اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٤
طه العاني - الخليج أونلاين
مشاريع تخزين الغاز في الإماراتتسهم في تخفيض الانبعاثات وتحقيق الاستقرار بإمدادات الطاقة.
تعد الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الرائدة في قطاع الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي تعتمد فيه اقتصاديات عديد من دول الخليج بشكل كبير على النفط، تعمل الإمارات على تنويع مصادرها الطاقوية من خلال تعزيز قدراتها في قطاع الغاز الطبيعي.
يعد الغاز الطبيعي مصدراً استراتيجياً للطاقة النظيفة نسبياً، وله أهمية اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، ومن هنا تأتي أهمية تطوير بنية تخزين الغاز، باعتبارها جزءاً من الجهود الوطنية لتعزيز الأمن الطاقوي وتوفير مصادر طاقة موثوقة لتلبية الاحتياجات المستقبلية.
شراكات واسعة
خلال السنوات الأخيرة، وقعت الإمارات على عديد من الصفقات والشراكات الدولية بهدف تعزيز قطاع الغاز الطبيعي، ومن بين هذه الصفقات تلك التي تناولتها وسائل الإعلام بوصفها 'صفقة تاريخية'، تمهد لتعزيز قدرات الإمارات في تخزين الغاز وضمان استدامته على المدى الطويل، لكن هذه الصفقة ليست سوى جزء من الجهود الإماراتية المستمرة لتطوير هذا القطاع المهم.
وكانت هذه الصفقة في 8 أكتوبر بين مؤسسة دبي للبترول (DPE) وشركة 'بيكر هيوز' الأمريكيةبهدف تعزيز قدرات تخزين الغاز في الإمارات وتقليل الانبعاثات، وفقاً لبيان صحفي للمؤسسة الإماراتية.
وذكرت شركة 'بيكر هيوز' الأمريكية أنها ستعمل بموجب الاتفاقية، على مؤسسة دبي للبترول بـ10 وحدات من الخط الضاغط المتكامل.
وذكرت الشركة، المتخصصة في تكنولوجيا الطاقة، أن هذا الطلب، الذي يعد الأكبر في تاريخها، تم حجزه في الربع الثالث من عام 2024 لتعزيز موثوقية إمدادات الطاقة ودعم جهود تقليل الانبعاثات الكربونية محلياً، وسيتم تركيب الوحدات العشر بمنشأة التخزين في حقل غاز مرغم، الذي يُعد أكبر حقل غاز بري في دبي، ما سيزيد من سعة التخزين بشكل كبير.
ويقع حقل غاز 'مرغم' على بعد نحو 55 كيلومتراً من دبي على طريق دبي-حتا، وهو أكبر حقل غاز بري في دبي، ويضم ثلاثة تكوينات جيولوجية تحتوي على الغاز على عمق يزيد عن 10 آلاف قدم.
وتتضمن الوحدات المطلوبة 5 وحدات لتخزين الغاز و5 وحدات لدعم عمليات الحقن المزدوج أو تصدير الغاز إلى نظام التوزيع الحالي، في حين يهدف المشروع إلى تحقيق نظام موثوق وفعال في الحد من الانبعاثات، حيث يوفر استقراراً في إمدادات الطاقة بدبي من خلال إمكانية التحول بين الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية.
ومن جانبه، علّق نائب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا الصناعية والطاقة في 'بيكر هيوز'، غانش راماسوامي، قائلاً: 'من المقرر أن تكون تقنية الخط الضاغط المتكامل المبتكرة لدينا حاسمة لدعم البنية التحتية للغاز، اللازمة لمعالجة التوسع المتزايد في دبي للطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها'.
وأضاف راماسوامي أن هذا الطلب التاريخي يؤكد الثقة المستمرة بالحلول منخفضة الكربون التي تقدمها الشركة، مشيراً إلى النجاح الذي حققته الشركة منذ تشغيل ثلاث وحدات خط ضاغط متكامل في عام 2020.
أهمية كبيرة
ويرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد صدام، أن أهمية توسع الإمارات في قطاع الغاز تتمثل في رفع مستوى القيمة المضافة، من خلال استثمار الغاز غير التقليدي، مشيراً إلى أن تقديرات استثمار هذا النوع من الغاز سوف ترفع مستوى الإنتاج إلى مليار قدم مكعبة قياسية يومياً.
والغاز غير التقليدي هو الغاز الطبيعي الذي يتم استخراجه من مصادر أو مكامن صخرية غير تقليدية مقارنة بالغاز الطبيعي التقليدي. ويتطلب استخراجه تكنولوجيا متقدمة وتقنيات متخصصة مثل التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي.
ويوضح الخبير صدام في تصريحات لـ'الخليج أونلاين'، أن هذا يعني تسريع عملية تحقيق الاكتفاء الذاتي ويخلص الدولة من الغاز المستورد، من قطر مثلاً، الذي يقدر بحدود 67 مليار قدم مكعبة، ما يؤدي إلى تحقيق فوائض مالية إضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية لقطاع الطاقة بشكل عام.
ويلفت إلى أن مشاريع تخزين الغاز الجديدة تسهم في تخفيض مستوى الانبعاثات، فضلاً عن تحقيق الاستقرار في إمدادات الطاقة، وذلك من خلال رفع مستوى القدرات التخزينية.
ويضيف أن تأثير توسع إنتاج الطاقة يتمثل في تعزيز مستوى التنويع الاقتصادي وتحفيز شركات الغاز لتوسيع استثماراتها في مجال الغاز غير التقليدي بالإمارات.
ويؤكد صدام أن هذه الخطوة تعد حافزاً مهماً لرفع مستوى الاستثمار الأجنبي ونقل التكنولوجيا إلى قطاع الغاز الإماراتي، بما يرفع من مستوى مساهمة الغاز في الناتج المحلي الإجمالي.
مساعٍ للتوسع
الصفقة الأخيرة التي أبرمتها الإمارات لتوسيع قدرات تخزين الغاز، تأتي في سياق أوسع ضمن جهود الدولة لتطوير البنية التحتية الطاقوية، فقد تم توقيع عديد من الشراكات بين شركات إماراتية رائدة في قطاع الطاقة مثل 'شركة بترول أبوظبي الوطنية' (أدنوك)، وشركات دولية متخصصة في تخزين الغاز الطبيعي المسال.
وتهدف هذه الصفقات إلى بناء منشآت تخزين ضخمة تمكن الإمارات من الاستفادة من فائض إنتاج الغاز في أوقات معينة وتوفيره عند الحاجة، مما يعزز مرونة النظام الطاقوي في الدولة.
إلى جانب ذلك، تتطلع الإمارات إلى تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية من خلال تطوير هذه المنشآت، مما يمكنها من لعب دور أكبر في تزويد الدول الأخرى بالغاز الطبيعي المسال، خاصةً في أوقات الذروة أو الطوارئ.
وأعلنت شركة 'أدنوك للغاز بي إل سي' الإماراتية، المتخصصة في معالجة الغاز، في 15 يوليو الماضي، عن إرساء عقود بقيمة 550 مليون دولار لتوسعة مشروع شبكة خطوط أنابيب الغاز الطبيعي 'استدامة' في الإمارات.
وقد تم منح عقود الهندسة والمشتريات والبناء لكل من 'الجرافات البحرية الوطنية' وشركة 'جلفار' للهندسة والمقاولات.
ووفقاً لوكالة أنباء الإمارات 'وام'، تم اتخاذ قرار بنقل ملكية مشروع 'استدامة' من 'أدنوك للغاز' إلى شركة أبوظبي الوطنية للنفط 'أدنوك'، بهدف تعزيز كفاءة الإنفاق الرأسمالي.
وسيُعاد توجيه نحو 70% من قيمة العقود لدعم الاقتصاد المحلي ضمن 'برنامج أدنوك لتعزيز المحتوى المحلي'، مما يسهم في تنويع النمو الاقتصادي الوطني.
أرقام طموحة
وأعلنت 'أدنوك' في أغسطس الماضي، عن ترسية عقد بين شركتي 'الإنشاءات البترولية الوطنية' و'تكنيكاس ريونيداس إس إيه أبوظبي' بقيمة 3.6 مليارات دولار لتوسعة البنية التحتية لمعالجة الغاز في البلاد.
وأضافت أن 'أعمال العقد تشمل تشغيل مرافق جديدة لمعالجة الغاز لتوفير إمدادات موثوقة من المواد الوسيطة لمجمع الرويس الصناعي'.
وقال رئيس شركة 'أدنوك' الإماراتية للغاز، أحمد العبري، في مقابلة خاصة مع 'CNBC عربية' الاقتصادية، في شهر مارس من العام الماضي، إن الشركة تخطط لزيادة إنتاجها بمقدار 3 مليارات قدم مكعبة قياسية يومياً، معرباً عن توقعه بأن يزيد الطلب بنحو 25% خلال 20 إلى 25 سنة مقبلة.
وقد أعلنت الشركة عن نتائجها المالية للربع الثاني من 2024، محققةً صافي دخل بلغ 1.18 مليار دولار، بزيادةٍ نسبتها 21% على أساس سنوي.
وبحسب وكالة أنباء الإمارات 'وام'، فقد سجلت إيرادات الشركة في الربع الثاني زيادةً قدرها 13% على أساس سنوي، وبلغت 6.07 مليارات دولار.
وتطمح الإمارات إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول عام 2030، وصولاً إلى رفع حصته في مزيج الطاقة إلى 38% عام 2050.
وخلال عام 2023 نجحت الإمارات في رفع احتياطيات الغاز الطبيعي إلى 8.213 تريليونات متر مكعب، وذلك بدعم الغاز غير التقليدي القابل للاستخراج، وفق بيانات وحدة أبحاث الطاقة.