طه العاني - الخليج أونلاين

ما نسبة الوافدين في الكويت حتى منتصف 2025؟

يشكّلون نحو 70% من السكان البالغ عددهم 5.098 ملايين.

هل ساهمت الجهود الرسمية في تعديل التركيبة السكانية؟

رغم القوانين، الاختلال لا يزال قائماً والكفة تميل للوافدين.

رغم مرور أربع سنوات على تشكيل لجنة خاصة لمعالجة التركيبة السكانية في الكويت، لا تزال الكفة تميل لصالح الوافدين الذين يشكلون نحو 70% من إجمالي عدد السكان البالغ 5.098 ملايين نسمة حتى منتصف العام الجاري، وفق بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية.

وتشير هذه الأرقام إلى استمرار التحديات الديموغرافية، حيث لا تتجاوز نسبة المواطنين 30%، ما يثير تساؤلات حول فعالية الجهود الرسمية لتحقيق التوازن، ومستقبل السياسات المعتمدة في ظل الارتفاع المتواصل في أعداد المقيمين وتوسعهم في سوق العمل بمختلف قطاعاته.

واقع التركيبة السكانية

تُظهر أحدث الإحصاءات أن الكويتيين يشكّلون 1.55 مليون نسمة فقط، مقابل 3.547 مليون مقيم، ويتوزع السكان بنسب غير متوازنة من حيث الجنسية والجنس والعمر.

وكشفت صحيفة 'الراي' الكويتية بتقرير نشرته في 21 يوليو 2025، أن الجالية الهندية تمثّل النسبة الأكبر من السكان بنسبة 29%، تليها المصرية (19%)، كما أن الذكور يشكلون 61% من السكان، مقابل 39% للإناث، في دلالة على هيمنة العمالة الذكورية.

ويتركز أكثر من 80% من السكان ضمن الفئة العمرية بين 15 و64 عاماً، وهي الفئة الأكثر قدرة على العمل، فيما لا تتجاوز نسبة كبار السن 3%، أما من هم دون سن 15 عاماً فيشكلون 17%.

وتعكس هذه التركيبة مجتمعاً شاباً من الناحية الديموغرافية، لكنه يتسم بتفاوتات واضحة على مستوى الجنسية ونوع الإقامة.

وفيما يخص نمط الإقامة، يعيش أكثر من مليون نسمة في أسر جماعية تمثل 21% من السكان، في حين ينتمي 79% إلى أسر خاصة، وهي الفئة التي تشمل معظم المواطنين والمقيمين المستقرين.

ورغم الزيادة السنوية الطفيفة في عدد المواطنين داخل الأسر الخاصة، لا تزال النسبة الإجمالية للسكان تميل بشكل كبير لغير الكويتيين.

العمالة وسوق العمل

تكشف الأرقام أن سوق العمل لا يزال تحت هيمنة العمالة الوافدة، إذ يبلغ عدد المشتغلين في الكويت نحو 2.283 مليون شخص، بينهم 1.763 مليون في القطاع الخاص، وقرابة 520 ألفاً في القطاع الحكومي.

ويمثل الوافدون النسبة الأكبر من هذه القوى العاملة، فيما لا تتعدى مساهمة المواطنين في القطاع الخاص 3.8%.

في المقابل، تشكل العمالة الوطنية نحو 75.5% من العاملين في القطاع الحكومي، مما يؤكد استمرار اعتماد المواطنين على الوظائف العامة، مقابل سيطرة شبه كاملة للوافدين على القطاع الخاص.

وتبرز العمالة الهندية والمصرية كأكبر قوتين في هذا السوق، إذ تحتل الهندية 31.2% من وظائف القطاع الخاص، تليها المصرية بـ 24.8%.

ولا يختلف الحال كثيراً في قطاع العمالة المنزلية، الذي يعتمد على نحو 823 ألف عامل يشكلون 26% من إجمالي المشتغلين، و16% من إجمالي السكان.

وتسيطر العمالة الهندية أيضاً على هذا القطاع بنسبة 41.3%، تليها الفلبينية والسريلانكية، مما يوضح أن طبيعة التركيبة السكانية مرتبطة بشكل مباشر بتركيبة سوق العمل.

وتظهر الأرقام أن 32% من الذكور الكويتيين البالغين هم داخل قوة العمل، فيما تبلغ نسبة النساء الكويتيات المشاركات في سوق العمل 31%، وهو ما يشكل نصف المجتمع العمالي الكويتي تقريباً، إلا أن نسبة من هنّ خارج قوة العمل ما تزال مرتفعة، وتصل إلى 37%.

أمام هذه الأرقام، كان مجلس الوزراء الكويتي قرر في مايو 2023 تشكيل اللجنة الوطنية لتنظيم التركيبة السكانية بهدف معالجة اختلالات التركيبة السكانية وسوق العمل، في ظل هيمنة العمالة الأجنبية على ديموغرافيا البلاد.

أبعاد وتحديات

ويؤكد الباحث والمحلل السياسي الكويتي إبراهيم دشتي، أن هناك خللاً في التركيبة السكانية بأغلب دول الخليج، باستثناء السعودية وعُمان، حيث تفوق نسبة المواطنين الوافدين، مشيراً إلى أن هذا الخلل قد يحمل أبعاداً إيجابية وسلبية على حد سواء.

وأضاف في حديثه لـ'الخليج أونلاين' أن الكويت تعاني من خلل مزدوج يطال النسبة والنوعية للعمالة الوافدة، مبيناً أن العمالة الماهرة تفضل وجهات خليجية أخرى كالإمارات وقطر، مستفيدة من مستويات دخل أعلى ومساحة أوسع من الحرية الشخصية.

ويعتقد دشتي أن سوق العمل الكويتي يتجه نحو البحث عن عمالة غير متخصصة، وهو ما يساهم فيه تجار الإقامات.

ويبين أن تركز أعداد كبيرة من الوافدين ضمن جنسيات محددة يثير أبعاداً أمنية قد تكون ذات تأثيرات سلبية أكثر من إيجابية. ويؤكد على ضرورة الاعتراف بدور العمالة الوافدة كمساهم أساسي في بناء الأوطان، مشدداً على أنهم 'جاءوا لأداء عمل مقابل أجر ويجب أن يحظوا بحياة كريمة وتصلهم حقوقهم كاملة'.

ويلفت دشتي إلى أن 'الخطط والاستراتيجيات الحكومية في الكويت، التي لطالما تحدثت عن تعديل هذه النسبة، لا تُطبق على أرض الواقع، مما أدى إلى نوع من اليأس لدى المواطن الكويتي تجاه التصريحات الحكومية والبرلمانية السابقة'.

وشدد على أهمية تعديل النسبة واستقطاب عمالة ماهرة ومتخصصة لتلبية احتياجات سوق العمل الكويتي، حيث 'يتوقع ألا تشهد السنوات القادمة تغييراً جوهرياً في هذا الخلل، باستثناء سياسة 'التكويت' التي ستتركز في الأجهزة الحكومية'.

ويوضح دشتي أن الوافدين سيتمركزون بشكل أكبر في القطاع الخاص، 'خاصة إذا صدقت الرؤية الحكومية بوجود مشاريع تنموية قادمة تتطلب عمالة ذات خبرة وتخصص'.

قانون التركيبة السكانية

واتخذ مجلس الأمة الكويتي (مُعطّل حالياً) خطوة تشريعية مهمة لمعالجة اختلالات التركيبة السكانية في أكتوبر 2020، عندما وافق بالإجماع على المداولة الثانية لقانون تنظيم وإدارة التركيبة، بعد إدخال تعديلات جوهرية على صيغته الأولى، ما يعكس سعياً لتوازن ديموغرافي أكثر مرونة وواقعية.

ومن أبرز التعديلات حذف البند المتعلق بـ'الوزن النسبي' للعمالة الوافدة وفق جنسياتها، والذي كان يمنح مجلس الوزراء صلاحية تحديد حد أقصى للجنسيات المختلفة مقارنة بعدد المواطنين.

ويُعد هذا التعديل مؤشراً على رغبة في الابتعاد عن التعامل العددي الصارم، والتركيز بدلاً من ذلك على الكفاءة والاحتياج التنموي.

كما أعاد المجلس صياغة المادة الثالثة لتُلزم مجلس الوزراء بوضع لائحة تنفيذية خلال عام واحد من بدء العمل بالقانون، على أن تتضمن آليات تحدد سقفاً أعلى للعمالة الوافدة وضوابط تطبيقه، مع إصدار قرارات سنوية كلما دعت الحاجة، وتقديم تقارير دورية لمجلس الأمة حول مراحل التنفيذ.

وتشمل الاعتبارات التي يجب مراعاتها عند إصدار اللائحة التنفيذية سبعة عناصر أساسية، أبرزها:

وفي خطوة أخرى، وافق المجلس على حذف أربع مواد من القانون، والتي كانت تفتح المجال لاستثناءات واسعة لعدة فئات، من بينها الطواقم الطبية والتعليمية والعمالة المنزلية، والبعثات الأجنبية، إضافة إلى تنظيمات كانت تمنع تحويل الإقامات من نوع إلى آخر.

ويهدف هذا التعديل للانتقال بالتركيبة السكانية من مرحلة القيد العددي إلى مرحلة تخطيط استراتيجي أكثر دقة، يتوازن فيه الحضور السكاني مع مخرجات التعليم وسوق العمل، ضمن رؤية طويلة الأمد تراعي متطلبات التنمية وتحديات الأمن الاجتماعي والاقتصادي.