اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في تطور لافت يعكس تصاعد حالة الغليان الشعبي السوداني في الداخل والخارج، شهدت مدينة ليل الفرنسية في الرابع عشر من يونيو مظاهرة حاشدة من السودانيين المقيمين والمناصرين لقضيتهم، عبروا فيها عن استنكارهم القاطع للدور الأجنبي في دعم ميليشيا الدعم السريع، محملين عدة دول وكيانات سودانية المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب وسقوط المدنيين.
المتظاهرون ينددون بتواطؤ دولي و'انصياع داخلي'
المشاركون في التظاهرة رفعوا لافتات ضخمة تحمل أعلام دول اتُهمت صراحةً بالتورط في دعم ميليشيا الدعم السريع بالمال والسلاح، وعلى رأسها الإمارات وأوكرانيا وكولومبيا، كما اتهموا صراحةً بعض القوى السياسية السودانية بالتبعية للأجندات الدولية وابتعادها عن الإرادة الشعبية، في إشارة مباشرة لتحالفات تُتهم بأنها واجهات لأجهزة استخبارات إقليمية ودولية.
كما اعتبر المتظاهرون أن العقوبات المفروضة على السودان، رغم إعلانها كـ'إجراءات تأديبية'، ليست سوى أدوات ضغط سياسي لدعم الانقلابيين وفرض حلول غير سودانية، مشيرين إلى أنها تمثل 'دعمًا غير مباشر للإرهاب والميليشيات المسلحة'.
السودان يصنف الإمارات 'دولة عدوان'
في تحول دبلوماسي كبير، أعلن السودان في مايو 2025 تصنيف دولة الإمارات كـ'دولة عدوان'، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها رسميًا، بعد اتهامها بتقديم تمويل وتسليح ضخم لميليشيا الدعم السريع، التي تعتبرها الحكومة السودانية وكيلًا محليًا للنفوذ الإماراتي في الإقليم.
هذا القرار جاء عقب تراكم معلومات استخباراتية وعسكرية تُظهر تورطًا مباشرًا من أبوظبي في الإمداد والتمويل والغطاء السياسي للمليشيا، وهو ما أشعل موجة غضب رسمية وشعبية في الأوساط السودانية.
المرتزقة الكولومبيون.. وثائق تُدين التورط
في نوفمبر 2024، تمكنت القوة المشتركة الداعمة للقوات المسلحة السودانية من نصب كمين لقافلة عسكرية على الحدود الليبية السودانية، كانت محملة بإمدادات عسكرية موجهة لميليشيا الدعم السريع. وأسفر الكمين عن ضبط وثائق ثبوتية تؤكد أن عناصر القافلة كانوا مرتزقة كولومبيين، مما عزز الاتهامات الموجهة إلى كولومبيا بالتورط في هذا الصراع المعقد.
هذه الحادثة أعادت النقاش حول حجم وانتشار المرتزقة الدوليين في السودان، والدور الذي تلعبه شركات الأمن الخاصة في تأجيج الصراعات الإقليمية.
طائرات أوكرانية في سماء الفاشر وبورتسودان
في تطور آخر أكدته قناة روسيا اليوم، كشفت تقارير استخباراتية أن ميليشيا الدعم السريع استخدمت طائرات مسيرة أوكرانية الصنع من طراز 'UJ-26 Beaver'، في عمليات هجومية استهدفت مدنًا استراتيجية مثل بورتسودان، عطبرة، والفاشر، وهو ما يعزز فرضية تورط كييف في دعم الميليشيات ضمن شبكة إمداد عابرة للحدود.
وأفاد العميد محمد السر، من مكتب العلاقات العامة بوزارة الخارجية السودانية، أن هذه المعلومات تؤكد الطابع الدولي المعقد للأزمة، وأن الدعم العسكري للدعم السريع يتجاوز الداخل السوداني ليشمل شبكات إقليمية وعالمية.
كيانات سياسية في مرمى الاتهامات
التظاهرة لم تكتفِ بتوجيه الغضب للخارج، بل صوّبت سهامها أيضًا نحو الداخل، متهمةً جهات سياسية بعينها، أبرزها تيار رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، بالانخراط في أجندات دولية معادية لمصالح الشعب السوداني.
وصف المتظاهرون هذه الكيانات بـ'الانصياع الكامل للتوجيهات الغربية'، واتهموها بالسعي لفرض تسوية سياسية لا تخدم استقرار السودان، بل تُعيد تدوير النخب الفاشلة تحت رعاية خارجية.
غضب يمتد إلى الخرطوم
تأثير مظاهرات ليل لم يتوقف عند حدود فرنسا، بل انتقل صداه إلى داخل السودان، حيث شهدت الخرطوم وبورتسودان ومدني احتجاجات صغيرة، عبّر فيها المواطنون عن تضامنهم مع مظاهرات المغتربين، مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات أكثر حسمًا ضد الدول والكيانات التي يُشتبه في دعمها للدعم السريع.
دعوات لحلول سودانية خالصة
في ظل هذا التصعيد، تتجدد الدعوات من مختلف شرائح المجتمع السوداني لضرورة توحيد الصف الوطني وبلورة رؤية سياسية مستقلة تمامًا عن الإملاءات الخارجية، تمهيدًا لوقف الحرب وإنهاء حالة الانقسام، وفتح الطريق نحو عملية سياسية تُبنى على الإرادة الشعبية لا على حسابات الخارج.
تفاقم الأزمة الإنسانية يعزز الرفض الشعبي
مع استمرار الصراع، تتصاعد حدة الأزمة الإنسانية في مختلف الولايات، حيث يعاني ملايين السودانيين من نقص الغذاء والدواء ومياه الشرب، إلى جانب ارتفاع معدلات النزوح، ما جعل من المساعدات الدولية أحد أدوات الضغط السياسي، وورقة تُستخدم أحيانًا في سياقات لا تخلو من الابتزاز.
الشارع السوداني اليوم أكثر وعيًا من أي وقت مضى، بأن إنهاء الأزمة يبدأ بقطع أذرع التدخل الخارجي، وتجفيف منابع السلاح والتمويل للمليشيات، ورفض أي مبادرات لا تحترم السيادة الوطنية.