اخبار الإمارات
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
في تقرير نشرته صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، تحدث الصحفي الإسرائيلي البارز إيتمار آيشنر عن ما وصفه بـ'الغموض الكبير' في الاتفاق بين تل أبيب و'حماس'، حول وقف النار في غزة وتبادل الأسرى.
وحسب التقرير، فـ'من الطبيعي أن يركز الجمهور الإسرائيلي في هذه الأيام على جانب واحد من الاتفاق بين إسرائيل وحماس: إعادة الأسرى المتبقين لدى حماس، والتي من المتوقع أن تحدث في بداية الاتفاق. ولكن في الواقع، بعد المرحلة الأولى، هناك العديد من التفاصيل في الاتفاق التي بقيت غير محلولة – ويبدو أن ضمانة أمريكية واضحة بعدم تجدد القتال هي وحدها التي سمحت بالبدء بالاتفاق دون حسم هذه التفاصيل'.
وتناول آيشنر في تقريره المسائل التالية، من وجهة نظره:
مصير الأسرى القتلى (الجثث المفقودة)
أولا، مسألة العثور على الأسرى القتلى: بما أن حماس قالت إنها لا تعرف مكان تسعة منهم، فقد تم الاتفاق على إنشاء قوة دولية تضم إسرائيل، والولايات المتحدة، وقطر، ومصر، وتركيا – ستحاول بمساعدة الصليب الأحمر البحث عن أي رفات. من المفترض أن تقوم هذه القوة بفحص المعلومات على الأرض، والبحث تحت أنقاض المباني، وإرسال بعثات، وإحضار عينات، وقد يستمر هذا الأمر لسنوات طويلة. من المرجح أن هذه الآلية، وكذلك تداعيات إجراءاتها، لا تزال بحاجة إلى تنظيم. وتخشى إسرائيل أيضا من أن مصير دفن بعض الأشخاص لن يُعرف أبدًا.
ورد في وثيقة التفاهمات: 'في غضون 72 ساعة، ستشارك حماس جميع المعلومات التي بحوزتها حول الرهائن القتلى من خلال آلية تبادل المعلومات'. 'سيتم إنشاء آلية لتبادل المعلومات بين الطرفين عبر الوسطاء والصليب الأحمر (ICRC) لتبادل المعلومات حول الرهائن أو القتلى المتبقين، الذين لم يتم العثور عليهم أو إعادتهم. وستضمن الآلية تحديد جميع الجثث وإعادتها بالكامل. وستبذل حماس قصارى جهدها لضمان استكمال التزاماتها في أسرع وقت ممكن'.
ضمان نزع سلاح حماس
بعد ذلك، هناك المسألة الأمنية، وحولها علامة استفهام كبيرة: كيف يتم التأكد من أن حماس تلقي سلاحها بالفعل؟ من المفترض أن الوسطاء في الصفقة، وعلى رأسهم قطر وتركيا ومصر، هم من سيضمنون قيام الحركة بذلك – لكن يجب أن تكون إسرائيل مشاركة في الأمر لضمان 'عدم غش حماس'. الافتراض هو أن 'حماس ستغش بالطبع ولن تتخلى عن كل أسلحتها. يمكنها، على سبيل المثال، تسليم الأسلحة الثقيلة وربما جزءا من الأسلحة الخفيفة، ولكنها بالتأكيد لن تتخلى عن البندقية الأخيرة، المسدس الأخير، القنابل اليدوية الأخيرة، قاذفات RPG الأخيرة، وما إلى ذلك. هذا الموضوع غير موجود في وثيقة التفاهمات' – وقد يكون مُبقًى لـ 'اليوم التالي'.
إذا لم يتم نزع سلاح حماس بالكامل، إلى جانب حقيقة أنها لا تزال تتمتع بشعبية بين العديد من الفلسطينيين، فإن هذا يعني أنها 'ستظل لها تأثير كبير على الحكم في القطاع – وقد تتمكن يوماً ما من القيام بانقلاب فيه مرة أخرى'. يجب أن يلبي الاتفاق المتطلبات الأمنية الإسرائيلية ويضمن إبعاد حماس عن آليات السلطة، وإلا فسيكون ذلك فشلاً من هذا الجانب.
آلية السيطرة على القطاع
تُعد آلية السيطرة على القطاع غياباً مهماً آخر: من المفترض أن يُنشئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 'مجلس السلام' ويُعيّن أعضاءه، وفي الوقت الحالي لم يُعيَّن سوى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. سيتعين على الرئيس تعيين قادة في دول إسلامية وعربية، وربما أعضاء في البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، وهي جهات لديها المال ويمكنها المساهمة في مشروع إعادة إعمار القطاع. من المفترض أن يتولى هذا المجلس، برئاسة بلير، في نهاية المطاف قيادة مناطق في غزة والتأكد من عدم وجود حماس فيها – لكن هذه العملية لا تزال في مراحلها الأولية ولم يتم الانتهاء من تفاصيلها.
إلى جانب المجلس، هناك أيضاً القوة العربية المشتركة التي من المفترض أن تُنشأ في القطاع، حيث جرى الحديث عن مشاركة إندونيسيا وإرسال جنودها إلى جانب الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى، وربما السعودية. يجب أن يتم هذا الأمر بتنسيق كامل مع إسرائيل: كيف تدخل هذه الجيوش وتتولى المسؤولية عن المنطقة، وما هي قواعد الاشتباك التي تعمل بموجبها، وكيف تعمل بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي لتجنب تبادل إطلاق النار بين الجانبين حتى اكتمال الانسحاب؟ يعد هذا حدثا حساسا للغاية، لذا سيتعين على ترامب الاستمرار في إدارة الحدث – لكن ليس من الواضح إلى أي مدى سيذهب الالتزام الأمريكي بهذا الشأن.
الانسحاب الإسرائيلي ووقف إطلاق النار
يجب التذكير بأن الجيش الإسرائيلي يبقى في القطاع في هذه المرحلة، ولكنه سيكمل الانسحاب إلى المحيط وفقا لتقدم الاتفاق. تم بالفعل الاتفاق على تفاصيل الانسحاب الأولي مقابل إعادة الأسرى، ومن المرجح أن يتمركز الجيش الإسرائيلي خارج المراكز الحضرية، لكن الانسحابات المستقبلية من المفترض أن تكون مشروطة بوفاء حماس بالتزاماتها في الاتفاق. وبما أن الحركة وافقت على الصفقة فقط في ضوء ضمانات أمريكية واضحة لقطر وتركيا بأن إسرائيل لن تجدد إطلاق النار، فمن غير الواضح ما سيحدث إذا نشأت فجوات بين الطرفين لاحقا. ماذا سيحدث، على سبيل المثال، إذا أعلنت الدول العربية أنه تم نزع سلاح حماس، ولم تقبل إسرائيل بهذا القرار؟
تمويل وإعادة إعمار غزة
التحدي الكبير الآخر الذي لم يتم حسمه بعد هو إعادة إعمار القطاع، الذي دُمرت معظم مبانيه بشكل شبه كامل: يتحدث ترامب عن عشرات المليارات من الدولارات التي ستُضخ في القطاع (ومن المفترض أن تدر أرباحا ضخمة على أصحاب رؤوس الأموال لكي تكون مجدية). ولكن، كيف يتم التأكد هذه المرة – على عكس الماضي – من أن الأموال لن تذهب إلى حماس، ولن تُستخدم لبناء بنى تحتية عسكرية؟
في الواقع، تنتشر في القطاع حاليا العديد من العبوات الناسفة والكثير من الأنفاق الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، وخلال فترة إعادة الإعمار، وبما أن خطة 'إعادة التوطين' قد أُلغيت، لن يكون لدى العديد من سكان غزة مكان للعيش فيه على الإطلاق، وسيواصلون العيش في خيام لفترة طويلة، لأن معظم مساحة القطاع غير صالحة للسكن على الإطلاق. استمرار هذا الوضع 'قد يتحول إلى برميل بارود يهدد بالانفجار في أي لحظة ويدمر الترتيب بأكمله'. لذلك، فإن إعادة إعمار هذه المناطق هي مهمة دولية معقدة للغاية يجب أن تتم بسرعة، وستتطلب مشاركة سلسلة من الدول – 'بعضها معاد لإسرائيل'.
المصالح الاقتصادية وعلاقات إسرائيل وتركيا
تُعد المصالح الاقتصادية في إعادة إعمار القطاع غيابا كبيرا آخر: 'يتعلق الأمر بمشاركة عائلة ترامب، بما في ذلك صهره جاريد كوشنر، وكذلك عائلة أردوغان وقادة دول الخليج. تدور في أروقة الإدارة منذ فترة طويلة خطة 'ريفييرا غزة'، وزعم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن هناك اتصالات تُجرى مع الأمريكيين لكي تحصل إسرائيل على حصة أيضا، لأن غزة يمكن أن تكون 'منطقة رخاء عقاري'. كل هذا يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لبعض المشاركين في الترتيب، وما إذا كانت إسرائيل ستتمكن أيضاً من الاستفادة اقتصادياً بطريقة ما'، وفق وصف آيشنر.
علامة استفهام أخرى تظهر من الاتفاق هي العلاقات بين إسرائيل وتركيا، التي تدهورت إلى أدنى مستوى لها منذ 7 أكتوبر بعد فترة من إعادة بناء العلاقات. الآن، ستتمكن تركيا من إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر إسرائيل، وهناك احتمال للمصالحة بين الطرفين – حيث سيتعين على أنقرة إنشاء قاعدة لوجستية في أشدود تستقبل البضائع في الميناء وتنقلها إلى غزة. هذا الأمر سيمنح تركيا الكثير من القوة، وسيخلق لها ورقة ضغط ضد إسرائيل، ولكن من المرجح أن يؤدي أيضا إلى إلغاء حظر التجارة عليها واستئناف رحلات الخطوط الجوية التركية.
قبل بضعة أسابيع، التقى نجل ترامب – دونالد ترامب جونيور – بصهر أردوغان، المسؤول التركي بيرات البيرق. وزعمت المعارضة التركية أن الاثنين أبرما في هذا الاجتماع 'صفقة' ستؤدي إلى مشاركة تركيا في المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة، وفي المقابل 'ستُقنع' حماس بالتوقيع على الاتفاق. إذا كانت هذه الأمور صحيحة بالفعل، فمن المرجح أن تطالب تركيا الآن بالثمن.
التطبيع
وأشار آيشنر إلى ملف التطبيع: وفوق كل شيء، ربما تقف مسألة التطبيع – تلك العملية التي حاولت حماس إحباطها بهجوم 7 أكتوبر، والتي قد تتجدد الآن بكامل قوتها. ربما كان خطاب رئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو في الجمعية العامة للأمم المتحدة علامة على ما هو قادم، ولكن لم يتضح بعد في أي مرحلة سيعيد ترامب إطلاق اتفاقيات إبراهيم. بالإضافة إلى ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستكون مستعدة لذلك في سنة انتخابية، وإلى أي مدى ستذهب في الوعود بـ 'دولة فلسطينية' كجزء من تسوية يتم توقيعها مع السعودية على سبيل المثال.
المصدر: 'يديعوت أحرونوت'