اخبار العراق
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٠ حزيران ٢٠٢٥
أظهرت صور مواقع التواصل الاجتماعي أنها من نوع 'بانستير أس1' الروسية الصنع
في خطوة احترازية بعد تصاعد حدة حرب الصواريخ والطائرات المسيرة المشتعلة بين إسرائيل وإيران، نشر العراق منظومة الدفاع الجوي في أماكن وأنحاء مختلفة، وأظهرت صور مواقع التواصل الاجتماعي أنها من نوع 'بانستير أس1' الروسية الصنع.
وتبدو الخطوة العراقية رد فعل على اختراق الطائرات الإسرائيلية الأجواء العراقية، التي على أثرها رفع العراق شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، متهماً إياها باستخدام أجوائه في ضرب إيران، معتبراً أن في ذلك 'تجاوزاً لأحكام القانون الدولي'.
ويعمل الجيش العراقي على تطوير منظومات الدفاع الجوي العراقي، ولهذه الغاية عقد اتفاقاً في سبتمبر (أيلول) 2024 لشراء ثماني بطاريات معروفة باسم 'تشيونغونغ'، من قبل شركة 'أل آي جي نيكس ون'، ذات المدى المتوسط، لزيادة قدرات الجيش العراقي، بقيمة تبلغ نحو 2.78 مليار دولار، فيما وقع عقداً مع شركة 'تاليس' الفرنسية في يوليو (تموز) 2022 لتزويده برادارات متطورة بعيدة المدى من طراز 'جي أم-400' ضمن توجه للحكومة الاتحادية لتعزيز سيادة العراق الجوية.
حماية الأهداف الحيوية
وبحسب قائد الدفاع الجوي العراقي مهند غالب الأسدي في تصريحات أدلى بها، فإن 'القوات المسلحة ومنظومات الدفاع الجوي تمارس دورها الطبيعي لحماية العراق وأجوائه والأهداف الحيوية تحسباً لأي طارئ'، وذلك في ظل خروقات إسرائيل الأجواء العراقية مع استمرار هجماتها على إيران.
ويبدو أن نشر هذه المنظومات في عدد من محافظات العراق له دلالات كثيرة، فعلى رغم أنها ذات أمدية منخفضة فإنها تستطيع مجابهة الطائرات المسيرة، إضافة إلى كونها رسالة للداخل والخارج تفيد بتوجهها لاستخدام كل إمكاناتها لمنع خرق أجواء العراق.
معالجة الأهداف المنخفضة
ويبين المتخصص في المجال الأمني مخلد حازم أن منظومة 'بانستير' منظومة قادرة على التعامل مع الأهداف ذات الارتفاعات المنخفضة، كاشفاً عن إمكانات الدفاع الجوي العراقية غير المكتملة.
وأضاف حازم 'عدد بطاريات الدفاع الجوي لا يغطي كل مساحة العراق، ونحن نحتاج إلى تأمين السيادة العراقية من خلال شراء منظومات صاروخية ورادارية، إذ إن منظومات ’بانستير‘ ليست من المنظومات المتطورة ولا قدرة لديها على التعامل مع الأهداف غير الصديقة التي تحلق على ارتفاعات عالية ومتوسطة، وإنما التعامل فقط مع الأهداف المنخفضة'.
وفي مساعيها إلى تأمين أجوائها في ظل التوترات المحيطة، وقعت وزارة الدفاع عقوداً مع فرنسا وكوريا الجنوبية لتجهيز العراق بمنظومات أكثر تطوراً، فضلاً عن جهود يقوم بها العراق للتفاوض لشراء طائرات 'رافال' الفرنسية.
الطائرات الشبحية
وأكد حازم أن منظومات الدفاع الجوي عملية معقدة وكل جزء مرتبط بالآخر من رادارات وصواريخ ونظم سيطرة، مشيراً إلى أن الطائرات التي تخترق الأجواء في بعض الأحيان تكون طائرات شبحية وهذه الطائرات يصعب على الرادارات والمنظومات الصاروخية التقليدية والمتطورة التعامل معها، لكونها مصنوعة من مواد معينة لا تعكس أشعة الرادار وتمتصها ومن ثم تستطيع أن تصل إلى أهدافها من دون كشفها.
وأوضح حازم أن هناك سباقاً للتسلح ومن ثم فالأسلحة بدأت تتطور وتلحظ دخول أسلحة الأجيال الخامسة والسادسة والسابعة، وهذه المنظومات دائماً تعالج الأخطاء السابقة، وبذلك حتى إيران التي لديها منظومات أكثر تطوراً من منظومات 'أس 300' لم تثبت فاعليتها في هذه المواجهة.
منظومات عالية التطور
وشدد على ضرورة امتلاك العراق منظومات دفاع جوي أكثر تطوراً بحيث تكون قادرة على كسر التشويش الذي يطلق من الطائرات أو الصواريخ، لافتاً إلى أنه حتى منظومات 'الباتريوت' الأميركية وعلى رغم تطورها فإنها لم تستطع التعامل مع الصواريخ 'الباليستية' التي انطلقت من إيران بسبب كثافة الرشقات الصاروخية والقدرة على المناورة.
وخلص حازم إلى القول إن منظومات الدفاع الجوي المتطورة جداً هي حكر على بعض الدول التي تحرص على إبقاء هيمنتها على بقية الدول.
الدفع المعنوي
بدوره بين مدير مركز العراق للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل أن نشر منظومات الدفاع الجوي يدخل في إطار الدفع المعنوي للعراق، وقدرته على رصد واستهداف أي تهديد.
وأضاف فيصل 'أن العراق لم يتسلم لحد الآن منظومات الصواريخ والرادارات للدفاع الجوي التي أبرم عقداً مع كوريا الجنوبية لامتلاكها، كذلك فإن الطائرات الشبح الإسرائيلية وطائرات ’أف 16‘ لا يمكن رصدها بالرادارات الموجودة في العراق، ومن ثم بإمكانها أن تستمر بالطيران من دون كشفها من قبل الرادارات العراقية، ولا يوجد إمكان لإصابة أو استهداف هذه الطائرات المقاتلة الإسرائيلية بصواريخ هذه المنظومات'.
وبين أن هذه المنظومات يمكن أن تستهدف بعض الأجسام القابلة للكشف، إلا أن إسرائيل تمتلك تكنولوجيا متطورة يصعب رصدها سواء في القوة الجوية أو منظومات الصواريخ مثل 'كروز' المتطورة المرتبطة بالطائرات الحديثة، إضافة إلى ارتباطها بالأقمار الاصطناعية التي توجه هذه الصواريخ نحو أهدافها.
الإسرائيليون اليوم استهدفوا مواقع إستراتيجية مهمة داخل إيران تبعد نحو 1225 كيلومتراً وأهدافاً أخرى على مسافة أكثر من 2000 كيلومتر، بمعنى لا تحتاج الطائرات الإسرائيلية إلى الدخول إلى الأراضي أو الفضاء الإيراني، بحسب فيصل، الذي أشار إلى أن الحرب معقدة وبالتأكيد إجراءات العراق هي إجراءات وقائية احترازية في محاولة لإظهار أن الحكومة مهتمة بضمان السيادة الوطنية على الفضاء والبحار والأراضي والأنهار العراقية.
رسائل عدة
بدوره بين الكاتب والصحافي باسم الشرع أن نشر منظومة 'بانستير' في أراضي العراق يحمل رسائل عدة، فيما أشار إلى قدرة هذه الصواريخ على إسقاط المسيرات. وأضاف أن 'قرار القيادة العامة للقوات المسلحة بنشر منظومات الدفاع الجوي قرب الأماكن الحيوية وخصوصاً حقول النفط الجنوبية في محافظتي ميسان والبصرة، هو لبعث رسالة واضحة إلى الداخل والخارج مفادها بأن قرار استخدام السلاح هو قرار الدولة العراقية، وأيضاً رسالة للمطالبين بالتصدي للطيران الإسرائيلي العابر أجواء العراق بأن الدولة ستستخدم قدراتها للدفاع عن مصالح العراق'.
وبين الشرع أن منظومة 'بانستير' الروسية قادرة على إسقاط الطائرات المسيرة، إلا أنها لا تستطيع إسقاط طائرات مقاتلة متطورة، ولهذا فإن نشرها هو قرار مهم من الناحية المعنوية للشارع العراقي ويبعث رسالة اطمئنان بأن هناك دولة تدافع عن مصالحه حتى لو بالحد الأدنى.
وخلص إلى القول إن هذا الأمر يحسب لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فالخطوة جاءت في توقيت مناسب بعد بدء الحرب بين إسرائيل وإيران وحددت من أجل الدفاع عن الأجواء العراقية وليس التدخل في الصراع بأية صورة من الصور بسبب ظروف العراق المعقدة.