نظمت غرفة تجارة وصناعة الكويت، أمس، ورشة عمل حول «تداعيات السياسات التجارية الحمائية العالمية على النظام الاقتصادي العالمي، وعلى الإصلاح الاقتصادي في دولة الكويت»، وذلك بمشاركة الجهات الرسمية المعنيّة، وعدد من الخبراء والاختصاصيين والمهتمين في الشأن الاقتصادي.افتتح أعمال الورشة رئيس اللجنة الانتقالية للغرفة، د. محمد الفيلي قائلاً: «لستُ علي يقين كافٍ بأني مضيفكم، لأقوم بواجب الترحيب بكم في غرفة تجارة وصناعة الكويت، ولأشكر لكم تلبية دعوتها للمشاركة في ورشة الفكر الاقتصادي هذه، ولكني - في المقابل - أنا على ثقة مطلقة من سروري واعتزازي بالتواجد بينكم وبمخاطبة لقائكم. ولأني لست صاحب اختصاص في موضوع اللقاء، فإني لن أحاول استباق أوراقه وحواره، ولن أتعثّر بتفاصيله وأرقامه، ولن أراهن على آثاره وانعكاساته، فهذا شأنكم وميدانكم. وسأقصر حديثي على ماهية الأزمة ومفهومها، فإن أصبتُ كسبتُ الأجرين، وإن جانبني التوفيق اتكأتُ على عدم الاختصاص، واكتفيت بأجر واحد.وأضاف: «لقد شهدت الفترة القصيرة بين الثاني من أبريل 2025 - أو ما أسماه الرئيس الأميركي «يوم التحرير»، وبين يومنا هذا، مدّاً وجزراً عنيفين حيناً ومعتدلين أحياناً، كما شهدتْ تغيراتٍ متلاحقةً في مواقف جميع الدول الأكثر تأثراً بحرب التعريفات الجمركية إن صح التعبير. ولكن هذا كله لم يغيّر - في اعتقادي - من ماهية الأزمة القديمة والعميقة والمتفاعلة، التي آثرت الولايات المتحدة أن تفجّرها وتدير شظاياها قبل أن تخرج عن السيطرة تماماً. لقد أدى خطاب الرئيس الأميركي «يوم التحرير» الى حالة عالمية غير مسبوقة من عدم اليقين، طالت التجارةَ والصناعة والاستثمار والنفط والصناديق السيادية والسندات الحكومية، وشملت الدول والتجمعات المتنافسة، كما شملت الدول الحليفة سياسياً والمتحالفة اقتصادياً على حدٍّ سواء. وبيّن أن ما جرى ليس نزوة سياسية أو مرحلة عابرة، بل هو تغيّر نظامي حاد تتفاعل عوامله منذ سنوات، ويعطي مؤشرات واضحة بأن النظام الاقتصادي العالمي - الذي هندسته الولايات المتحدة الأميركية نفسها بُعيد الحرب العالمية الثانية - لم يعد قادراً على الاستمرار، مشيراً إلى أنه إذا كان العديد من أصحاب الفكر الاقتصادي قد أعلنوا بوضوح نهاية العولمة، فإنني شخصياً أميل الى ما ذهب إليه رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، حين قال «العولمة كما عرفناها انتهت، والعالم القديم كما عرفناه انتهى، والعالم الجديد ستكون له قواعد راسخة أقل، وستحكمه الاتفاقات والتحالفات بشكل أكبر».وذكر أن العالم قد انتقل من مرحلة «العولمة الكاملة» الى مرحلة «العولمة المشروطة»، التي تخضع لمواءمات المصالح أكثر من التزامها بمبادئ التجارة الحرة، والمنافسة العادلة، والانفتاح، والتعاون الدولي.وأشار الى أن الحوار لن يقف عند حدود التعرفات الجمركية وتداعياتها، بل سيؤكد عمق وماهية «التحول الاقتصادي العالمي»، كما سيوضح أن مثل هذه التحولات التاريخية العميقة تحمل بطبيعتها فرصاً رحيبة لأصحاب الرؤى، الذين يخططون بوعي، ويبادرون بجرأة.وختم د. الفيلي كلمته الافتتاحية الموجزة بالإعراب عن أمله بأن تأتي ورشة العمل قيّمة البحث، ثريّة الحوار، عميقة الأطروحات، تدعم مخرجاتها صاحب القرار الكويتي في التخطيط لرسم موقع ودور الكويت في الخريطة الاقتصادية العالمية الجديدة، ولاكتشاف الفرص الواعدة التي تحملها التحولات العالمية القادمة.الجلسة الأولى

نظمت غرفة تجارة وصناعة الكويت، أمس، ورشة عمل حول «تداعيات السياسات التجارية الحمائية العالمية على النظام الاقتصادي العالمي، وعلى الإصلاح الاقتصادي في دولة الكويت»، وذلك بمشاركة الجهات الرسمية المعنيّة، وعدد من الخبراء والاختصاصيين والمهتمين في الشأن الاقتصادي.

افتتح أعمال الورشة رئيس اللجنة الانتقالية للغرفة، د. محمد الفيلي قائلاً: «لستُ علي يقين كافٍ بأني مضيفكم، لأقوم بواجب الترحيب بكم في غرفة تجارة وصناعة الكويت، ولأشكر لكم تلبية دعوتها للمشاركة في ورشة الفكر الاقتصادي هذه، ولكني - في المقابل - أنا على ثقة مطلقة من سروري واعتزازي بالتواجد بينكم وبمخاطبة لقائكم. ولأني لست صاحب اختصاص في موضوع اللقاء، فإني لن أحاول استباق أوراقه وحواره، ولن أتعثّر بتفاصيله وأرقامه، ولن أراهن على آثاره وانعكاساته، فهذا شأنكم وميدانكم. وسأقصر حديثي على ماهية الأزمة ومفهومها، فإن أصبتُ كسبتُ الأجرين، وإن جانبني التوفيق اتكأتُ على عدم الاختصاص، واكتفيت بأجر واحد.

وأضاف: «لقد شهدت الفترة القصيرة بين الثاني من أبريل 2025 - أو ما أسماه الرئيس الأميركي «يوم التحرير»، وبين يومنا هذا، مدّاً وجزراً عنيفين حيناً ومعتدلين أحياناً، كما شهدتْ تغيراتٍ متلاحقةً في مواقف جميع الدول الأكثر تأثراً بحرب التعريفات الجمركية إن صح التعبير. ولكن هذا كله لم يغيّر - في اعتقادي - من ماهية الأزمة القديمة والعميقة والمتفاعلة، التي آثرت الولايات المتحدة أن تفجّرها وتدير شظاياها قبل أن تخرج عن السيطرة تماماً. لقد أدى خطاب الرئيس الأميركي «يوم التحرير» الى حالة عالمية غير مسبوقة من عدم اليقين، طالت التجارةَ والصناعة والاستثمار والنفط والصناديق السيادية والسندات الحكومية، وشملت الدول والتجمعات المتنافسة، كما شملت الدول الحليفة سياسياً والمتحالفة اقتصادياً على حدٍّ سواء.

وبيّن أن ما جرى ليس نزوة سياسية أو مرحلة عابرة، بل هو تغيّر نظامي حاد تتفاعل عوامله منذ سنوات، ويعطي مؤشرات واضحة بأن النظام الاقتصادي العالمي - الذي هندسته الولايات المتحدة الأميركية نفسها بُعيد الحرب العالمية الثانية - لم يعد قادراً على الاستمرار، مشيراً إلى أنه إذا كان العديد من أصحاب الفكر الاقتصادي قد أعلنوا بوضوح نهاية العولمة، فإنني شخصياً أميل الى ما ذهب إليه رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، حين قال «العولمة كما عرفناها انتهت، والعالم القديم كما عرفناه انتهى، والعالم الجديد ستكون له قواعد راسخة أقل، وستحكمه الاتفاقات والتحالفات بشكل أكبر».

وذكر أن العالم قد انتقل من مرحلة «العولمة الكاملة» الى مرحلة «العولمة المشروطة»، التي تخضع لمواءمات المصالح أكثر من التزامها بمبادئ التجارة الحرة، والمنافسة العادلة، والانفتاح، والتعاون الدولي.

وختم د. الفيلي كلمته الافتتاحية الموجزة بالإعراب عن أمله بأن تأتي ورشة العمل قيّمة البحث، ثريّة الحوار، عميقة الأطروحات، تدعم مخرجاتها صاحب القرار الكويتي في التخطيط لرسم موقع ودور الكويت في الخريطة الاقتصادية العالمية الجديدة، ولاكتشاف الفرص الواعدة التي تحملها التحولات العالمية القادمة.

الجلسة الأولى

بدأت الجلسة الأولى للورشة، التي أدارها الأمين العام لاتحاد مصارف الكويت د. يعقوب الرفاعي، وتم خلالها تقديم ورقتَي عمل، كانت أولاهما بعنوان «تحولات النظام التجاري العالمي»، وقدّمتها د. بورسلافا ميرشيفا (اقتصادي أول في صندوق النقد الدولي). وتناولت فيها «التحولات الراهنة في النظام التجاري العالمي، وأثرها على التوازنات الاقتصادية، وانعكاسات هذه التحولات على اقتصادات الدول المصدّرة للنفط».

أما ورقة العمل الثانية فكانت بعنوان «إعادة النظر في السياسات التجارية الكويتية والخليجية»، وقدّمها عضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت، د. نايف الشمري، وتناول فيها «مراجعة سياسات الانفتاح التجاري في ظل التحولات العالمية، وفرص بناء شركات تجارية جديدة خارج الأطر التقليدية (جنوب - جنوب، آسيا، إفريقيا)، وتعزيز التجارة الإقليمية بين دول مجلس التعاون وأهمية بناء سلاسل إمداد مرنة ومتكاملة خليجياً، والاعتبارات السيادية والقدرة على التفاوض التجاري المستقل».

حلقة حوار

ومن ثم شهدت ورشة العمل حلقة حوار بعنوان «كيف تبني الكويت اقتصاداً مرناً في بيئة تجارية مضطربة؟» أدارها رئيس مجموعة إدارة المخاطر في بنك بوبيان، د. بدر الهاشل، وتناولت «استقرار المالية العامة في ظل تقلبات الطلب على النفط، والأمن الغذائي والتكنولوجي تحت ضغوط سلاسل الإمداد، وتحديات تنمية القطاع الخاص وجذب الاستثمار، وإعادة النظر في السياسة التجارية لدول مجلس التعاون لتعزيز الفرص وتوطين الصناعة».

وشارك في حلقة الحوار هذه كل من الرئيس الأسبق لاتحاد المصارف الكويتية، عبدالمجيد الشطي، والخبير الاقتصادي والأكاديمي، د. أحمد الكواز، والممثل المقيم لمجموعة البنك الدولي في الكويت وقطر، د. زياد نكت، والاختصاصية في الاقتصاد والإدارة العامة، د. هالة الحميدي.

من جانبها، أكدت د. الحميدي أن من التشريعات الجديدة المهمة يجب أن يكون لدينا قانون للمرونة الاقتصادية يهدف الى تمكين الاستجابة السريعة والفعالة عند الأزمات الاقتصادية العالمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وذكرت أن الكويت لديها العديد من التشريعات مقارنة بدول الخليج، حيث إنها سباقة في إقرار تلك التشريعات، وخاصة التشريعات الاقتصادية. نحن بحاجة الى مراجعة هذه التشريعات وتقييم دور التشريع في الإصلاح الاقتصادي، ونرى هل هناك أثر اقتصادي لهذه التشريعات، وهل هي كافية أم نحتاج الى المزيد من الإصلاحات التشريعية الجديدة،

وقائع ورشة العمل

وإذا كان من المتعذر التعرف على وقائع ورشة العمل وأطروحاتها وتوصياتها، قبل إعادة الاستماع الى كل ما سجلته جلساتها وأوراقها وحوارتها، فإنه يمكن من خلال النقاط التالية تلمّس توجهاتها الأساسية أو بعضها على الأقل.

أولا- يرجح المختصون أن يكون التأثير المباشر لارتفاع الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة الأميركية، وللإجراءات المقابلة التي ستتخذها الدول الأخرى، تأثيراً معتدلاً على معظم اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا). غير أن هذه الدول ستعاني - بشكل أو بآخر وبدرجة أو بأكثر - الانعكاسات السلبية غير المباشرة للسياسات التجارية الدولية الحمائية، وذلك من خلال ما تسببه هذه السياسات من انخفاض في النمو العالمي، وارتفاع في تكلفة وشروط التمويل، وانخفاض في أسعار النفط، كما أن حالة عدم اليقين التي ستسود الأسواق العالمية ستؤدي الى معاناة دول «مينا» المصدرة للنفط والمستوردة له من تقلبات عديدة وشديدة في أسعار السلع والخدمات. وبالتالي، على الكويت وشقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي توجيه سياساتها المالية والنقدية نحو الاحتفاظ باحتياطيات كافية لامتصاص أثر الانخفاض المتوقع في أسعار النفط.

ثانياً – ينبغي على دول مجلس التعاون الخليجي السعي لتوزيع حجم مبادلاتها التجارية على أكبر عدد ممكن من الشركاء التجاريين غير التقليديين.

ثالثا- وصل حجم التجارة الدولية بالسلع والخدمات في دول مجلس التعاون الى 175 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات، و140 بالمئة في البحرين، و85 بالمئة في كل عمان وقطر والكويت، و60 بالمئة في السعودية.

وهذه الأهمية الكبرى للتجارة الدولية في اقتصادات دول المجلس، تقتضي من هذه الدول عموماً ومن دولة الكويت على وجه الخصوص العمل على استقطاب التدفقات التجارية من خلال توفير بيئة جيدة للانفتاح التجاري، والحرص على كفاية أنظمة النقل والخدمات اللوجستية، وتوفر الربط الشبكي في مجالات الاتصالات والأسواق المالية وفرض بيئة تنظيمية مشجعة.

رابعا- لعل الفكرة التي حظيت باهتمام كل المتحدثين والمحاورين في ورشة العمل، هي ضرورة دعم دول مجلس التعاون الخليجي عامة ودولة الكويت على وجه الخصوص لاستثمارات القطاع الخاص، مع التركيز على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لما تؤديه من دور كبير في تشجيع القطاع الخاص الوطني.

رئيس «الانتقالية»: أنجزنا مشروع اللائحة التنفيذية لقانون «الغرفة» الجديد

اللجنة رفعته للجهات المختصة مقروناً بتوصيات استشارية

تطرّق د. الفيلي الى عمل اللجنة الانتقالية للغرفة، مؤكداً إنجازها مشروع اللائحة التنفيذية لقانون الغرفة الجديد، الذي رفعته الى الجهات المختصة مقروناً ببضع توصيات استشارية فيه، فقال: من منظور غرفة تجارة وصناعة الكويت، يمثل لقاؤنا هذا باكورة أنشطتها الفكرية في ظل قانونها الجديد (122 لسنة 2023)، بعد أن كرست المحكمة الدستورية - في حكمها الصادر بتاريخ 13 نوفمبر 2024 - حق الغرفة بممارسة العديد من الأنشطة التي أنيطت بها بحكم القانون. ويسرّني كرئيس للجنة الانتقالية للغرفة، أن أؤكد أن اللجنة قد أنجزت مشروع اللائحة التنفيذية للقانون، ورفعته الى الجهات المختصة رفق بضع توصيات استشارية فنية تهدف الى تسهيل وتسريع إنفاد القانون الجديد. وإني وزملائي أعضاء اللجنة الانتقالية نعمل بجد ونتطلع بتفاؤل الى أن تنتهي مهمتنا بأقرب فرصة ممكنة، لكي تعود الغرفة الى أعضائها ومنتسبيها، ولتؤدي دورها التنظيمي والتنموي والإعلامي كممثلة للقطاع الخاص الكويتي في الشأن الاقتصادي على المستوى الوطني، وعلى صعيد المحافل الاقتصادية الدولية.