اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٤ حزيران ٢٠٢٥
في الجزء الأول من هذا المقال، استعرضت كيف أن بيئتين متناقضتين (الامتياز والتحدي) يمكن أن تنتجا أشخاصًا ناجحين، بشرط وجود الإرادة. في هذا الجزء، أحاول الغوص أعمق في العوامل الخفية التي قد تُحدث فرقًا حاسمًا في رحلة النجاح.
وأهم هذه العوامل هو دور الأشخاص المحيطين، فوجود «شخص مُلهِم» قد يُغير المسار بأكمله. في بيئة الامتياز، قد يكون هذا الشخص والدًا أو مديرًا مرموقًا يرشد من خلال تجربته. وفي بيئة التحدي، قد يكون معلمًا متفانيًا أو صديقًا شجاعًا أو حتى شخصية عامة تشعل في الإنسان شرارة الطموح، فالأشخاص المحيطون هم المرآة التي يرى الفرد فيها إمكاناته، قبل أن يؤمن بها هو نفسه.
والعامل الثاني هو التربية على تحمل المسؤولية، فغالبًا ما يُعزى الفشل في بيئة الامتياز إلى «الدلال الزائد»، بينما يُعزى الفشل في بيئة التحدي إلى «الانهزام أمام الواقع»، لكن في الحالتين، يكمن الفرق الحقيقي في تربية الفرد على تحمّل مسؤولية أفعاله.
والعامل الثالث هو إمكانية خوض تجارب مبكرة فالبيئة تُشكل السياق، لكن «من أنت وماذا تريد أن تكون؟» هو ما يشكّل النتيجة، فبيئة الامتياز توفر تجارب مبكرة مميزة مثل السفر، والاحتكاك بثقافات متعددة، بينما في بيئة التحدي، فإن أي فرصة عملية مبكرة تعد عاملا مهما لصقل الشخصية.
أما العامل الرابع فهو الهوية الشخصية فالكثير من الناجحين، خصوصًا من بيئة الامتياز، يمرون بلحظة مفصلية يعيدون فيها تعريف أنفسهم: «أنا لست فقط ابن فلان»، أو «أنا لست فقط وريث هذه الثروة». بالمقابل، أبناء بيئة التحدي كثيرًا ما يعيدون تشكيل هويتهم على شكل: «أنا لست ضحية»، أو «أنا لست تابعًا للحرمان». هذه اللحظة من الوعي الذاتي تُحدث تحولًا جذريًا في كيفية إدارتهم لطموحاتهم ومساراتهم.
وأخيرا عامل الثقافة المجتمعية العامة، فحتى داخل كل من البيئتين، يمكن أن يختلف تأثير المحيط العام. فبيئة تمتلك ثقافة تقدّر النجاح، وتكافئ الاجتهاد، وتقبل التنوّع، ستكون أكثر دعمًا مقارنةً بمجتمع يميل إلى تثبيط الطموحين، أو يرسّخ النظرة النمطية. لذلك، لا بد أن نُدرج «المجتمع» كبيئة ثالثة تلعب دور الحكم والداعم أحيانًا.
شيماء نبيل الملا