اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢١ حزيران ٢٠٢٥
أقرت فاطمة السعدي، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، أن 'النساء لا يمكنهن منافسة الرجال في الاستحقاقات الانتخابية دون 'كوطا'، مشيرة إلى أن الحركة النسائية مازالت مجرد رد فعل وليست مبادرة، مؤكدة أن القضايا النسائية يتم استغلالها سياسيا.
وقالت السعدي، في كلمة لها خلال الدورة الثالثة للمجلس الوطني لمنظمة نساء الأصالة والمعاصرة، صباح السبت بقصر المؤتمرات بسلا: 'حضور الحركة النسائية الحالي يقتصر على تأثيث المشهد السياسي بردود الفعل. إذا أُلغيت الكوتا، فسنجد عدداً قليلاً جداً من النساء في المشهد السياسي. وفي البرلمان، هناك فقط عشر نساء وصلن إلى مواقعهن عبر التنافس المباشر في الاستحقاقات، بينما البقية وصلن عبر اللوائح الوطنية وهذا الوضع يدعونا إلى إعادة التفكير في دورنا ومكانتنا، بهدف تجاوز الإطار الشكلي إلى ممارسة تأثير حقيقي ومستدام، يضمن للمرأة المغربية تمكيناً سياسياً يليق بمكانتها في المجتمع'.
وتابعت: 'نظام 'الكوتا' لم يكن كافياً لتحقيق التمكين السياسي المطلوب، رغم أننا نحن موجودات في المؤسسات التشريعية بغرفتيها، وفي المؤسسات المنتخبة وبعض المؤسسات العمومية، ولكن المسألة النسائية لا تزال بحاجة إلى حضور فعّال في كل الأبعاد الاستراتيجية، لأننا نريد تحقيق تأثير فعلي، ومع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية، فمن الصعب النزول إلى الميدان ومنافسة الرجال بعيداً عن نظام 'الكوطا' بسبب تحديات مرتبطة بالعقليات والمواقف الإيجابية داخل المجتمع المغربي والمطلوب أن يكون هذا الإجراء، الذي تم اتخاذه كخطوة تحفيزية، استثناءً وليس قاعدة'.
وزادت: 'الاقتصار فقط على وجود النساء في بعض المقاعد البرلمانية أو المؤسسات المنتخبة لن يقودنا إلى التمكين السياسي الذي ننشده. نحن نطمح إلى الوصول إلى مواقع القرار، تلك المواقع التي تتيح لنا المساهمة في بناء وصناعة السياسات العمومية المؤثرة على أوضاع النساء داخل المجتمع المغربي، كما أن هدفنا هو الانتقال من المكتسبات الحالية إلى وضع يمارس التأثير الحقيقي.
وأضافت: 'الحركة النسائية استغرقت وقتاً طويلاً في معركتها لكسب رهانات النصوص القانونية واليوم، هذا المكسب الذي أقره دستور 2011، بدعم من إرادة ملكية واتفاقيات دولية متعددة، يواجه تحديات كبرى تستوجب التفكير في أسئلة راهنة ومصيرية فالمشاركة النسائية، سواء ثقافياً أو سياسياً أو اجتماعياً، أصبحت اليوم على المحك، لأن هناك معطيات جديدة تتطلب مقاربة مغايرة'.
وأشارت إلى أن 'حزب الأصالة والمعاصرة وفي تقييمه للمسألة النسائية يعتبر أن هذه الأخيرة تعيش منعطفا جديدا بكل المقاييس لأنه منعطف انتقلت فيه المسألة النسائية، وفق تعبيرها، من معركة النصوص نحو التطلع إلى الواقع الملموس، مشددة على أن الحركة النسائية بصفة عامة مدعوة لحضور وازن في هذه المحطات، مضيفة: 'نؤمن بأن هذه المقاربة يجب أن تتجاوز النمطية التقليدية. نحن بحاجة إلى مقاربة تمتلك القدرة على الربط بين البعد النسائي والأبعاد التنموية المختلفة، لأن قضايا النساء اليوم تتقاطع مع القضايا التنموية والحقوقية والسياسية.
وقالت بهذا الخصوص: 'من بين الانتقادات التي وُجهت للحركة النسائية أنها بقيت محصورة في المدن، بينما الواقع يشير إلى أن 70% من السكان يعيشون في أحزمة الهشاشة، وفي المناطق الجبلية والقروية النائية. لذلك، فإن الحركة النسائية لم تستطع حتى اليوم تحقيق حضور فاعل في المجتمع المدني خارج نطاق المدن. وإذا كنا نريد فعلاً كسب هذا الرهان، علينا أن نمد أيدينا للنساء في القرى والمناطق النائية، وأن نصل إليهن لإقناعهن وتشجيعهن على الانخراط في تدبير الشأن المحلي، ومن ثم المساهمة في تدبير الشأن العام'.
تشتت خطاب الحركة النسوية واستغلالها سياسيا
من جهة أخرى، نبهت السعدي لتشتت صوت الحركة النسائية واستغلال القضايا النسائية سياسيا، مستغربة من موافقة بعضهن على تزويج القاصرات، وقالت بهذا الخصوص: ' على الرغم من أننا أمام قانون استثنائي وغير عادي، لا تزال الحركة النسائية تفتقر إلى خطاب موحد؟ كيف يعقل أن هناك أصواتاً من داخل الحركة النسائية نفسها ما زالت تتحدث عن جواز زواج القاصرات؟ هذا الأمر يستوقفني ويستفزني بكل صراحة، لأنني أرى فيه استغلالاً سياسياً للمسألة النسائية'.
وأضافت: ' كيف يمكن للحركة النسائية وللنساء اللواتي يُفترض أن يدافعن عن حقوق النساء أن يقبلن بهذا المعطى؟ خاصة وأن الهدف الأساسي من مدونة الأسرة هو حماية الأسرة وتعزيز تماسكها وضمان المصلحة الفضلى للأطفال، فكيف يمكن لقاصر أن تتحمل مسؤوليتها داخل الأسرة والمجتمع، وهي لم تنضج بعد عاطفياً أو فكرياً؟ وكيف نطالبها بتحمل أعباء ومسؤوليات الأسرة وهي غير مهيأة لذلك؟'.
وتابعت: 'لا تزال الخطابات مشتتة، وهذه إشكالية تتجاوز المعطيات البسيطة لتصل إلى مساءلة البنى الثقافية والسياسية التي نعمل في إطارها. كما تفتح النقاش حول كيفية سماح النساء لأنفسهن بأن يتم توظيف قضاياهن داخل الأحزاب السياسية بشكل انتهازي يخدم أهدافاً سياسوية بحتة، بدلاً من التركيز على تحقيق مكتسبات فعلية للنساء والمجتمع ككل، لهذا، هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في هذه التوجهات والعمل على توحيد الخطاب النسائي بما يتماشى مع التطلعات الحقيقية لتحقيق العدالة والإنصاف، بعيداً عن التوظيف السياسي الضيق'.
وزادت: 'ما يُعاب على الحركة النسائية إلى اليوم هو غياب التوحيد في سقف المطالب. لا نملك خطاباً موحداً، ولم نتمكن حتى الآن من تشكيل واجهة صلبة يمكن أن تكون بمثابة كتلة ضاغطة تُمارس تأثيراً حقيقياً، وهذا التشتت في الرؤى والأولويات يجعلنا غير قادرين على الوصول إلى ما يُعرف بـ'الكتلة الحرجة'، وهي المرحلة التي تستطيع فيها الحركة النسائية تحقيق التغيير الجذري والتأثير الفعلي في صياغة السياسات العامة وفي دفع القضايا النسائية إلى الواجهة'.
وأكملت: 'إن هذه النقطة تتطلب منا كحركة نسائية ومراجعة ذاتية عميقة والعمل بشكل جاد على توحيد الخطاب وترتيب الأولويات، فمن دون هذه الخطوات، سيظل تأثيرنا محدوداً وغير قادر على إحداث التحولات التي نصبو إليها في واقع النساء والمجتمع ككل'.