اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٤ كانون الأول ٢٠٢٥
لا تزال نتائج اجتماع المبعوث الشخصي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غير معلوم نتائجها، فيما يتعلق بفرص وقف الحرب الروسية الأوكرانية، بينما يواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جولاته على العواصم الغربية بحثًا عن المال والمعونة، ويعجز برلمانه عن استئناف جلساته تحت وطأة محاصرة المعارضة منصة اجتماعاته طلبًا لإقالة الحكومة.
زيارة ويتكوف التي رافقه فيها للمرة الأولى جاريد كوشنير صهر ترامب، تأتي في أعقاب تعالي أصداء الإشاعات التي كثيرًا ما لاحقت ويتكوف منذ أول لقاءاته مع بوتين، إذ سبق واتهمه معارضو ترامب بالتأثير في الرئيس الأميركي منذ أول لقاء جمع بين الرئيسين الأميركي والروسي في العاصمة الفنلندية هلسنكي في يوليو عام 2019. وكان ويتكوف رفض طلب زيلينسكي الاجتماع به في دبلن، كما ألغى اجتماعًا كان مقررًا معه في نوفمبر الماضي في تركيا.
لماذا كوشنير؟
ووفق تقرير إندبندنت عربية فقد جاء انضمام كوشنير إلى ويتكوف منذ بداية الاتصالات الروسية - الأميركية، بمثابة المفاجأة لبعض المراقبين، وإن استقبله آخرون من منظور اتساقه مع النهج الذي كثيرًا ما حدد ملامح اختيار الرئيس الأميركي لمساعديه ومعاونيه وأعضاء فريقه من دائرته القريبة سواء العائلية منها أو العملية ممن يرتبط بهم في مجال نشاطه المالي والعقاري.
وهناك من اعتبر ذلك محاولة لدرء ما سبق ولاحق ويتكوف من اتهامات بوقوعه، شأنه شأن الرئيس ترامب كما يقال، في 'شباك' الرئيس الروسي.
فيما تذهب تقديرات أخرى غير إلى أن الهدف من مشاركة كوشنر هو تسريع وتيرة المفاوضات واستغلال قنوات الاتصال الشخصية لدفع عملية السلام التي كانت تبحث عن اختراق سريع، كما أن ذلك يهدف إلى دفع مفاوضات السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مستفيدًا من علاقات كوشنير الشخصية مع الجانب الروسي وما يتمتع به كقناة اتصال موثوقة أثبتت فعاليتها سابقًا خلال تسوية الأزمة السورية.
كما يقول مراقبون كثر، إلى 'ميل إدارة ترمب إلى الدبلوماسية المباشرة عبر ممثلين شخصيين، سعيًا إلى بناء الثقة وتجاوز البيروقراطية بدل الاعتماد الكامل على الجهاز الدبلوماسي الرسمي'، فضلًا عن علاقته المباشرة مع الرئيس ترمب بما 'يسمح بنقل الرسائل والحصول على تأكيدات بصورة قد تكون أسرع وأكثر وضوحًا من القنوات الدبلوماسية التقليدية'.
وهناك من يقول إن ويتكوف وكوشنير كانا على اتصال سابق بشخصيات روسية على غرار كيريل دميترييف، رئيس صندوق الاستثمارات الأجنبية، الذي اختاره بوتين مبعوثًا شخصيًا له للاستثمارات الأجنبية، بعد أول حوار مباشر جمع في الرياض بين ممثلي روسيا والولايات المتحدة في وقت مبكر من العام الحالي.
وبحسب تقرير إندبندنت فإن الزج بجاريد كوشنير في أتون المحادثات وإعداد خطة السلام بين روسيا وأوكرانيا، ومعها من يريد من البلدان الأوروبية، لم يكن سوى 'مجرد محاولة لتسريع وتيرة المفاوضات واستغلال قنوات الاتصال الشخصية لدفع عملية السلام التي كانت تبحث عن اختراق سريع'. كما يعكس ذلك ميل إدارة ترامب إلى الدبلوماسية المباشرة عبر ممثلين شخصيين بدل الاعتماد الكامل على الجهاز الدبلوماسي الرسمي، لدرجة قد تترك لجاريد كوشنير الفرصة لإعداد ما صار يسمى بـ'خطة ترامب للسلام'، التي أعادها صهره ثانية لنقاطها الـ28.
وكان ترمب استهل نشاطه منذ دخوله البيت الأبيض باختيار معاونيه وأعضاء فريقه استنادًا إلى علاقاته العائلية والشخصية، وثمة من يعزو الكشف عن مشاركة كوشنير في معالجة الأزمة الأوكرانية إلى ما ينسبونه إليه من نجاح إبان ما قام به من دور فعال خلال 'تطبيع العلاقات' بين إسرائيل وبعض دول منطقة الشرق الأوسط والتوصل إلى ما سمي بـ'الاتفاقات الإبراهيمية' بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وأعلن موقع 'أكسيوس' في تقرير حول دور كل من ويتكوف وكوشنير في صياغة النسخة الأولى من خطة السلام الأميركية التي نصت على استعداد الولايات المتحدة للاعتراف بشبه جزيرة القرم ومقاطعتي لوغانسك ودونيتسك كأراض روسية بحكم الأمر الواقع، بينما ستمنح مناطق في مقاطعة خيرسون وزابورجيا 'وضعًا مجمدًا' على طول خط التماس.
كواليس ما قبل لقاء الكرملين
أسهم حرص ويتكوف على رفض لقاء الرئيس الأوكراني أكثر من مرة، كان آخرها قبيل لقائه الأخير مع الرئيس الروسي في الكرملين، برفقه جاريد كوشنير، في الكشف عن أن ما جرى التوصل إليه من اتفاق مع روسيا، يبدو كصيغة جديدة للعلاقة بين موسكو وواشنطن توصلت إليها الإدارة الأميركية عبر الاتصالات السرية بين مبعوثيها، ممن جرى تكليفهم لتطوير خطة السلام بالتشاور مع مسؤولين روس، بحسب مصادر أميركية. وذلك ما نما إلى علم الأوروبيين الذين وقفوا وراء سفر زيلينسكي إلى أنقرة 'حاملًا خطة سلام بديلة' صاغها بالتعاون معهم، وحاول طرحها على ويتكوف.
وثمة ما يشير إلى أن ذلك لم يكن بعيدًا من علم الإدارة الأميركية التي وقفت وراء قرار ويتكوف إلغاء الاجتماع المقرر مع الرئيس الأوكراني، الذي رفض بدوره مناقشة ما جرى تسريبه من نقاط لخطة السلام الأميركية لما تتضمنه من نقاط قالت المصادر الأوكرانية والأوروبية إنها 'موالية لروسيا'، وتتضمن تنازلات 'مهينة' لأوكرانيا ومعها البلدان الأوروبية، تبدو معها أقرب إلى 'الاستسلام' بحسب التقارير الغربية.
ولعل ذلك كله يمكن أن يكون تفسيرًا لغياب وزيري الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والأميركي ماركو روبيو عن اللقاء الأخير في الكرملين بين وفدي البلدين، بعد أن كانا قد ترأسا الوفدين الروسي والأميركي في أول حوار مباشر بينهما في العاصمة السعودية الرياض في وقت سابق من العام. كما عزا إليهما مراقبون كثر، أنهما كانا من أسباب مبادرة الرئيس الأميركي إلى إعلان 'تأجيل' أو 'إلغاء' قمة بودابست في أكتوبر الماضي. وذلك ما قد يكون تفسيرًا للزيارة 'المفاجئة' التي قام بها كيريل دميتريف المبعوث الشخصي للرئيس بوتين للاستثمارات والتعاون مع البلدان الأجنبية إلى الولايات المتحدة، وما أجراه هناك من لقاءات واجتماعات سرعان ما ظهرت نتائجها في احتواء 'الأزمة الطارئة' التي نجمت بين البلدين في أعقاب اللغط حول قمة بودابست.
حوار الساعات الخمس
خمس ساعات، تلك كانت المدة التي استغرقتها محادثات الجانبين الروسي والأميركي في الكرملين، التي بدأت متأخرة عن موعدها المعلن بساعتين و40 دقيقة، واقتصرت على بوتين ومساعده للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف وكيريل دميتريف ومن الجانب الأميركي ويتكوف ومعه كوشنير.
أما عن نتائج ما دار من حوار تناول مختلف جوانب العلاقات بين الجانبين، فقد وصفه أوشاكوف بأنه كان 'مفيدًا وبناء'، وإن لم يشر إلى أي تفاصيل حول النقاط الثلاث التي لا يزال الخلاف حولها قائمًا. وكشفت عنها شبكة 'إن بي سي نيوز' الأميركية بما نشرته حول أن روسيا لن تقدم تنازلات في شأن هذه النقاط الثلاث. وذكرت أن أولى هذه النقاط تتعلق بمنطقة الدونباس أو القضايا الإقليمية، فيما تتلخص الثانية في تقييد حجم القوات المسلحة الأوكرانية بـ600 ألف جندي، والثالثة باعتراف الولايات المتحدة وأوروبا بشبه جزيرة القرم التي أعلنتها روسيا في مارس 2014 ومقاطعتي لوغانسك ودونيتسك ومعهما ما آل إلى روسيا من مقاطعتي زابوروجيا وخيرسون، وأعلنت روسيا ضمها في سبتمبر 2022 بوصفها أراضي روسية، استنادًا إلى نتائج استفتاءات لم تعترف بها الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي. وذلك فضلًا عن الخلاف حول الموقف من طلب أوكرانيا حول عضوية 'الناتو'، وما تطرحه روسيا حول ضرورة أن يكون وقف توسع الناتو شرقًا والتخلي عن ضم بلدان أخرى إلى الحلف بضمانات مكتوبة شرطًا أساسيًا في خطة السلام في أوكرانيا. وكانت الإدارة الأميركية وافقت على ذلك في الصياغة الأولى، إلا أن الدول الأوروبية وأوكرانيا استطاعت إضافة صياغة جديدة لا تؤكد مطالب روسيا بهذا الشأن.
وفي تصريحاته حول نتائج 'محادثات الساعات الخمس' قال أوشاكوف إنه لم تجر مناقشة تفاصيل بنود الخطة المطروحة، بل جرى الحوار حول مضمون هذه البنود التي قال إنها تتكون من 27 بندًا. وقالت المصادر إن الجانب الروسي يرفض ما طرحته الدول الأوروبية من تعديلات على الصياغة الأولى لخطة ترامب، ويرى ضرورة في المحافظة على روح ونص التفاهمات الروسية - الأميركية السابقة. وفيما أضاف أوشاكوف أن الجانبين تناولا بحث قضايا التعاون في مختلف المجالات، كشف عن أن الجانبين اتفقا حول عدم الكشف عما توصلا إليه من نتائج في شأن 'خطة السلام'. وقال إن الجانب الروسي انتقد ما لا يناسبه من سلبيات في نقاط هذه الخطة، وأعرب عن أمله في التوصل إلى تسويتها.
هذا واتفق الحاضرون على مواصلة الاتصالات في ما بينهما، وتوجه ويتكوف وكوشنير عقب اللقاء إلى السفارة الأميركية في موسكو حيث استغرق وجودهما هناك نحو ساعة، كانت كافية على ما يبدو لإبلاغ ترامب في عجالة بموجز ما توصلا إليه في حوارهما مع الجانب الروسي. وقالت المصادر إن ويتكوف وكوشنير غادرا العاصمة الروسية في وقت متأخر من الليل، قاصدين واشنطن مباشرة، وليس كييف كما كان الجانب الأوكراني يريد.


































