في ذكرى مولده اليوم.. عالم زهري يرد على المشككين بالسيد البدوي

مولد السيد أحمد البدوي.. تشهد مدينة طنطا ومنطقة مسجد وضريح سيدي أحمد البدوي بشكل خاص، اليوم وخلال الأيام الماضية، زحاما كبيرا، للمشاركة في الاحتفال بمولده، الذي ينتظره السكان والتجار من العام إلى العام.

وتُعتبر احتفالات مولد السيد البدوي في طنطا حدثا دينيًا وثقافيًا وتراثيًا مهمًا يجذب الزوار من مختلف أنحاء مصر والعالم العربي والإسلامي وتتميز الاحتفالات بالعديد من الفعاليات الروحية والاجتماعية.

وفي مثل هذا التوقيت من كل عام، يُذكر عن البدوي الكثير من الأقاويل التي تشكك في قصته وكراماته، كما ذكرت عنه قصص أخرى تحمل وجها آخر، غير مألوف عن الإمام الصوفي، والذى يرى مريدوه أنه إمام جليل وصاحب كرامات.

وفي هذا السياق، قال الدكتور إبراهيم الصوفي، واعظ عام منطقة القاهرة الأزهرية: في الحقيقة إن حالة الانتقادات التي توجه للسيد البدوي- رضي الله تعالى وأرضاه- ليست جديدة، وإنما هي متكررة، حيث يحاول دائمًا أدعياء السلفية صدَّ الناس عن السيد- رضي الله عنه- ظنَّا منهم أن هذا دفاع عن الدين، وحماية لجناب التوحيد.

وأوضح إبراهيم الصوفي في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»: لا شك أن العلم لا يجانبهم وكذا التوفيق في هذه الحرب المفتعلة زورًا وبهتانًا باسم السنة والتوحيد، لكنَّ المدهش في هذه الانتقادات- المعاصرة- أنها أمست تصدر ممن يسمى حديثًا ( اليوتيوبر)، وهو مما يزيد الأمر هشاشًا، ويؤدي إلى أن يضحك الإنسان ملء شدقيه، ولكنه كما يُقال: ضحك كالبكا!

وأوضح «الصوفي» أن الحالة العلمية والفكرية في المجتمع المصري ما زالت تعاني سيولة، لها عواقبها في كل مجالات الحياة، ونقاش حياة السيد البدوي بهذه الصورة التي يتم عرضها بها أكبر دليل على ذلك.

وأكد: على أنَّ أهل الله تعالى من الصوفية يرون أن الانتقادات التي توجه لهم، والإيذاء الذي يجدونه من الخلق دليل الاصطفاء من الحق تعالى حتى قال الإمام الشاذلي رضي الله عنه: «وقد جرت سنة الله تعالى في أنبيائه وأصفيائه أن يسلط عليهم الأذى من الخلق في مبتدأ أمرهم، وفي حال نهايتهم».

وهذا مما يمكن أن نستأنس به ونحن نناقش هذا الأمر.

وعرّف الدكتور إبراهيم الصوفي في تصريحاته لـ«الأسبوع» السيد البدوي، قائلا إنه أبو العباس أحمد بن شهاب الدين بن علي بن إبراهيم بن محمد، ينتهي نسبه إلى مولانا الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه، فهو من آل البيت رضي الله تعالى عنهم.

وتابع: ولد السيد البدوي في فاس بالمغرب، لأن أجداده انتقلوا إليها أيام (دولة الحجاج بن يوسف الثقفي)، حين أكثر القتل في الأشراف.

وذكر واعظ عام منطقة القاهرة الأزهرية أن السيد البدوي قد عاش بفاس وتنسم هوائها، وبها بدأ تعليمه وحفظه للقرآن الكريم، ثم انتقل مع أسرته إلى مكة المكرمة في عام 603 هـ، وفيها بدأ السيد رضي الله عنه يُكمل تعليمه من خلال دراسته المنتظمة، حيث، أتقن حفظ القرآن الكريم، وعلم التجويد، والقراءات، ودراسة الفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.

ولم يقف تعلم السيد البدوي عند العلوم الشرعية فحسب، بل أخذ يتعلم ( الفروسية) وأساليب وفنون القتال، حتى قال نور الدين الحلبي:' فاتفق وقوع حرب في مكة المكرمة، فخرج وضرب بسيفين حتى تعجب الناسُ من شجاعته'.

ولعل شجاعة السيد- رضي الله عنه- كانت السبب في عدد من الألقاب التي عُرف بها ومنها، (العطاب) أي الفارس المقدام، ومنها ( أبو الفتيان).

وفي مكة المكرمة مات والده، ودفن بباب المعلا، وكان السيد البدوي قارب نيفًا وثلاثين عامًا، وهنا بدأ رحمه الله تعالى يلقي بكيانه كله في معركته الأولى ( البحث عن الكمال).

وواصل «الصوفي»: لقد أخذ السيد البدوي نفسه بسلوك طريق (التصوف) في مكة المكرمة، حيث لزم العبادة واختلى، وأراد أن تكون معاملته مع الله تعالى معاملة خاصة، فقد كان يتعبد بجبل أبي قبيس وفتح عليه، وسلك الطريق على عادة أهل السلوك على أحد أصحاب أبي نعيم، وأصحاب السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنهم، فكان صاحب سلوك ومجاهدة.

واستشهد الدكتور إبراهيم الصوفي بقول الإمام الأكبر شيخ الأزهر عبد الحليم محمود: «لقد أتم السيد البدوي الخطوات العادية في طريق القوم، فأخذ العهد، والخلوة، والاستقامة، ثم كانت الواردات الإلهية»

واستكمل: ثم انتقل رضي الله عنه إلى العراق، فلقي بها نفرًا من أهل الله تعالى، وتزود بها بما في العراق من العلم والمعرفة، ثم عاد مرة أخرى إلى مكة المكرمة، واستغرق فيها في العبادة والجمع على الله تعالى حتى جاء الأمر له بالذهاب إلى مصر المحروسة، وأن يعيش بها في ( طنطا)، حيث رأى في منامه من يقول له: «سر إلى طنطا، فإنك تقيم بها وتربي رجالًا وأبطالًا».

وبيّن واعظ عام منطقة القاهرة الأزهرية: لما استقر مقام السيد البدوي بطنطا أخذ يربي الرجال في مدرسته بها، ويستقبل العلماء والفقهاء والمتكلمين والمريدين، ولما استقام بها تلامذته أخذ يوجه أصحاب العلم والمعرفة منهم إلى الأقاليم لدعوة الناس إلى الله تعالى، وجمعهم عليه تعالى، كما هو حال الدعاة إليه تعالى.

وكما كانت مدرسته محلًا لتربية المريدين وإعداد الدعاة الصادقين، كانت كذلك مكانًا لعقد الندوات العلمية، كما حدث في موقف الإمام ابن دقيق العيد مع السيد البدوي رضي الله عنه وأرضاه.

ونوّه «الصوفي»: مما يظهر منهج السيد البدوي رضي الله عنه وصيته لخليفته عبد العال: «عليك بكثرة الذكر، وإياك أن تكون من الغافلين.

إياك وحب الدنيا فإنه يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل.

يا عبد العال: لا تؤذ من يؤذيك، وأعف عمن ظلمك، وأحسن لمن أساء إليك، وأعط من حرمك.. .».

واختتم الدكتور إبراهيم الصوفي حديثه قائلا: ومما يعطي إشارة إلى بعض آثار السيد البدوي ما قاله الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود: «لقد كانت آثار السيد البدوي في الخير ضخمة، وستستمر آثاره إلى أن يرث اللهُ الأرض ومن عليها».