اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢١ أب ٢٠٢٥
21 غشت، 2025
بغداد/المسلة: يدخل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اختباراً مبكراً وهو يسعى إلى ولاية ثانية، في وقت تتكثف فيه الضغوط الأميركية المطالبة بإنهاء سطوة الفصائل المسلحة، بينما تصر هذه الفصائل على البقاء باعتبارها درعاً استراتيجياً في معادلة الأمن الوطني.
ويكشف المشهد عن معركة متشابكة الأبعاد، حيث تتقاطع حسابات الداخل مع إملاءات الخارج، وتتحول الانتخابات المقبلة إلى ميدان غير مباشر للصراع على هوية الدولة العراقية بين مشروع “المركزية الحكومية” ومشروع “التعددية المسلحة” الذي يشكل امتداداً لتوازنات ما بعد 2003.
ويشير تقرير “معهد صوفان” الأميركي إلى أن الاشتباك الأخير في منطقة الدورة ببغداد أعاد إظهار ازدواجية السلطة بين مؤسسات الدولة الرسمية ومراكز النفوذ التي تمثلها الفصائل، وهو ما يعكس عجز النظام السياسي عن حسم الجدل حول من يمتلك القرار السيادي في نهاية المطاف.
ويرى مراقبون أن هذه الفصائل ليست مجرد أذرع عسكرية، بل بنية اجتماعية متجذرة تحظى بدعم شريحة واسعة من المجتمع الشيعي، الذي ما زال يستحضر تجربة اجتياح تنظيم الدولة لمساحات واسعة من العراق عام 2014، وما تلاه من تمدد للفصائل كقوة إنقاذية في مواجهة تهديد وجودي.
وتحاول حكومة السوداني أن تمسك العصا من الوسط، فهي من جهة تسعى إلى طمأنة واشنطن والشركاء الإقليميين بأن العراق قادر على فرض سيادته الأمنية، ومن جهة أخرى تحاذر الدخول في قطيعة مع الفصائل التي تمثل ركيزة سياسية داخل الإطار التنسيقي الذي يشكل حاضنتها الأولى.
ويفرض اقتراب الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل على السوداني أن يحسم خياراته بدقة، فاستمرار حالة التوازن الهش قد تمنحه وقتاً إضافياً لترتيب أوراقه، لكنه في المقابل يضاعف المخاطر إذا ما قررت واشنطن رفع سقف الضغط أو إذا ما اختارت الفصائل اختبار قوتها في الشارع.
وتبدو معركة الولاية الثانية بالنسبة للسوداني مشروطة بقدرته على تسويق نفسه بوصفه رجل التوافق الممكن، لكنه يدرك أن صورته بين خيار “رجل الدولة” وخيار “رجل الفصائل” قد تحدد مصير مستقبله السياسي أكثر مما تفعل صناديق الاقتراع.
About Post Author
Admin
See author's posts