تلعب الألياف الغذائية دوراً أساسياً في الحفاظ على صحة الجسم، خاصة في ما يتعلق بصحة الجهاز الهضمي وإدارة الوزن وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. ومع ذلك، تحيط بالألياف العديد من الاشاعات والمعلومات الخاطئة التي قد تمنع الأشخاص من الاستفادة الكاملة منها.

وفي هذا الإطار، قالت نور العمر -اختصاصية التغذية العلاجية- في حديث مع القبس، إن التوعية بالتوصيات الغذائية للألياف وعلاقتها بأمراض الجهاز الهضمي، مثل التهاب القولون التقرحي، والإمساك، وداء الرتوج، أمر ضروري.

وأضافت: «محلياً، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، يعاني الكثيرون من مشكلات الإمساك بسبب نقص تناول الألياف الغذائية، حيث يرتبط النظام الغذائي الغني بالأطعمة المصنعة والقليل بالألياف بعدة مشاكل صحية، خاصة الإمساك. كما ترتبط قلة أو نقص تناول الألياف مع زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وداء السكري من النوع الثاني، وسرطان القولون. وقد أظهرت الدراسات أن تناول كمية غير كافية من الألياف يرتبط أيضاً بزيادة الوزن وارتفاع مستويات الكوليسترول الضار».

◄ التوصيات البريطانية

تناول كميات كافية من الألياف بشكل يومي يعد وسيلة فعالة لتحسين حركة الأمعاء ومنع الإمساك، كما يساهم في الوقايه من الامراض وتحسين نوعية الحياة. وتوصي عدة منظمات صحية بما فيها الجهات الصحية البريطانية بأن يتناول البالغون 30 غراماً من الألياف يومياً للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. ولتحقيق هذا الهدف، من المهم تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالألياف في التغذية اليومية، مثل الفواكه، الخضار، الحبوب الكاملة، البقوليات، المكسرات، والبذور».

◄ علاقة الألياف بالأمراض

1 - التهاب القولون التقرحي

التهاب القولون التقرحي هو مرض التهابي مزمن يصيب الأمعاء الغليظة، ويتميز بنوبات من الإسهال الدموي، وآلام البطن، والإرهاق. وتُظهر الأبحاث أن تناول الألياف قد يلعب دوراً مهماً في الوقاية من هذه الحالة، على الرغم من أن المصابين الذي يعانون من النوبات الحادة قد يحتاجون إلى تقليل تناول بعض أنواع الألياف خلال هذه الفترات. وأخيراً، اشارت دراسة نشرتها «British Medical Journal» إلى أن تناول كميات كافية من الألياف، خاصة من الفواكه والخضار، يمكن أن يقلل خطر الإصابة بالتهاب القولون التقرحي بنسبة تصل إلى %40. ومع ذلك، يجب على المرضى استشارة اختصاصيي الرعاية الصحية لتحديد نوع وكمية الألياف المناسبة لهم، خاصة خلال فترات نشاط المرض.

2 - الإمساك

الإمساك هو احدى المشاكل الشائعة المرتبطة بنقص تناول الألياف. وتلعب الألياف غير القابلة للذوبان -الموجودة في الحبوب الكاملة والخضار- دوراً حاسماً في تعزيز حركة الأمعاء وتحسين انتظامها. ووفقًا لدراسة نشرتها Journal of Gastroenterology and Hepatology، فإن تناول كمية كافية من الألياف يمكن أن يقلل من شدة الإمساك بنسبة تصل إلى %50، ما يساهم في تحسين نوعية الحياة للأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة.

3 - التهاب الرتج وداء الرتوج

داء الرتوج هو حالة تصيب الأمعاء الغليظة تسبب تشكل جيوب صغيرة (رتوج) في جدران الأمعاء، بينما يكون هذا المرض غالباً غير مصحوب بأعراض، يمكن أن يتطور إلى التهاب الرتج عند التهاب هذه الجيوب.

وتشير الأبحاث إلى أن تناول الألياف يلعب دوراً وقائياً ضد تطور التهاب الرتج.

ووفقًا لدراسة نشرتها «Gastroenterology»، فالذين يتناولون نظاماً غذائياً غنياً بالألياف هم أقل عرضة للإصابة بالتهاب الرتج بنسبة %35. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الأبحاث أن تناول الألياف غير القابلة للذوبان يساعد في الوقاية من داء الرتوج من خلال زيادة حجم البراز وتقليل الضغط داخل الأمعاء.

كيف تتناول الكمية الموصى بها من الالياف؟

شددت الاختصاصية نور العمر على أهمية تضمين مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالألياف في النظام الغذائي اليومي لتحقيق أقصى استفادة منها، وسواء كان الهدف في ذلك هو تحسين صحة الجهاز الهضمي، أو المساهمة في الوقاية من الأمراض، أو حتى لدعم إدارة الوزن.

وشرحت قائلة: «لزيادة كمية الألياف والوصول إلى الكمية الموصى بها صحياً، فينصح بأن تتضمن التغذية اليومية تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة، مثل الفواكه، الخضار، الحبوب الكاملة، البقوليات، المكسرات، والبذور. فهذه الحمية الغنية بالألياف ستساهم في دعم صحة الجهاز الهضمي وتعزيز العافية بشكل عام».

معلومات مغلوطة

فندت الاختصاصية نور العمر عدة مفاهيم وإشاعات خاطئة متداولة حول الألياف، وشرحت الحقائق والمعلومات الصحيحة:

1 - جميع الألياف متساوية:

أحد أكثر المفاهيم الخاطئة انتشاراً هو أن جميع الألياف متشابهة. ولكن الواقع هو أن هناك نوعين رئيسيين من الألياف، هما:

• الألياف القابلة للذوبان، الموجودة في الأطعمة، مثل الشوفان والفاصوليا والفواكه، تذوب في الماء. وهي التي تشكل -عند دخولها الى الجسم- مادة تشبه الجل يمكن أن تساعد في خفض الكوليسترول واستقرار مستويات السكر في الدم.

• الألياف غير القابلة للذوبان، الموجودة في بعض الأطعمة، مثل الحبوب الكاملة والخضار، وتناولها يساعد في حركة الأمعاء المنتظمة.

2 - الألياف تسبب غازات وانتفاخاً:

في حين أن زيادة تناول الألياف قد يؤدي -في البداية- إلى تكون غازات مؤقتة أو انتفاخ البطن، إلاّ ان هذه الأعراض تهدأ مع مرور الوقت والاستمرار في تناولها، نتيجة الى تكيف الأمعاء.

وفي الواقع، تُعرف الألياف بدورها في تعزيز الهضم الصحي من خلال منع الإمساك ودعم بكتيريا الأمعاء. ولكن لتفادي الاثار الجانبية وأي مشاكل هضمية ينصح بزيادة تناول الألياف تدريجياً مع الاكثار من تناول الماء، وذلك لزيادة الترطيب وتقليل أي إزعاج محتمل.

3 - مخصصة لصحة الجهاز الهضمي فقط:

تمتد فوائد الألياف إلى ما هو أبعد من الحفاظ على عمل الجهاز الهضمي بسلاسة، حيث يلعب النظام الغذائي الغني بالألياف دوراً مهماً في الحفاظ على الوزن الصحي.

وتساعد الأطعمة الغنية بالألياف في كبح الشهيه لأنها تدعم مشاعر الشبع لفترة اطول، ما يقلل احتمالية الإفراط في تناول الطعام. كما يعرف دورها في تعزيز صحة المناعة واتزان معدل السكر والدهون.

4 - الحبوب الكاملة المصدر الوحيد للألياف:

في حين أن الحبوب الكاملة ومنتجاتها تعد مصادر ممتازة للألياف، إلاّ انها ليست الخيار الوحيد المتاح، حيث تحتوي العديد من الفواكه والخضار والبقوليات والمكسرات على كميات كبيرة من الألياف أيضاً.

5 - المكملات الغذائية بديل مناسب للألياف الغذائية:

قد يكون تناول مكملات الألياف خياراً مريحاً، ولكنه ليس كافياً للحصول على الفوائد الشاملة للأطعمة الكاملة، إذ توفر الأطعمة الكاملة مزيجاً من العناصر الغذائية ومضادات الأكسدة والمركبات الحيوية الأخرى التي تعمل معاً لدعم الصحة.

والاعتماد فقط على المكملات الغذائية قد يعني تفويت الفوائد العديدة التي ترافق تناول الأطعمة الكاملة.