اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٢ أب ٢٠٢٥
22 غشت، 2025
بغداد/المسلة: شهدت طهران خلال الأيام الماضية حالة لافتة من التعبير الرمزي، بعدما غمرت شوارعها لوحات وشعارات حملت عبارات شكر للشعب العراقي، في مشهد بدا أقرب إلى خطاب دبلوماسي موجه من الشارع إلى الشارع، ومن المجتمع إلى المجتمع، يعكس ما بات يُعرف في القاموس السياسي بـ'الدبلوماسية الشعبية'.
وأراد صانعو هذه اللوحات أن يوجهوا رسالة تتجاوز حدود الطقوس الدينية، إذ حملت الكلمات المختصرة 'شكراً لشعب العراق' حمولة سياسية واجتماعية مكثفة، فبدت وكأنها تترجم اعترافاً إيرانياً بالوزن الشعبي العراقي في معادلة زيارة الأربعين، حيث احتضن العراقيون ملايين الزائرين القادمين من إيران ودول أخرى، في لحظة التقاء استثنائية بين السياسة والثقافة والدين.
وحرص الإعلام الإيراني على إبراز هذه الخطوة باعتبارها استجابة مباشرة للتجربة الإنسانية التي عاشها الإيرانيون خلال مراسم الزيارة، لتصبح اللوحات أداة لتأطير هذه الضيافة في سردية رسمية، تؤكد أن العلاقة بين البلدين ليست فقط نتاج قرارات سياسية أو تفاهمات بين الحكومات، بل هي أيضاً ثمرة علاقة مجتمعية متجذرة، تنسجها الذاكرة المشتركة والمناسبات الدينية العابرة للحدود.
وأكد مسؤولون في طهران أن زيارة الأربعين تحولت إلى ما يشبه 'القوة الناعمة المشتركة' بين العراق وإيران، فهي ليست مجرد مسار ديني بل جسر لتقريب المجتمعات وإعادة صياغة التوازنات في المنطقة عبر أدوات ناعمة، الأمر الذي يفسر هذا التوظيف الرمزي المكثف للوحات الشكر التي انتشرت في الميادين الكبرى.
وأثارت صور اللوحات المتداولة في منصات التواصل الاجتماعي نقاشات واسعة بين النشطاء، حيث رأى بعضهم أنها خطوة طبيعية تليق بالكرم العراقي، فيما اعتبر آخرون أنها رسالة تتجاوز الشكر العابر إلى تأكيد عمق الروابط الشعبية التي قد تكون أكثر رسوخاً من أي تحالف سياسي، في وقت تعيش فيه المنطقة تحولات حادة وتنافساً على سرديات النفوذ.
وتحولت زيارة الأربعين مرة أخرى إلى ساحة لاختبار أدوات السياسة الناعمة، إذ وظفت طهران الرمزية البصرية لتأكيد الامتنان وبناء سردية قوامها أن التلاحم الشعبي قادر على تجاوز الحسابات الرسمية، وأن مسار العلاقات بين بغداد وطهران لا يُكتب فقط في القصور السياسية، بل أيضاً في الشوارع المزدحمة باللافتات والوجوه والذاكرة الجماعية.
About Post Author
Admin
See author's posts