اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٤ نيسان ٢٠٢٥
دعت النقابات الخمس الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم، ممثلة في النقابة الوطنية للتعليم (FDT)، الجامعة الوطنية للتعليم (FNE)، الجامعة الحرة للتعليم (UGTM)، النقابة الوطنية للتعليم (CDT)، والجامعة الوطنية للتعليم (UMT)، إلى خوض سلسلة من الخطوات الاحتجاجية، رفضا لتصاعد العنف المدرسي، وتنديدا بما اعتبرته تراجعا للحكومة ووزارة التربية الوطنية عن التزاماتها، خاصة ما يتعلق بتنفيذ اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023.
وأعلن التنسيق النقابي عن تنظيم وقفات احتجاجية بالمؤسسات التعليمية خلال فترات الاستراحة، صباحا ومساء، مع حمل الشارة يومي الإثنين والثلاثاء 14 و15 أبريل 2025، فيما سيكون يوم الأربعاء 16 أبريل يوما للإضراب والحداد على روح الأستاذة التي توفيت بمدينة أرفود، والتي وصفها البيان بـ'شهيدة الواجب'، إضافة إلى وقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تضامنا مع الأطر الإدارية والتربوية التي تعرضت للاعتداء.
وحذرت النقابات من تصاعد خطير في وتيرة العنف داخل المؤسسات التعليمية المغربية، خاصة الاعتداءات الجسدية واللفظية من طرف التلاميذ أو أولياء أمورهم، معتبرة أن هذه الظاهرة باتت تهدد سلامة نساء ورجال التعليم، وتستدعي وقفة تأمل حقيقية بشأن أسبابها وتداعياتها على المنظومة التربوية برمتها.
وربط التنسيق النقابي هذه الاعتداءات بجملة من الأسباب، من بينها الهشاشة الاجتماعية، التفكك الأسري، الفقر، البطالة، وتأثير الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ما اعتبره إخفاقات متتالية في الإصلاحات التعليمية، والتحريض على المدرسينات، وتبخيس أدوارهم، بل و'زرع الحقد والكراهية ضدهم' في محاولة للتغطية على ما سماه البيان بـ'الفشل المربع' للسياسات التعليمية بالمغرب.
وفي هذا السياق، أدان التنسيق النقابي 'الاعتداء الفاجعة' الذي أودى بحياة الأستاذة في أرفود، وكل الانتهاكات التي تطال حرمة المؤسسات التعليمية من طرف الغرباء، معتبرا أن تفشي العنف المدرسي هو نتيجة مباشرة لسياسة تفكيك التعليم العمومي، وفشل مخططات ما سُمي بإصلاح منظومة التربية والتكوين، والتي تحولت حسب البيان إلى 'أداة لتبديد المال العام وهدره في غياب أي مساءلة أو محاسبة'.
وطالبت بإلغاء فوري لكل المذكرات التي وصفتها بـ'المتسامحة مع العنف'، وتفعيل خلايا اليقظة داخل المؤسسات، وتنظيم ورشات توعوية موجهة للأسر، وتعزيز قيم الحوار واحترام المؤسسة التعليمية في المناهج الدراسية، وتشديد العقوبات في حق المعتدين، إلى جانب توفير الأطر الكافية لضمان أمن واستقرار الوسط المدرسي.
وختم البيان بالتأكيد على أن رد الاعتبار الحقيقي لنساء ورجال التعليم لن يتحقق إلا بتحسين وضعهم الاعتباري والاجتماعي والمادي، وبالتنفيذ الفعلي لمضامين الاتفاقات المبرمة، وعلى رأسها اتفاقا دجنبر 2023، وتطبيق خلاصات الاجتماعات التقنية المتعلقة بتنزيل النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، وخاصة ما تم التوصل إليه إلى غاية لقاء 9 يناير 2025.
وفي سياق متصل، وجّه النائب البرلماني مولاي المهدي الفاطمي سؤالا كتابيا إلى وزير التربية الوطنية، دعا من خلاله إلى اتخاذ إجراءات استعجالية لحماية الأطر التربوية جسديا ونفسيا داخل المؤسسات التعليمية، في ظل تزايد الاعتداءات التي تطال نساء ورجال التعليم بمختلف ربوع المملكة.
وتساءل الفاطمي عن مدى استعداد الوزارة لمراجعة أو حتى تعليق العمل بالمذكرة الوزارية رقم 14/867، المعروفة إعلاميا وتربويا بـ'مذكرة البستنة'، والتي أصبحت محل اتهام من طرف عدد من الفاعلين بكونها تُسهم في انتشار التسيب والعنف داخل المؤسسات التعليمية، من خلال تقليصها لصلاحيات الأطر الإدارية في اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة.
وأكد برلماني الاتحاد الاشتراكي في سؤاله على الحاجة الماسة لتدابير عملية تُعزز الأمن داخل المدارس العمومية، لا سيما في المناطق التي تعاني من هشاشة اجتماعية واضحة، متسائلا عن مدى جاهزية الوزارة للانخراط في حوار جاد ومسؤول مع النقابات والفاعلين التربويين قصد معالجة الأسباب العميقة لتنامي هذه الظاهرة المقلقة.
وأضاف أن صورة الأستاذ، التي كانت ترمز في السابق إلى الوقار والمكانة داخل المجتمع، باتت اليوم مهددة، حيث أصبح رجال ونساء التعليم عرضة للإهانة والاعتداء، في ظل غياب قوانين صارمة وإرادة سياسية واضحة تضمن كرامتهم وسلامتهم المهنية، مشيرا إلى أن هذه الاعتداءات تمر في الغالب دون محاسبة أو متابعة تُذكر.
وفي خضم هذا الوضع المتأزم، أعاد الفاطمي إلى الواجهة مذكرة 'البستنة'، التي وُضعت سنة 2014 بهدف الحد من الهدر المدرسي، لكنها بحسب عدد من الأصوات التربوية ساهمت بشكل غير مباشر في إضعاف السلطة التربوية داخل المؤسسات، وفتحت الباب أمام ممارسات عنيفة تهدد البيئة التعليمية برمتها.