اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
وقع المغرب وعملاق الخدمات البيئية الفرنسي فيوليا، بروتوكول اتفاق لتأسيس شراكة استراتيجية لتطوير محطة لتحلية مياه البحر قرب الرباط بطاقة إنتاجية معلنة تبلغ 822 ألف متر مكعب يوميا بعقد تشغيل يمتد لخمسة وثلاثين سنة. الهدف المعلن من المشروع تغطية احتياجات ما يفوق 9 ملايين نسمة في جهتي الرباط سلا القنيطرة، وفاس مكناس بسعر مستهدف يقارب 4.5 دراهم للمتر المكعب.
ومنذ الإعلان الرسمي ثارت موجة من الأسئلة النقدية التي لم تهدأ: هل الأرقام المعلنة واقعية؟ وهل بنود الاتفاق تعكس الحماية الكافية للمصلحة العمومية والبيئية على المدى الطويل؟ ما نعرفه رسميا أن هناك بروتوكول اتفاق منشور كبيان صحفي من طرف فيوليا والحكومة يحدد الخطوط العريضة وطاقة المحطة ومدة العقد وإطار الشراكة وبعض الأهداف المتعلقة بالطاقة المتجددة والتكلفة. إلى جانب تصريحات رسمية من وزارات معنية مثل التجهيز والماء وبيانات رسمية صادرة خلال زيارات رفيعة المستوى أعادت التأكيد على أن المشروع يستهدف تخفيض التكلفة عبر الاعتماد بصفة أساسية على الطاقات المتجددة.
لكن ما لا نعرفه هو جوهر نص العقد الكامل الذي لم يُنشر، فالمتاح للعموم محاضر التوقيع وبيانات صحفية ومذكرة تفاهم موجزة، لكن الوثيقة القانونية الكاملة التي تشمل بنود الجزاءات وآليات مراجعة الأسعار والضمانات البيئية والتزامات توليد الطاقة المتجددة والجداول الزمنية التفصيلية لم تُعلن بعد.
هذا الفراغ يثير مخاوف الشفافية والمساءلة، أما المخاطر التقنية والاقتصادية فتتركز حول تكلفة الطاقة، فالاعتماد المعلن على الطاقات المتجددة قد يخفض كلفة التشغيل لكنه يحتاج لبنية توليد وشبكة وقدرات استثمارية إضافية غير محددة بدقة في الملخصات وأي عجز في توفير الطاقة الخضراء سينقل التشغيل إلى مصادر تقليدية ويزيد التكلفة الحقيقية.
تحليلات المصادر المهنية تشير إلى أن سعر 4.5 دراهم للمتر المكعب قد يكون الأدنى وليس المحقق تلقائيا في كل السيناريوهات، خصوصا عند احتساب صيانة المحطة وإدارة الناتج الملحي وكلفة النقل والتوزيع والتبعات البيئية أو التنظيمية المستقبلية.
فترة العقد الطويلة تعني كذلك تعرض المشروع لتقلبات أسعار الطاقة والتغيرات التشريعية البيئية والتقدم التكنولوجي وكلها عوامل يجب أن تُحتسب عبر آليات مراجعة واضحة في العقد، فعدم وضوح هذه الآليات يفتح الباب أمام تحميل المستهلك أو الخزينة العمومية مخاطر لاحقة.
أما الجهات المهنية فقد تطرقت للمشروع مشيرة إلى أن تقديرات التكلفة المعلنة والتزامات الطاقة المتجددة تحتاج إلى تدقيق مستقل.
خبراء الطاقة والمياه يؤكدون أن خفض كلفة المتر المكعب إلى حدود 4.5 دراهم ممكن تقنيا عبر اعتماد على طاقة متجددة مؤمنة لكنه ليس تلقائيا ويعتمد على افتراضات صارمة يجب إدراجها في العقد.
يحمل المشروع أملا حقيقيا للأمن المائي للمملكة وهو حل تقني ذكي حين يُدرج ضمن سياسة طاقية مستدامة ومرافق رقابية قوية، لكن غياب النص الكامل للعقد وغياب تدقيق مستقل علني يعني أن المواطن والبرلمان والمراقبين لا يملكون وسائل تقييم كافية لمدى مراعاة المصلحة العامة.
لذلك يفرض منطق الشفافية نشر النص الكامل للعقد أو الملحقات التقنية والمالية لكي يتسنى للخبراء والمجتمع المدني مراجعته وإجراء تدقيق تقني ومالي مستقل يُنشر علنا لتقييم فرضيات السعر وطاقة التشغيل وتأثيرات البيئة البحرية وإدراج آليات مراجعة دورية في العقد تحسبا لأي تقلبات طاقية أو بيئية أو تكنولوجية.



































