خاص: 'بنا'

المنامة في 18 مايو/ بنا / انطلاقاً من إرثها الحضاري والقيم الإنسانية النبيلة والقواسم المشتركة المتمثلة بمبادئ التعايش والتسامح التي استطاعت من خلاها ان تقدم للعالم نموذجًا يحتذى، شاركت مملكة البحرين حاضرة الفاتيكان اليوم مراسم حفل تنصيب قداسة البابا روبرت بريفوست (ليو الرابع عشر) بوفد رسمي يمثل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، برئاسة سمو الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة رئيس مجلس أمناء وقف عيسى بن سلمان التعليمي الخيري، رئيس مجلس إدارة صندوق العمل (تمكين)، وسط مشاركة عالمية رفيعة المستوى من الرؤساء والقادة وممثلي وفود نحو 200 دولة، لحضور القُداس الاحتفالي الضخم الذي شهدته ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.

وتمثل هذه المشاركة الرفيعة انعكاسًا واضحاً لمستوى العلاقات والتعاون الوثيق بين مملكة البحرين والفاتيكان والتي تكللت بتدشين العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما في 12 يناير 2000، وارتبط الجانبان بعلاقات تعاون وشراكة واحترام متبادل، ارتكزت في جوهرها ومستهدفاتها على خدمة القضايا الإنسانية، ونشر السلام والمحبة والوئام بين الشعوب، وتعزيز قيم ومبادئ التسامح والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات والأعراق، والعمل على مد جسور الثقة والحوار البنّاء بين العالمين الإسلامي والمسيحي.

وفي هذا الإطار شهدت العلاقات بين مملكة البحرين وحاضرة الفاتيكان خلال الفترة البابوية السابقة برئاسة قداسة البابا فرنسيس الذي رحل عن عالمنا في السادس والعشرين من شهر ابريل المنصرم، الكثير من التقدم والازدهار انعكست في تعدد الزيارات المتبادلة التي قام بها كل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لحاضرة الفاتيكان، وأيضاً الزيارات التي قام بها كبار المسؤولين وسفراء الكرسي الرسولي للفاتيكان في المنطقة العربية إلى مملكة البحرين ،تعزيزاً لعلاقات التعاون المتميزة بين الجانبين.

كما مثلت الزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا الراحل فرنسيس لمملكة البحرين في نوفمبر 2022، ومشاركته في 'منتدى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل تعايش إنساني' بحضور فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، منعطفاً تاريخياً هاماً في تاريخ الزيارات الخارجية التي قام بها البابا السابق، وأسهمت في ترسيخ مسارات ونهج مملكة البحرين الدائم والثابت في التأكيد على جهودها المتواصلة نحو تكريس وتفعيل قيم الأخوة الإنسانية والعيش المشترك بين مختلف الحضارات والبشر على اختلاف انتماءاتهم، بما يؤدي لتحقيق السلام والاستقرار العالمي.

واعتبرت البحرين رحيل قداسة البابا الراحل فرنسيس خسارة كبيرة وعبر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه في برقية تعزية ومواساة في هذه المناسبة عن تثمين جلالته للدور الكبير الذي اضطلع به قداسة البابا فرانسيس في دعم الحوار و التعايش بين الأديان والثقافات والحضارات ونشر قيم الأخوة الإنسانية والتسامح و تعزيز التعايش بين البشر على اختلاف انتماءاتهم وبجهوده في الدفاع عن القضايا العادلة و نبذ الصراعات والحروب وما حظي به قداسته من احترام وتقدير شعوب العالم كافة .

كما عبرت مملكة البحرين عن تمنياتها لقداسة البابا روبرت بريفوست (ليو الرابع عشر) بالنجاح والتوفيق في مهامه وتطلعها نحو توثيق الروابط التاريخية مع الفاتيكان بما يسهم في ترسيخ مفاهيم المحبة والوئام وتعزيز السلام والاستقرار العالمي.

وحرصت مملكة البحرين في ظل المسيرة التنموية الشاملة التي تشهدها خلال العهد الزاهر لجلالة الملك المعظم أيده الله ، على إطلاق المبادرات الإنسانية الرائدة والملهمة التي عكست توجيهات جلالته حفظه الله ورعاه، ودعم صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في تعزيز ريادة البحرين، ونجاحاتها في إرساء الحوار والتسامح والسلام.

وقد جاءت المبادرة العالمية الرائدة لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، بإنشاء جائزة الملك حمد للتعايش، تجسيدًا لرؤية جلالته المستنيرة لإرساء القيم الإنسانية النبيلة من أجل عالم آمن ومسالم ومستدام، حيث مثلت تلك الجائزة الأبعاد الإنسانية النابعة من الإرث التاريخي والحضاري العريق لمملكة البحرين في الانفتاح ، وأهدافها الرامية إلى تعزيز قيم التعايش وحوار الحضارات والثقافات، ونبذ التطرف والعنف والكراهية.

كما جاءت الجائزة العالمية ضمن المبادرات الملكية السامية المتتالية التي نفذها مركز الملك حمد العالمي للتعايش والتسامح مثل تدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان بجامعة (سابينزا) الإيطالية، ودعوة جلالة الملك المعظم إلى إقرار اتفاقية دولية لتجريم خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية، وغيرها من المبادرات الملكية السامية التي تحمل رسالة خير وسلام وأمل للبشرية، وازدهار للشعوب.

السيرة الذاتية لبابا الفاتيكان الجديد..

وتمثل احتفالات التنصيب التي تشهدها ساحة القديس بطرس في حاضرة الفاتيكان بالعاصمة الإيطالية روما اليوم البداية الرسمية لحبرية قداسة البابا 'ليو الرابع عشر' على رأس الكنيسة الكاثوليكية، عقب انتخابه من مجلس الكرادلة بالفاتيكان والمعروف بـ (الكونكلاف) في الثامن من مايو الجاري ليكون 'الحبر الأعظم' رئيس مجمع الأساقفة، وأُسقف روما.

يعتبر البابا 'روبرت بريفوست' أول بابا أميركي يتولى هذا المنصب في تاريخ الفاتيكان، وقد اختار لنفسه اسم ليون الرابع عشر.

وُلد البابا ليو الرابع عشر في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأميركية عام 1955، وعاش لسنوات عديدة في بيرو، زعيماً للروم الكاثوليك.

يعد من الشخصيات البارزة كأحد كبار رجال الكنيسة الكاثوليكية العالمية، ويحظى بثقة مختلف كبار الكرادلة والأساقفة الكاثوليك في العالم.

شغل البابا عدة مناصب كنسية رفيعة، آخرها قبل البابوية، نيله رتبة كاردينال عام 2023، ومن ثم ترقيته لرتبة أسقف كاردينال في فبراير 2025، في أبرشية 'ألبانو' بالقرب من روما.

يعتبر البابا، الحبر الأعظم رقم 267 في تاريخ رئاسة بابوية الكنيسة الكاثوليكية.

يتقن البابا الجديد عدة لغات من بينها الإنجليزية، الإيطالية، الإسبانية، الفرنسية، والبرتغالية، كما يقرأ اللاتينية والألمانية.

وخلال استقباله أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في الفاتيكان عقب مراسم انتخابه بأيام، أفصح البابا ليو الرابع عشر عن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية التي سيتبعها الفاتيكان برئاسته، والتي أكد أنها ماضية في تبني النهج العام للبابا السابق فرنسيس حيال قضايا التعايش والسلام، مشدداً على أن تحقيق السلام العالمي يقتضي اجتثاث أسباب النزاعات والحروب والحوار بين الأديان، مستلهماً كلمات سلفه بأن 'السلام الحقيقي ليس مجرد هدنة بين مواجهةٍ وأخرى'.

كتبت: هـنـد كــرم

ع.ر, S.E