اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢١ نيسان ٢٠٢٥
في خطوة تسلط الضوء على تعثر مشاريع التنمية السياحية بجهة درعة تافيلالت، وجه المستشار البرلماني عبد اللطيف الأنصاري عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، سؤالا كتابيا إلى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، حول مآل اتفاقية تنموية كبرى تم توقيعها سنة 2022، دون أن يتم تفعيلها على أرض الواقع حتى الآن.
الاتفاقية، التي اعتُبرت حينها مشروعا طموحا بميزانية إجمالية تناهز 1.388 مليار درهم، تروم تطوير السياحة الجبلية والواحية بالجهة، من خلال برنامج من مرحلتين: الشطر الأول يغطي الفترة ما بين 2022 و2024 بكلفة 547 مليون درهم، فيما يمتد الشطر التكميلي من 2025 إلى 2027 بغلاف مالي قدره 841 مليون درهم. غير أن هذا المشروع لا يزال، وفق تعبير الأنصاري، 'حبيس الأدراج' نتيجة غياب التفعيل وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتساءل المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي، عن الأسباب الحقيقية لهذا التأخر، مسجلا أن تعطيل تنفيذ الاتفاقية فوت على الجهة فرصا حقيقية لتعزيز الاستثمار، وتنشيط القطاع السياحي، وخلق مناصب الشغل، في وقت تطمح فيه المملكة إلى استقطاب 20 مليون سائح ضمن استراتيجيتها الوطنية الجديدة.
ودعا الأنصاري الحكومة إلى الكشف عن الإجراءات الفعلية التي اتُخذت لتجاوز هذا التعثر، مؤكدا أن جهة درعة تافيلالت، بما تزخر به من مؤهلات طبيعية وثقافية، لم تعد تتحمل مزيدا من التأخير، وأن تفعيل هذه الاتفاقية يمثل التزاما وطنيا تجاه تحقيق العدالة المجالية والتنمية الشاملة.
جدير بالذكر أن الاتفاقية المعنية وُقعت بمشاركة عدد من القطاعات الوزارية، من ضمنها وزارة الداخلية، وزارة الفلاحة، وزارة السياحة، وزارة الثقافة، وزارة التربية، إلى جانب مجلس جهة درعة تافيلالت، ولاية الجهة، الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، الشركة المغربية للهندسة السياحية، والمركز الجهوي للاستثمار. ورغم هذا الانخراط المؤسساتي الواسع، لم تعرف أي من المشاريع المبرمجة طريقها إلى التنفيذ الفعلي.
وتسعى الاتفاقية إلى جعل جهة درعة تافيلالت قطباً سياحيا تنافسيا، عبر تطوير مدارات سياحية متنوعة، ودعم المقاولات المحلية، وتقديم منح للاستثمار في الإيواء السياحي البديل، بالإضافة إلى مواكبة المشاريع بالدعم التقني والاستشاري من التصميم إلى التشغيل.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير السياحي، الزوبير بوحوت أن الاتفاقية تعاني من اختلالات بنيوية، أبرزها غياب إشراك المهنيين خلال إعداد المشروع، وتضارب في الرؤى بين الأطراف المعنية، خاصة بين مجلس الجهة ووزارة السياحة، مضيفا تصريح لجريدة 'العمق' أن تعيين والي جديد للجهة أفضى إلى مشاورات لتعديل بعض المشاريع، وهو ما ساهم في تأخير إضافي على مستوى التنفيذ.
وأشار بوحوت إلى أن المقترح الذي قدم بمنح وكالة تنفيذ المشاريع الجهوية صلاحية الإشراف على تنفيذ البرنامج قوبل بالرفض من طرف وزارة السياحة، التي اعتبرت أن الوكالة تفتقر للخبرة المطلوبة مقارنة مع الشركة المغربية للهندسة السياحية، ما ساهم بدوره في تعميق التعثر الإداري.
ومن بين المشاريع المثيرة للجدل ضمن الاتفاقية، مشروع ملعب غولف في الراشيدية بكلفة 100 مليون درهم، رغم الوضعية الحرجة للموارد المائية في المنطقة، وهو ما أثار تساؤلات حول أولويات التنمية السياحية. كما تم تسجيل تأخر في مشاريع مهيكلة أخرى كإحداث متاحف في ورزازات، رغم أهميتها في تعزيز البعد الثقافي للعرض السياحي.
ويؤكد مهنيون بالقطاع السياحي أن الجهة لا تزال بحاجة ماسة إلى تحسين بنيتها التحتية وتعزيز الربط الجوي، باعتبارهما مدخلين أساسيين لتنمية السياحة، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة بين الوجهات الوطنية.