اخبار الكويت
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
القرار يثير انقساماً بين من يراه انتصاراً للعدالة ومن يعتبره تخلياً عن مبدأ الستر
أقر مجلس الوزراء الكويتي، الثلاثاء، مشروع مرسوم بقانون يقضي بإلغاء المادة 182 من قانون الجزاء التي كانت تُعفي الخاطف من العقوبة في حال تزوج بمن خطفها زواجاً شرعياً وبموافقة ولي أمرها. القرار الذي أعلنه وزير العدل الكويتي، المستشار ناصر السميط، يأتي في سياق إصلاحات تشريعية تهدف إلى تعزيز حماية المرأة وترسيخ مبدأ عدم التهاون مع مرتكبي الجرائم، لا سيما المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الكويتية 'كونا'، قال السميط إن مشروع المرسوم بقانون يُجسد التزام الدولة بحماية الحقوق والحريات وترسيخ الكرامة الإنسانية، مشيراً إلى أن الخطوة تتسق مع الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية، وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.وأوضح الوزير أن إلغاء المادة يعكس حرص الكويت على تحقيق الردع تجاه جرائم الخطف، ومنع أي استغلال للزواج كذريعة للإفلات من العقاب، مؤكداً أن الإصلاح التشريعي يهدف أيضاً إلى تحصين الضحايا من أي ضغوط اجتماعية قد تمس حقوقهن الأصيلة.
تفاعل شعبي متفاوت
القرار أثار تفاعلاً واسعاً على المستويين الحقوقي والشعبي، بين من اعتبره خطوة تاريخية نحو إنصاف الضحايا، وآخرين رأوا أنه يتجاهل بعض السياقات الاجتماعية. الناشط الحقوقي نبهان علّق بالقول: 'إذا البنت موافقة وتزوجته وتنازلت عن قضية الخطف، ليش تحبسونه بعد؟'، في إشارة إلى ما يراه حقاً شخصياً للضحية في التسامح، غير أن وجهة النظر هذه لم تلقَ قبولاً لدى كثيرين.
أما المواطن خالد فعبّر عن ارتياحه لإلغاء المادة، قائلاً: 'حكم غير عادل كل من يشوف وحدة حلوة يخطفها! لازم يكون في رادع قوي'، معتبراً أن المادة القديمة كانت تفتح باباً للتجاوزات تحت غطاء الزواج. من جهته، قال فهد عبدالله إن القرار يحمل 'رسالة واضحة بأن الخطف جريمة لا تُغتفر، وأن الدولة جادة في مكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة'. وفي السياق ذاته، شدد المواطن فارس على أن 'القانون يجب أن يكون لحماية الإنسان لا لتبرير الجريمة، والزواج لا يمكن أن يُستخدم كذريعة لإفلات المجرم'.
قانونيون
رحّبت المحامية الكويتية إلا السعيدي بالقراروكتبت: 'الحمدلله وبعد سنوات من المطالبة، تُلغى اليوم مادة إعفاء الخاطف من العقوبة حينما يتزوج ممن خطفها. شكراً لمعالي وزير العدل على إلغاء كل مادة تتعارض مع الإنسانية'. وفي المقابل، يرى القانوني مطلق الهضيبان أن المادة الملغاة كانت تهدف في أصلها إلى حماية كرامة الفتاة المخطوفة، لا إلى تبرير الجريمة. ويقول: 'ما أراده المشرع في السابق من إعفاء الخاطف من العقوبة هو الستر على المخطوفة بما يحافظ على كرامتها الاجتماعية، لذلك اشترط موافقة ولي أمرها لإسقاط العقوبة'. ويضيف: 'لا أجد مبرراً لإلغاء مثل هذا الإعفاء، بخاصة وأن أصحاب الشأن قبلوا به. فالقانون يجب أن يُصاغ لحماية كرامة الناس لا لمعاقبتهم متى ما رضيت الأطراف المعنية'.يُذكر أن المادة 182 من قانون الجزاء الكويتي كانت تنص على 'إذا تزوج الخاطف بمن خطفها زواجاً شرعياً بإذن من وليها وطلب الولي عدم عقاب الخاطف، لم يُحكم عليه بعقوبة ما'، وهو ما اعتبره حقوقيون ونشطاء ثغرة قانونية تستغل في حالات عدة للإفلات من العقوبة على حساب الضحايا.
إصلاحات
وشهدت الكويت خلال عام 2024 عدداً من القرارات التي وصفت بالإصلاحية، منها مواضيع الجنسية والفساد مع تولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح قيادة البلاد، إذ أطلق في خطابه الأول أمام البرلمان رؤية طموحة تركز على تعزيز الشفافية وترسيخ الرقابة والمساءلة في مؤسسات الدولة، مما يشير إلى عزم جاد على إعادة بناء الثقة وتحقيق تطلعات الشعب الكويتي.