اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٥ أب ٢٠٢٥
5 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: ما إن بدأ مجلس النواب العراقي جلسته يوم الثلاثاء، حتى انفرط عقدها بعد خمس وعشرين دقيقة فقط، في مشهد يعكس عمق الانقسام داخل المؤسسة التشريعية، ويفضح التنازع الخفي على الصلاحيات داخل هرم البرلمان ذاته.
وما أفصح عنه النائب محمد الزيادي من أن التداخل بين سلطتي رئيس المجلس محمود المشهداني ونائبه محسن المندلاوي، كان سببًا مباشرًا لرفع الجلسة، ليس تفصيلاً إدارياً عابراً، بل هو مؤشر واضح على صراع مراكز قوى داخلية لم تعد تُخفي نفسها. فقد تحولت الجلسة التي وُصفت بأنها دستورية إلى ساحة نزاع سياسي مفتوح، تراكمت فيها الأجندات المتضاربة، وتقاطعت فيها الإرادات المتناقضة، حتى انفجرت، ولو لفظياً، بين النواب.
وما يُثار عن اشتباكات لم تصل إلى الأيدي، بحسب تصريح الزيادي، يقابله حديث مصادر برلمانية عن عراك حاد بلغ العنف الجسدي، ما يشير إلى بيئة برلمانية تتآكل فيها أدوات الحوار السياسي، ويعلو فيها صوت الفوضى على القانون.
وما كان يفترض أن يكون نقطة انطلاق لقرارات جوهرية تخص التصويت على رئيس وأعضاء مجلس الخدمة الاتحادي، ورئيس مجلس الدولة، وتعديل قانون وزارة التربية، انقلب إلى تراجع مريع عن الحد الأدنى من الانضباط البرلماني. ولعل ما زاد المشهد تعقيدًا هو طرح ملف 'هيئة الحشد الشعبي' للتداول، مدعومًا بجمع 120 توقيعًا، ما عمّق التوترات في توقيت حساس سياسيًا وأمنيًا.
وما يشهده البرلمان العراقي ليس مجرد سوء إدارة جلسات، بل هو صورة مكثفة لانقسام بنيوي يعصف بجسد الدولة. فعندما تتقاطع الشرعيات داخل البيت التشريعي، وتتصادم مراكز القرار دون حسم مؤسسي، تصبح الجلسات مناسبات للتعطيل، لا أدوات للتشريع.
وما يثير القلق أن شلل البرلمان لا يعني فقط تعطيل قوانين، بل يعني بالمقام الأول تعطيل التوازن بين السلطات، وهو ما يفتح الباب لتغوّل التنفيذي، أو صعود نفوذ لا دستوري على حساب الدولة.
About Post Author
Admin
See author's posts