملتوية تُظهر أن 'المزاد' قد حُسم قبل أن يبدأ وغياب التشريعات الرادعة: قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 21 لسنة 2013، لا يحتوي على آليات شفافة لضمان الرقابة الشعبية أو القضائية استغلال النفوذ السياسي حيث ان كثيرا من هذه الممتلكات انتهت في يد متنفذين أو أقاربهم عبر شركات واجهة'.
وتابع المهندس بالقول إن 'النتائج الكارثية على المدى البعيد منها تدهور الأمن الغذائي كتحويل الأراضي الزراعية إلى مجمعات سكنية ساهم في تقليص الرقعة الزراعية بنسبة 28% خلال عشر سنوات والاعتماد على الاستيراد كون ان العراق يستورد اليوم أكثر من 85% من حاجاته الصناعية والاستهلاكية وزيادة البطالة من خلال إغلاق المصانع المبيعة والتي أدت بالنتيجة إلى فقدان أكثر من 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وفقدان السيطرة على الثروة العقارية: لا توجد قاعدة بيانات موحدة توضح حجم أملاك الدولة المتبقية، أو طريقة التصرف بها'.
ولفت الى ان 'الحلول موجودة ولكن الإرادة غائبة كتجميد البيع فورًا وإعلان وقف مؤقت لجميع صفقات بيع أملاك الدولة لحين مراجعة شاملة وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة الأصول العامة، تضم خبراء اقتصاد وقانونيين، وتشرف على إعادة تقييم واستثمار الأصول وتشريع قانون 'صندوق الأملاك العامة'، يتم من خلاله استثمار ممتلكات الدولة كأصول إنتاجية بدل بيعها وإشراك المواطنين منها إعلان كل صفقة بيع بشكل علني، عبر منصات رقمية، تسمح للرقابة الشعبية والإعلام بمتابعتها'.
وختم بالقول إنه 'بالاضافة الى ذلك من الممكن إعادة تأهيل المصانع ةدعم شراكات بين الدولة والقطاع الخاص لإعادة تشغيل المصانع، ضمن ضوابط شفافة في وقت يرى المواطن العراقي كيف تُباع ثرواته قطعةً قطعة، في صفقات لا تنفعه، ولا تنعش الاقتصاد، بل تزيد من شعوره بالتهميش'، داعيا الى ضرورة اجراء وقفة وطنية جادة لإعادة تعريف مفهوم 'الملكية العامة' في العراق، ليس على الورق فقط، بل في أرض الواقع، عبر تشريعات وإجراءات تحوّل الأملاك العامة إلى مصادر إنتاج لا مصادر نهب فالعراق ليس للبيع،وممتلكاته ليست غنيمة بل أمانة يجب أن تُحمى وتُستثمر لصالح الأجيال القادمة'.