هل تلعب القاهرة دور الوساطة بين طهران وواشنطن؟

في ظل مساعي القاهرة الدبلوماسية لخفض التصعيد في المنطقة التي تشهد توترًا غير مسبوق نتيجة سيطرة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو على الحكومة الإسرائيلية، أزاح بيان للخارجية الستار عن جهود تجريها القاهرة لإعادة استئناف عملية التفاوض بين أمريكا وإيران بشأن البرنامج النووي للأخيرة.

ووفق بيان الخارجية اليوم، فقد جرى اتصال هاتفي بين الوزير الدكتور بدر عبدالعاطي، والمبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، لمناقشة التطورات في غزة، وكذلك تطورات الملف النووي الإيراني، حيث تناول الوزير الجهود والاتصالات الرامية لتهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات، وتقريب وجهات النظر وإتاحة الفرصة للحلول الدبلوماسية والحوار بهدف التوصل لتسوية مستدامة تراعى مصالح جميع الأطراف وتسهم في خفض التصعيد واستعادة الثقة وإيجاد مناخ داعم لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط.

من جانبه، قال محمد خيري الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، إن مصر بالفعل تلعب دورًا مهمًا وحيويًا في سبيل منع انزلاق منطقة الشرق الأوسط لحالة من الفوضى نتيجة الملف النووي، والذي على إثره كانت منطقة الشرق الأوسط هي ساحة الصراع بين إيران من جانب وإسرائيل وأمريكا من جانب آخر، مشيرًا إلى أن مصر تواصل اتصالاتها المكثفة مع الجانب الإيراني والأمريكي للتأكيد على ضرورة التوصل لحل سلمي وتقريب وجهات النظر للتوصل إلى اتفاق مرض بين واشنطن وطهران على غرار اتفاق 2015.

أضاف خيري، وهو مدير وحدة الفكر الإيراني في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن وسائل الإعلام الإيرانية سواء كانت المحسوبة على التيار المحافظ أو الإصلاحي أبرزت دور القاهرة في تقريب وجهات النظر بين الإيرانيين والأمريكيين مؤخرًا من خلال الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي من جانب، ومع المسؤولين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جانب، وهو ما يدلل على أهمية الدور المصري المحوري في المنطقة لمنع نشوب حرب جديدة قد تؤدي إلى أزمات سياسية واقتصادية على المنطقة.

تابع خيري أن محددات مصر في التوسط في تلك الأزمة تستند إلى كون مصر هي أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط من جانب، ومن جانب آخر تسعى مصر لتجنب أي أزمات اقتصادية داخلية قد تنتج عن تأثر حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، حيث تأثرت إيرادات قناة السويس خلال شهر يونيو الماضي بمعدلات قياسية نتيجة الحرب وضربات الحوثيين على السفن المارة في البحر الأحمر، منوهًا إلى أن مصر تعي أيضًَا أن إسرائيل تسعى لتوسيع جبهات الصراع على حساب دول المنطقة، وهو ما يبرز دور مصر في تقويض الرؤية الإسرائيلية تجاه دول المنطقة.

شدد خيري على أن مصر خلال مشاوراتها مع كلًا من الجانب الإيراني والجانب لاأمريكي تؤكد على أهمية التوصل لاتفاق بين الجانبين يضمن تحقيق تهدئة في الشرق الأوسط، وعدم التصعيد بما يخدم مصالح كلًا من إيران والولايات المتحدة والمنطقة بشكل عام، لافتًا إلى أن مصر تنظر إلى أن أزمة العلاقة بين طهران وواشنطن تتمثل في ضرورة التوصل لاتفاق يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني بصرف النظر عن طبيعة البرنامج الصاروخي الإيراني الذي لم يكن مدرجًا أصلا في اتفاق 2015، وبالتالي فإنه حتى لو كانت هناك رؤية أمريكية غربية بشأن البرنامج الصاروخي الإيراني، فإنها لابد أن تبنى أولًا عن قاعدة اتفاق نووي إيراني أمريكي كبادرة حسن نية بين الطرفين.