اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
النوم في الظلام ضروري لإصلاح الجسم وتنظيمه، إذ يُعطّل الضوء إنتاج الميلاتونين ووظائف الأجهزة الحيوية. حتى التعرض المعتدل للضوء أثناء النوم يؤثر سلبًا على معدل ضربات القلب وحساسية الأنسولين، مما يزيد من المخاطر الصحية على المدى الطويل. يُعزز إعطاء الأولوية للظلام التام نومًا مُنعشًا، ويُحسّن المزاج والذاكرة ووظائف المناعة لحياة أطول وأكثر صحة.
من السهل تجاهل ما يحدث بعد انطفاء الأنوار، لكن الجسم لا يتجاهل. فبينما ينام العالم، يبدأ هرمون صغير يُسمى الميلاتونين عمله، فيُصلح الخلايا، ويُوازن عملية الأيض، ويُضبط الساعة البيولوجية. إن طريقة نوم المرء، سواءً أكان مُغمرًا بالضوء أم مُستريحًا في الظلام، يُمكنها أن تُغير بهدوء مدة الحياة ومسارها.
أجسام البشر مُصممة للظلام ليلاً. لآلاف السنين، كان إيقاع الشمس هو الذي يُوجه النوم والهضم ودرجة حرارة الجسم. تُفرز الغدة الصنوبرية في الدماغ الميلاتونين فقط عند استشعار الظلام. حتى الضوء الخافت، من شاشة الهاتف أو ضوء التلفزيون أو مصباح الشارع، يُمكن أن يُوهم الدماغ بأننا في نهار. هذا الاضطراب البسيط يُؤخر إفراز الميلاتونين، ويُقصر النوم العميق، ومع مرور الوقت، يُجهد الأجهزة الحيوية كالقلب والتمثيل الغذائي.
قد يبدو ضوء الليل الخافت غير ضار، لكن الأبحاث أظهرت عكس ذلك. فقد وجدت دراسة أجرتها المعاهد الوطنية للصحة عام ٢٠٢٢ أن النوم حتى مع ضوء متوسط يرفع معدل ضربات القلب أثناء النوم ويقلل من حساسية الأنسولين في الصباح. هذا يعني أن الجسم يبقى في حالة شبه يقظة، غير قادر على الراحة أو التعافي بشكل كامل.
على مر السنين، يمكن لهذا النوع من 'تلوث الضوء' أثناء النوم أن يزيد من مخاطر الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، وهي عوامل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعمر الإنسان.
لقد طمست الحياة الحضرية الحدود بين الليل والنهار. تتسلل أضواء الشوارع من خلال الستائر، وتومض إشعارات الهواتف في ظلمة الليل. التعرض المستمر لهذا الضوء الاصطناعي لا يثبط الميلاتونين فحسب، بل يُخلّ أيضًا بالإيقاع اليومي، أي الساعة البيولوجية الطبيعية للجسم على مدار 24 ساعة. وقد رُبط هذا الاختلال بقصر التيلوميرات، وهي الأغطية الواقية للحمض النووي التي تقصر بشكل طبيعي مع التقدم في السن. وكلما تآكلت أسرع، زادت سرعة عملية الشيخوخة.
النوم في ظلام دامس يُتيح للجسم دخول مرحلة الانتعاش القصوى. ينخفض ضغط الدم، وتتعافى العضلات، ويتخلص الدماغ من السموم المتراكمة خلال النهار. تعمل عملية التخلص من السموم هذه، والتي تُسمى 'الجهاز اللمفاوي'، على أكمل وجه أثناء النوم العميق المتواصل. في الظلام، يُعيد الجسم ضبط نفسه بكفاءة أكبر، مما يُحسّن المزاج والذاكرة، وحتى قوة المناعة. الأمر لا يقتصر على الراحة فحسب، بل هو تجديد ليلي.
غالبًا ما يعاني من ينامون مع إضاءة أو شاشات مضاءة من نوم متقطع دون أن يدركوا ذلك. قد يستيقظون في حالة نعاس، أو يشتهون السكر، أو يشعرون بالانفعال، وهي كلها علامات خفية على اختلال التوازن الهرموني. مع مرور الوقت، قد يُضعف هذا من حدة الإدراك والاستقرار العاطفي. في المقابل، يميل من يلتزمون ببيئة نوم مظلمة إلى الإبلاغ عن مستويات طاقة أكثر استقرارًا، وتوازن عاطفي أفضل، وعلامات شيخوخة بيولوجية أبطأ.
لا داعي لأن يكون التغيير جذريًا. فإسدال الستائر، أو خفض إضاءة الأجهزة الإلكترونية، أو ارتداء قناع نوم، كفيلٌ باستعادة إيقاع الجسم الطبيعي في غضون أيام. هذا الالتزام البسيط قد يضيف سنوات، ليس فقط في العدد، بل في الجودة أيضًا. فطول العمر لا يقتصر على العيش لفترة أطول؛ بل على حياة أفضل، بجسم يرتاح، ويتعافى، ويستيقظ مستعدًا كل صباح.
المصدر: timesofindia


































