في كل جولة صراع بين طهران وتل أبيب، ينطلق صراع موازٍ في أوساط الرأي العام العربي والإسلامي،  ففي حين يصطفّ بعض المتابعين خلف الرواية الإيرانية، باعتبارها 'تخوض معركة مقاومة ضد احتلال إسرائيلي طال أمده'، ينظر آخرون إلى إيران كتهديد طائفي وإقليمي يغذّي الانقسامات ويقوّض الاستقرار في المنطقة. وفي قلب هذا الانقسام، يبرز الإعلام كفاعل محوري، حيث تُعد التغطية الإعلامية عنصراً مؤثراً في توجيه المواقف وصياغة التصورات السياسية خلال النزاعات.

وفي هذا السياق، يرى عبد العزيز كوكاس، الصحفي ومحلل الأحداث، في تصريح لجريدة 'العمق المغربي'، أن للإعلام دوراً مركّباً في تشكيل الرأي العام العربي والإسلامي تجاه الصراعات الإقليمية. فالصراع، برأيه، لا يُختزل في أبعاده الجغرافية والسياسية فحسب، بل يتقاطع أيضاً مع أبعاد مذهبية وأيديولوجية واستراتيجية، تلتقي فيها المصالح الوطنية مع الانتماءات الطائفية، ويكون الإعلام طرفاً مركزياً في صياغة هذا الخطاب وتوجيهه.

ويؤكد كوكاس أن الإعلام لا يكتفي بنقل الوقائع، بل يقوم ببناء سرديات عبر آليات التأطير (Framing)، إذ يحدّد ما يُعرض وما يُهمَّش، ما يسمح بتشكيل الواقع السياسي وفق أجندات معيّنة. ويضرب مثلاً بوسائل الإعلام الإيرانية التي تبرز مفاهيم مثل 'المقاومة' و'العدالة'، في حين تتجاهل الانتقادات الداخلية أو التدخلات المثيرة للجدل التي تقوم بها إيران.

ويضيف المتحدث أن الإعلام يوظف في كثير من الأحيان لغة تحريضية وأدوات بصرية تُثير الغضب والخوف والتعاطف، فيحوّل الصراع من مسألة سياسية إلى قضية وجود مذهبي. كما أن استدعاء الهويات الدينية يعيد تشكيل الصراع كمعركة بين 'أهل الحق' و'الآخر المختلف'، وهو ما يفاقم الانقسام ويزيد من تعقيد أي مسار نحو تسوية سياسية.

ويبرز كوكاس التباينات الحادة داخل الإعلام العربي، والتي تنعكس بوضوح في تغطيته للصراع الإيراني الإسرائيلي؛ فبينما يروّج الإعلام الموالي لإيران لصورتها كداعم لحركات المقاومة ومدافع عن قضايا الأمة، يركّز الإعلام المعارض على انتقاد تدخلاتها في الشؤون العربية، ويصفها بكونها تهديداً لاستقرار المنطقة ومحاولة لفرض هيمنة طائفية.

ويخلص المتحدث إلى أن هذه التباينات تُنتج 'جمهوراً منقسماً على ذاته'، يتأرجح بين مشاعر التأييد والرفض، ما يحوّل الصراع من مجرد مواجهة بين دولتين إلى صراع داخلي في البنية الاجتماعية والسياسية للعالم العربي والإسلامي