جريمة غامضة تفجر الغضب.. تسريب عقود النجوم والفاعل مجهول

كرة القدم مادة دسمة للأخبار التى تثير البلبلة أحيانا، بغض النظر عن مدى دقتها، لأنه ببساطة ما نعرفه عن اللعبة أقل بكثير مما لا نعرفه، فلا أحد يعرف على وجه الدقة ما يحدث فى غرف خلع الملابس، ولا تفاصيل عقود اللاعبين، ولا الأرقام الحقيقية التى تدفعها الأندية فى صفقاتها، وتعد رواتب اللاعبين وقيمة صفقة التعاقد معهم أو تجديد عقودهم، أحد أكثر الأسرار التى يتم التكتم حولها، حيث يتكهن فقط بما يتقاضاه هذا اللاعب أو ذاك، لأن اختلاف العقود يكون بحسب إمكانيات وأهمية كل لاعب ومركزه وسنه، وباتت الجماهير تقيم أداء كل لاعب حسب قيمة عقده وليس مردوده الفنى!!.

لكن فى الفترة الأخيرة، تواصلت عمليات تسريب عقود اللاعبين فى الدورى المصرى بشكل كبير، ونشرها على مواقع الإنترنت، وأخيرا تفشت الظاهرة من جديد، من خلال ظهور تسريبات لعقود 3 من لاعبى الزمالك، الذين تم التعاقد معهم أخيرا وهم :مصطفى شلبى ودونجا والبنينى سامسون، ما يجعلنا نتساءل من هى الجهة التى تقف وراء هذه التسريبات وما هدفها من ذلك؟ خصوصا أن نشر عقود اللاعبين لا يتم بطريقة قانونية، ولذلك فإن أغلب المصادر التى تنقل صورًا لعقود اللاعبين تعتمد على Football wikileaks والتى تعتبر المنفذ الخلفى لمعرفة أسرار اللعبة.

البداية كانت مع مصطفى شلبى، لاعب نادى إنبى السابق والزمالك الحالى، والذى تم التعاقد معه من أجل تدعيم صفوف الفريق، حيث تم تسريب قيمة عقد اللاعب، حيث أوضح العقد المسرب حصول مصطفى شلبى على ما يقترب من 48 مليون جنيه مصرى فى 4 مواسم، وكان قد تسبب العقد المسرب فى حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حيث تداول عدد من جماهير الزمالك ، صورة العقد المسرب لشلبى، مع انتقادات لاذعة للإدارة، ولم تمر أيام قليلة من أزمة تسريب عقد اللاعب، حتى يتم تسريب عقد عماد نبيل دونجا، وظهر عقد اللاعب بحصوله على 81 مليون جنيه بعقد يمتد إلى خمسة مواسم، لتشن موجة غضب داخل وخارج جدران القلعة البيضاء، وطالب الجميع إدارة نادى الزمالك بالتحرك لسرعة الكشف عن المتسبب فى تسريب العقود، وكان اللاعب أبدى غضبه من تسريب عقده، وطلب من إدارة الكرة بنادى الزمالك، ضرورة الإفصاح عن هوية المسرب وكشف القصة بالكامل، ولم ينته الأمر فى ذلك لتداول مواقع التواصل الاجتماعى، صورة عقد مسرب للاعب البنينى سامسون إكينولا بقيمة 2.5 مليون دولار، مقسمة على 4 مواسم، ومع ظهور العقد المسرب للاعب حصل انقسام داخل جدران نادى الزمالك بين لاعبى الفريق، بسبب الأرقام المبالغ فيها فى ظل الأزمات التى تلاحق النادى، خصوصاً وأن نادى الزمالك يمر تلك الفترة بالكثير من الأزمات والأحداث التى تحدث للقلعة البيضاء سواء على مستوى الكيان ككل، ومجلس إدارته، أم على صعيد فريق الكرة وعناصره من اللاعبين، والجهاز الفنى، بينما تعيش جماهير الزمالك حالة من الانقسام، ما بين أن تلك الأمور تحدث بسبب مؤامرة على الفارس الأبيض، والبعض يرى أن تلك أمور طبيعية تحدث، ومن الممكن أن تحدث فى أى فريق فى العالم، وليس له علاقة بالزمالك بشكل خاص.

ولم تكن هذه المرة الذى يسرب فيها عقود لاعبى نادى الزمالك، والكشف عن القيمة المالية لمستحقاتهم السنوية، حيث حدث ذلك مع نهاية عام 2019 من خلال تسريب عقود الثلاثى المغربى، خالد بوطيب وبن شرقى وأوناجم، والثنائى التونسى فرجانى ساسى والنقاز، وحارس مرمى الفريق محمد عواد، وكذلك المدافع محمد عبد الغنى، مما دفع العديد من اللاعبين، بالمطالبة بتعديل عقودهم فى ذلك التوقيت أبرزهم طارق حامد لاعب نادى الاتحاد السعودى حاليا، وكذلك المدافع محمود علاء المعار لنادى الاتحاد السكندرى، ومحمود جنش حارس مرمى نادى فيوتشر الحالى.

الزمالك يبحث عن الجانى

بداية يجب أن نعلم أن هناك 4 جهات لها الحق فى الاحتفاظ بنسخة من عقود لاعبى الكرة فى مصر، وهى : اتحاد الكرة وتحديدا لجنة شئون اللاعبين، والمنطقة التابع لها النادى، لأنها تحصل على نسخة من عقد اللاعب عند قيده فى قائمة الفريق، والنادى نفسه متمثلا فى مجلس الإدارة وإدارة التعاقدات وإداريى الفريق، حيث إن الثلاثى هم من لهم حق فى الحصول على توقيع اللاعبين، وإنهاء إجراءات قيدهم، والاحتفاظ بنسخة من العقد للعمل بها من حيث التزامات النادى واللاعب تجاه بعضهما البعض، أما الجهة الرابعة التى تمتلك نسخة من العقد فهو اللاعب نفسه، وإن كانت هناك أندية ترفض منح لاعبيها نسخة من العقد، خوفا من تسليمه لأندية منافسة، وإيجاد ثغرات تبطل التعاقد، وهو الأمر الذى حدث مرارا وتكرارا من قبل .

اتحاد الكرة ومنطقة الجيزة لكرة القدم التابع لها نادى الزمالك، ينطبق عليهما نفس الافتراض الذى ينطبق على الزمالك، وهو أن يكون العقد تم تسريبه بمعرفة أحد الموظفين داخل أيهما، لمنفعة شخصية وليس غرضا عاما، ويتبقى فقط أن تكشف الأيام المقبلة، ونتيجة التحقيق الذى سيجريها مسئولو الزمالك، عن الفاعل الرئيسى لتسريب عقود لاعبى الزمالك، ويبقى السؤال الدائم، من الجانى؟

سليمان وهدان، عضو مجلس إدارة نادى الزمالك، والقائم بأعمال رئيس النادى، يرى أن تسريب عقود لاعبى الفريق الأبيض مؤامرة كبيرة على النادى، وأن العقود التى خرجت عبر مواقع التواصل الاجتماعى، تخرج إما من الزمالك وهو أمر مستحيل، أو من الاتحاد المصرى لكرة القدم وهو ما يسعى للتأكد منه».

وأضاف قائلا: «العقود التى تم تسريبها، لم يكن بها أى مخالفة على نادى الزمالك، وأن النادى من حقه التعاقد مع أى لاعب بأى مبلغ، لكن الهدف من هذه التسريبات إشعال الفتنة بين اللاعبين»، وتابع: «أقول لمن سرب عقود لاعبى نادى الزمالك، أن هذا عمل خسيس وخبيث، وأمر سلبى يضر بنادى الزمالك، لكنى أؤكد أن بعضًا من عقود نادى الزمالك المسربة غير سليمة».

صمت الأهلى

قبل ظهور أزمة تسريب عقود نجوم الزمالك، ذاق النادى الأهلى من مرارة نفس الكأس، حيث تم تسريب صورة من عقد اللاعب الجديد الجزائرى أحمد قندوسى، فور إعلان أمير توفيق مدير التعاقدات بالقلعة الحمراء تعاقد النادى مع اللاعب القادم من نادى وفاق سطيف الجزائرى، لمدة 4 مواسم ونصف المواسم، حيث بلغت قيمة التعاقد 2 مليون و152 ألف دولار، على أن يحصل اللاعب فى نصف الموسم الأول (2023)، 283500 أما موسم التالى، فيحصل على 406250 دولار، فيما يحصل فى موسم 25-24، 446875 دولار، وموسم 25-26، 487500 دولار، وآخر موسم يحصل اللاعب على 528125 دولارا.

الأمر الذى لم يعلق عليه النادى الأهلى على الإطلاق، وهو ما يعيد للأذهان عدم رد الأهلى على التسريب الكامل لجميع عقود لاعبى الفريق فى سبتمبر 2020، وحاول الكثيرون فى ذلك التوقيت إحداث فتنة داخل الفريق بسبب تلك العقود، خصوصا عقود التونسى على معلول ومحمود عبد المنعم كهربا، والحارس محمد الشناوى، والمالى ديانج وغيرهم، لكن الأهلى كعادته تصرف مع الأمر كأن لم يكن.

وهو ما أكده نجم الزمالك السابق أحمد حسام «ميدو»، أن على أبناء الزمالك التعلم من أبناء الأهلى كيفية التعامل مع الأزمات، حيث قال: «اتعلموا من أبناء النادى الأهلى، وقت الأزمات، يتحدوا من أجل ناديهم، وطول ما الزمالك فى ناس عايزين ياخدوا الكرسى على حساب الكيان والنادى، هيفضل الزمالك زى ما هو، مش عشان النادى أقل من حد، لكن عشان فيه بعض المبادئ تاهت».

وأضاف: «اللى صغير بره الزمالك بيفضل صغير، وموضوع تسريب عقود لاعيبة الزمالك كشف ناس كتير، ومش هنسمح إن حد يهد نادى الزمالك، خصوصا لمن ينتمون إليه، والناس اللى بتنتمى لنادى الزمالك، وبتهد فيه، دول مش زملكاوية، ولا يستحقون أن يكونوا أبناء النادى».

غدر الصحاب

من أغرب المواقف فى تسريب عقود اللاعبين فى الكرة المصرية، ما حدث مع لاعب الزمالك الحالى عمر جابر، أثناء وجوده مع نادى بيراميدز، حيث تسببت أزمة بين عمر جابر وأحد أصدقائه، فى تسريب عقده مع ناديه السابق بيراميدز، والقيمة المالية التى يحصل عليها اللاعب وفق هذا العقد، وكان العقد المبرم بين اللاعب وناديه قد تم تسريبه، حيث ظهر من العقد أنه يحصل على 20 مليون جنيه سنويا، وكانت النتيجة رفض انتقاله إلى نادى الزمالك خلال تلك الفترة، كان ينص العقد على حصول اللاعب فى موسم 2020 – 2021 على 14 ونصف مليون جنيه، بالإضافة إلى 5 ملايين جنيه قيمة المشاركة، ليصل إجمالى المبلغ 19 مليون جنيه، يضاف إليهم نسبة 22.5% قيمة الضرائب، ويقسم المبلغ الأساسى على 11 قسطا على مدى الموسم، بحيث يحصل عمر على 9 ملايين و790 ألف جنيه فى القسط الأول، ثم يحصل على 489.5 ألف جنيه فى كل قسط من الأقساط العشرة المتبقية.

كما نص العقد على أن يحصل اللاعب على 16 مليون جنيه، فى موسم 2021 – 2022، بالإضافة إلى 5 ونصف مليون جنيه، قيمة المشاركة، فضلا عن قيمة الضرائب المستحقة، ويقسم المبلغ الأساسى وفقًا للعقد لـ 11 قسطا، تصل قيمة الأول 10 ملايين و680 ألف جنيه، ثم يقسم المبلغ المتبقى على 10 أقساط بواقع 534 ألف جنيه، بخلاف نسبة المشاركة والضرائب.

وكانت قيمة عقد عمر جابر مع بيراميدز فى موسم 2019 -2020 وصلت لما يقرب من 18 مليون جنيه، شاملة نسبة المشاركة المنصوص عليها وتبلغ 4 ونصف مليون جنيه، بالإضافة إلى حصوله على 22.5% من قيمة المبلغ والمستحقه للضرائب، ليتخطى بذلك اللاعب حاجز الـ 21 مليون جنيه فى الموسم الحالى.