اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٥
في لحظات الطوارئ، قد لا يكون لدى السائق الوقت الكافي للتفكير أو رد الفعل. وهنا، تتدخل فولفو. ليس فقط بتقنيات متقدمة، بل بفلسفة تقول: «دع السيارة تفكّر قبلك، وتحميك حين تتردد». وبينما ما زالت بعض الشركات تركّز على ما يحدث بعد الحادث، اختارت فولفو أن تذهب أبعد: أن تمنع الحادث قبل أن يبدأ. هكذا وُلد أحد أكثر أنظمة الأمان ثورية في عالم السيارات — نظام الكبح التلقائي لتجنّب الاصطدام City Safety، أحد أبرز ابتكارات فولفو في مجال السلامة، والذي يجمع بين التوجيه والكبح التلقائي لمنع التصادم قبل وقوعه.
بدأت فكرة هذا النظام من سؤال بسيط طرحه مهندسو فولفو في أوائل الألفية: «هل يمكن للسيارة أن تتفاعل أسرع من الإنسان؟»،
ومن هذا السؤال انطلقت ثورة في مفهوم القيادة الآمنة. عملت فولفو على تطوير منظومة متكاملة من المستشعرات والكاميرات والرادارات، تعمل على مراقبة الطريق بشكل مستمر. هذه الأنظمة قادرة على رصد المشاة، الدراجات، السيارات، بل وحتى الحيوانات الكبيرة في الليل أو الضباب، وتتفاعل خلال أجزاء من الثانية حين تشعر باحتمال وقوع تصادم.
عند اكتشاف خطر وشيك، يبدأ النظام بإرسال تنبيهات صوتية وبصرية للسائق. وفي حال لم يتفاعل السائق بالسرعة الكافية، يتدخل النظام تلقائيًا عبر كبح فوري وقوي، أو حتى توجيه السيارة بعيدًا عن الخطر إذا كانت المسافة تسمح بذلك لتجنّب الاصطدام أو على الأقل تقليل شدّته. هذا التفاعل لا يُلغِ دور السائق، بل يدعمه في اللحظات الحرجة، ويمنع الحوادث التي تحدث بسبب التأخير في اتخاذ القرار. وهذا التدخل ليس عشوائيًا، بل يستند إلى تحليل فوري لسرعة السيارة، والمسافة، وزاوية الاصطدام المحتملة، باستخدام تقنيات تجمع بين الذكاء الاصطناعي والبيانات الحركية.
عند تقديم هذا النظام لأول مرة في سيارات فولفو عام 2008، كان قادرًا على منع الحوادث حتى سرعة 30 كم/س، وهو ما كان يُعتبر إنجازًا مذهلًا حينها. لكن التطوير لم يتوقف، واليوم تعمل الأجيال الحديثة من هذا النظام بدقة متناهية حتى سرعات تتجاوز 80 كم/س، وتتعرف على مواقف معقّدة، مثل المركبات القادمة من تقاطعات جانبية، أو المشاة الذين يعبرون الطريق فجأة.
وما يميز فولفو مرة أخرى هو البُعد الإنساني في التكنولوجيا. الشركة لم تحتكر هذا النظام، بل سمحت بتبادل الأبحاث والمفاهيم مع شركات أخرى، لتسهم في رفع مستوى الأمان العالمي. فلسفتها ثابتة: «كل نظام جديد يجب أن يُنقذ حياة، لا أن يبيع خيارًا إضافيًا».
هذا النظام لم يُقلل فقط من عدد الحوادث داخل المدن، بل غيّر سلوك السائقين أنفسهم. فمع مرور الوقت، أصبح السائق يشعر أن السيارة «تحميه من نفسه»، من تلك اللحظة التي يتشتت فيها انتباهه أو يخطئ في التقدير.
في الكويت، حيث تتنوع ظروف القيادة بين الزحام الحضري والطرق السريعة، يصبح وجود هذا النظام أكثر من مجرد ميزة تقنية، إنه طبقة أمان إضافية، تمنح السائق راحة نفسية، وتقلل من التوتر، وتُشعره بأن السيارة ليست مجرد آلة، بل هي شريك واعٍ في القيادة.
اليوم، عندما تقود سيارة فولفو، فأنت لا تعتمد فقط على مهارتك، بل على ذكاءٍ يقظٍ يراقب الطريق معك، نظام لا ينام، لا يتعب، ولا يتردد في إنقاذ حياتك، إنها الخطوة التالية في رحلة الأمان التي بدأت بحزام بسيط.. ووصلت اليوم إلى سيارة تفكر قبلك وتتحرك لأجلك.
في المقال القادم، سنكشف كيف تطورت هذه الأنظمة لتصبح جزءًا من القيادة الذاتية، وكيف تواصل فولفو رحلتها نحو مستقبل لا تُستخدم فيه الفرامل إلا نادرًا.. لأن السيارة سبقتك إلى القرار.
في المقال المقبل، سنقترب أكثر من الإنسان — الحاضر في فلسفة فولفو دائمًا — لنتحدث عن نظام كشف المشاة مع الكبح التلقائي الكامل، وكيف جعلت فولفو من حماية العابرين أولوية لا تقل أهمية عن حماية من هم داخل السيارة.
مشعل يوسف الصفران


































