أطلقت مجموعة بروكابيتا للاستشارات، الشركة الأولى في تقديم تحليلات ومؤشرات مالية متخصصة في مجال الموارد البشرية وربطها بالأداء المالي، تقريرها الأول للكويت لعام 2025.

وقالت المجموعة ان هذا التقرير يُعد خطوةً مهمةً نحو تعميق فهم مؤشرات الموارد البشرية وعلاقتها بالربحية والإيرادات، إلى جانب تقديم تحليل شامل لمكافآت أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المدرجة في بورصة الكويت.

وصرّح محمد أبو الرُّب، الرئيس التنفيذي للشركة، بأن هذا التقرير يُعد مرجعًا استراتيجيًا يعكس أحدث توجهات وممارسات الموارد البشرية في السوق الكويتي، مع تركيز خاص على رصد التحولات الرئيسية في مجالات التعويضات، والتوظيف، والتكنولوجيا، وإدارة المواهب، وغيرها من المحاور الحيوية لصُنّاع القرار في الشركات الكبرى والمتوسطة عبر مختلف القطاعات. وأضاف أن التقرير اعتمد على تحليل نتائج دراسة شاملة لبيانات وإفصاحات 80 شركة مدرجة في بورصة الكويت لعام 2024 تغطي 8 قطاعات رئيسية حتى تاريخ 10 مايو 2025، ومقارنتها مع بيانات عام 2023.

تباطؤ التوظيف

وكشف تقرير بروكابيتا عن تباطؤ ملحوظ في وتيرة التوظيف بالسوق الكويتية خلال الرُّبع الأول من عام 2025، في ظل تحولات هيكلية تشهدها الاقتصاد المحلي تتراوح بين التحول الرقمي المتسارع وتطبيق إصلاحات تنظيمية واقتصادية واسعة النطاق. وأظهرت البيانات تراجعاً واضحاً في مؤشر مديري المشتريات (PMI) إلى 51.6 نقطة في فبراير 2025 بعد أن كان عند 53.4 نقطة في يناير، مسجلاً أول انخفاض ملموس في مستويات التوظيف ونمو الأعمال الجديدة خلال الأشهر الستة الماضية.

شهد القطاع المالي تراجعاً في الطلب على الوظائف الأمامية كخدمة العملاء والصرافة، مع تحول المؤسسات المالية نحو الخدمات الرقمية بشكل متزايد. وفي قطاع التجزئة، أدى التحول نحو القنوات الرقمية إلى تقليص الحاجة للكوادر التقليدية، حيث تعتمد الشركات الآن على حلول تكنولوجية أكثر كفاءة في إدارة العمليات وخدمة العملاء.

كما واجهت قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا والتوصيل تباطؤاً في التوظيف، مع توجه الشركات لاعتماد تقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي بديلاً عن القوى البشرية، خاصة في مجالات خدمة العملاء وإدارة العمليات. وساهم الانتقال نحو النماذج التشغيلية المركزية والإقليمية في تقليص الوظائف المحلية بشكل ملحوظ.

مكافآت مجالس الإدارة

واستعرض أبو الرُّب نتائج التقرير موضحاً أن مكافآت أعضاء مجالس الإدارات في الكويت شهدت في عام 2024 تغييرات ملحوظة، حيث سجّل متوسط إجمالي المكافآت انخفاضاً من 306.634 دينارًا في 2023 إلى 286.876 دينارًا في 2024 بنسبة بلغت %6. كما ارتفع متوسط عدد الأعضاء من 7 أعضاء في 2023 إلى 8 أعضاء في 2024، مما يعكس اتساع نطاق الإشراف ومتطلبات الحوكمة، بالإضافة إلى توجه الشركات نحو تشكيل لجان متخصصة جديدة مثل لجان الاستدامة والمخاطر لتعزيز الشفافية والرقابة.

وفي ما يتعلق بصافي الأرباح، ارتفع المتوسط من 34.9 مليون دينار في 2023 إلى 40.6 مليون دينار في 2024 بنمو قدره %16، بينما انخفض متوسط نسبة المكافآت إلى صافي الأرباح من %0.88 إلى %0.71. كما انخفض متوسط المكافأة لكل عضو من 42.662 دينارًا في 2023 إلى 37.614 دينارا في 2024، بانخفاض نسبته %11.

سجل قطاع الاتصالات والتكنولوجيا أعلى متوسط لإجمالي مكافآت مجالس الإدارة، حيث بلغ 547.250 دينارا بارتفاع طفيف نسبته %2، رغم تراجع متوسط مكافأة العضو بنسبة %29 ليستقر عند 49.750 دينارا. كما حقق القطاع نمواً في متوسط صافي الأرباح بنسبة %14. ويليه قطاع الخدمات المالية، الذي سجل متوسط إجمالي مكافآت مجالس الإدارة بقيمة 438.392 دينارا، محققاً نمواً بنسبة %9. بينما استقر متوسط مكافأة العضو الواحد عند 48.957 دينارا دون تغيير يُذكر مقارنة بالعام السابق. كما شهد القطاع نمواً في متوسط صافي الأرباح بنسبة %13.

أما على مستوى القطاعات الأقل في المكافآت، فشهد قطاع السياحة والضيافة ارتفاعاً في مكافآت مجلس الإدارة بنسبة %17 ليصل إلى 35.000 دينار، وارتفع متوسط مكافأة العضو بنسبة %27 ليبلغ 6.364 دينارا، رغم انخفاض متوسط صافي الأرباح بنسبة %41. في المقابل، تراجع قطاع التجزئة والسلع الاستهلاكية بشكل حاد، حيث انخفض متوسط إجمالي مكافآت مجلس الإدارة بنسبة %49 ومتوسط مكافأة العضو بنسبة %51، ليصل إلى 10.167 دينارا فقط، رغم تسجيل القطاع نمواً قوياً في متوسط صافي الأرباح بنسبة %44.

المؤشرات المالية للموارد البشرية

وشهد عام 2024، بحسب تقرير بروكابيتا، تحولات هيكلية ملموسة في إدارة التكاليف البشرية مقابل العوائد التشغيلية والمالية، انعكست بوضوح على أداء المؤسسات عبر مختلف القطاعات الاقتصادية. حيث شهدت مؤشرات الرواتب والتعويضات في القطاع الخاص الكويتي انخفاض نسبة الرواتب الثابتة إلى الإيرادات بشكل ملحوظ من %19 إلى %12.3، ما يعكس تحسناً وتطوراً واضحاً في كفاءة التشغيل وقدرة أكبر على توليد الإيرادات. إلا أن هذا التحسن لم ينعكس بشكل كامل على الأرباح الصافية، حيث ارتفعت نسبة الرواتب الثابتة إلى صافي الأرباح من %39 إلى %45.2.

من ناحية هيكل التعويضات، حافظت الرواتب الثابتة على هيمنتها بنسبة %91.8 من إجمالي التعويضات، مع انخفاض طفيف في تأثيرها على الأرباح التشغيلية من %31 إلى %30.1. كما تحسنت إدارة المصروفات التشغيلية بشكل كبير، حيث انخفضت نسبة إجمالي التعويضات إلى المصروفات التشغيلية من %36 إلى %23.

على مستوى القطاعات، برز قطاع السياحة والضيافة وقطاع النفط والطاقة كأكثر القطاعات كفاءة، حيث انخفضت نسبة الرواتب إلى الأرباح بشكل ملحوظ. في المقابل، واجه قطاع الاتصالات والتكنولوجيا وقطاع الصناعة تحديات في كفاءة الإنفاق على الرواتب، حيث ارتفعت النسبة إلى %81.61 في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، وبقيت مرتفعة عند %60.79 في قطاع الصناعة. وتبرز هذه النتائج الحاجة إلى إعادة النظر في سياسات التعويضات وربطها بشكل أكبر بالإنتاجية، لضمان استدامة النمو في ظل البيئة التنافسية الحالية.

القطاعات النامية والمتراجعة

وقال أبو الرُّب أن سوق العمل الكويتي يشهد تحولاً جوهرياً في عام 2025، حيث تبرز القطاعات الرقمية والصحية كأبرز المحركات للنمو الوظيفي، بينما تواجه قطاعات تقليدية تحديات متزايدة. يأتي هذا التحول استجابةً للتوجهات العالمية نحو الرقمنة والابتكار، مع تأثر القطاعات المختلفة بسياسات التنويع الاقتصادي المحلية.

وتتصدر قطاع التكنولوجيا والتحول الرقمي قائمة القطاعات النامية، مع تركيز خاص على تخصصات الأمن السيبراني وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي. هذا النمو مدعوم بزيادة الطلب من القطاعات الحكومية والمالية والتجارية التي تسارع إلى تبني الحلول التقنية الحديثة. كما يشهد قطاع الرعاية الصحية توسعاً ملحوظاً نتيجة التطور المؤسسي وارتفاع الوعي الصحي، رغم بعض التحديات التنظيمية المؤقتة.

إلى جانب ذلك، تشهد قطاعات التعليم المهني والخدمات المالية والصناعات التحويلية نمواً وظيفياً ملحوظاً، مدعوماً باستثمارات كبيرة في البنية التحتية البشرية كجزء من استراتيجيات التنويع الاقتصادي. هذه القطاعات تبرز كخيارات واعدة للكفاءات المحلية والدولية على حد سواء.

في الجانب المقابل، تواجه بعض القطاعات التقليدية تباطؤاً واضحاً. يأتي قطاع البناء والمقاولات في طليعة القطاعات المتراجعة بسبب انخفاض وتيرة المشاريع الكبرى. كما يشهد قطاع التجزئة التقليدي انحساراً في فرص التوظيف مع التحول الكبير نحو المنصات الرقمية والتجارة الإلكترونية. أما قطاع النفط والغاز فيسجل استقراراً نسبياً مع ميل نحو التراجع الطفيف نتيجة اعتماد تقنيات الأتمتة المتقدمة. ويبقى قطاع السياحة والضيافة محدود النمو بسبب طبيعته الموسمية وتزايد المنافسة الإقليمية.

تعكس هذه التحولات الديناميكية المتسارعة في سوق العمل الكويتي حتمية التكيف مع المتغيرات التكنولوجية والاقتصادية، حيث تبرز الحاجة إلى سياسات توظيف وتعليم أكثر مرونة لتلبية متطلبات المرحلة المقبلة ودعم وتيرة المشاريع الكبرى التي تعزز من استدامة التطور الوظيفي.

تجميد التوظيف وتقليص فرق العمل

قال التقرير انه رغم الأداء الإيجابي لبورصة الكويت خلال الفترة ذاتها، إلا أن العديد من القطاعات الخدمية والمالية واجهت تحديات كبيرة أدت إلى تجميد التوظيف وتقليص فرق العمل، بالإضافة إلى إغلاق عدد من المنشآت الاقتصادية المتوسطة والصغيرة.

واضاف: يُعتقد أن هذا التباطؤ يمثل مرحلة انتقالية تتطلب إعادة نظر شاملة في سياسات التوظيف واستراتيجيات إدارة القوى العاملة، لمواكبة المتغيرات الجوهرية التي يشهدها سوق العمل في ظل التحول الرقمي والاقتصادي الجاري.

إطلاق منصة «بروكابيتا هب»

قال ابو الرُّب: «في إطار استراتيجيتنا لعام 2025، أعلنت بروكابيتا عن تركيزها على تعزيز البنية التحتية الرقمية لدعم القرارات في مجال الموارد البشرية. ويأتي إطلاق منصة بروكابيتا هب كأبرز مبادرات بروكابيتا في هذا الصدد، حيث تمثل المنصة الرقمية الأولى من نوعها التي تقدم تحليلاً شاملاً للبيانات والمؤشرات المتعلقة بالموارد البشرية والأداء المالي للشركات. تم تصميم المنصة لتكون أداة متكاملة تساعد قادة الأعمال على اتخاذ قرارات استراتيجية مدعومة بالبيانات في مجال إدارة الموارد البشرية. وتتميز المنصة بقدرتها على ربط المؤشرات البشرية بالأداء المالي والمؤسسي، مما يوفر رؤى استثنائية تسهم في تحسين كفاءة القوى العاملة ورفع الإنتاجية.

تعزيز حلول إدارة المواهب

أكدت المجموعة على التزامها بتعزيز حلول إدارة المواهب من خلال شركتها التابعة «زينيثر» المتخصصة في حلول الأعمال. وتشمل الخطط المستقبلية تأسيس أكاديمية متخصصة تهدف إلى تطوير كفاءات مختصي الموارد البشرية وتمكينهم بأحدث المهارات والمعارف في هذا المجال الحيوي.

وأوضح أبو الرُّب أن هذه المبادرات تأتي في إطار رؤية المجموعة لقيادة التحول الرقمي في مجال الموارد البشرية، وبناء أنظمة متكاملة تواكب متطلبات سوق العمل المتغيرة. وتعتزم بروكابيتا من خلال هذه المنصة وحلولها المصاحبة إحداث نقلة نوعية في كيفية إدارة وتطوير رأس المال البشري في المؤسسات.