أميرة بن طرف – بروكسل

أكد سفير الكويت لدى مملكة بلجيكا رئيس بعثتيها لدى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، نواف العنزي، أن العلاقات بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي شهدت قفزة كبيرة بعد عام 2022، عندما اعتمد الاتحاد ما يسمى بـ«وثيقة الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج»، وبناءً عليه تم تعيين ممثل خاص في الاتحاد لدول الخليج، وهو وزير خارجية ايطاليا السابق لويجي دي مايو، الذي يزور المنطقة باستمرار، وقد زار الكويت 4 مرات آخرها مايو الماضي، لافتاً الى أن تعيين ممثل خاص سهل القضايا المتعلقة بالتأشيرات.

وأضاف السفير العنزي، في لقاء خاص مع القبس في مقر السفارة في العاصمة البلجيكية بروكسل، أنه بناءً على وثيقة الشراكة أصدر الاتحاد الأوروبي أخيراً قرار ببدء التفاوض على اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية مع الدول الخليجية، لافتاً إلى أن الجانب الأوروبي يعتبر هذه الاتفاقيات أعلى مستوى لرفع العلاقات مع الدول، بالتالي هذا القرار مؤشر واضح من الجانب الأوروبي بتعزيز العلاقات مع الخليج وهو أمر نرحب به.

من جهة أخرى، أعلن أن الكويت ستستضيف الاجتماع الوزاري الخليجي – الأوروبي التاسع والعشرين في الكويت أكتوبر المقبل، لافتاً إلى أن هذه الاستضافة المهمة تأتي في إطار رئاسة البلاد للدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وهو حدث كبير ومهم في مسار العلاقات.

وأشار العنزي، إلى أن التحضيرات تجري للاجتماع سواء في الكويت أو في الاتحاد الاوروبي، مبيناً ان الاجتماع هو امتداد لسلسة اجتماعات وزارية تعقد بمنطقة الخليج أو في بروكسل، معتبراً أن تعزيز وبناء الشراكة بين الجانبين ستكون أبرز البنود خلال هذه الاجتماعات، سواء في الشق السياسي المتعلق بقضايا المنطقة، أو في مجالات الشراكة الأخرى كقضايا الطاقة والأمن البحري والبيئة والتغير المناخي والتحول الأخضر في الطاقة، والمساعدات الانسانية والإعفاءات من تأشيرة الشنغن، إلى جانب ملفات أخرى.

ولفت إلى أن الجانبين توصلا الى نتائج في التحضيرات للاجتماع الوزاري في الكويت وسيعلن عنها في الاجتماع وهي تعتبر مكسباً للجانب الخليجي. كما أعلن السفير العنزي عن إقامة المنتدى الخليجي – الأوروبي الرفيع المستوى حول الأمن الإقليمي الذي سيعقد في الكويت في أكتوبر المقبل، إلى جانب منتدى الأعمال الخليجي الأوروبي الذي سيعقد في البلاد أيضاً نوفمبر المقبل، فضلاً عن مؤتمر القمة الخليجية – الأوروبية التي ستعقد خلال عام 2026 في العاصمة السعودية الرياض.

وبيّن العنزي أن هناك تنسيقا مستمرا بين البعثات الخليجية في بروكسل، لافتاً إلى أن ما يميز هذه العاصمة أيضاً وجود بعثة لمجلس التعاون الخليجي، ويرأسها السفير فهد الجيماز، مؤكداً أنهم كسفراء خليجيين هناك اجتماعات مستمرة ومجدولة كبعثات الدول، وهناك أيضاً اجتماعات غير مجدولة تتعلق بما يستجد من ملفات وأعمال وقضايا في المنطقة، إلى جانب اللقاء مع المجاميع الأوروبية والمجاميع الأخرى.

وأكد أن قنوات التواصل مفتوحة بين الجانبين الخليجي والأوروبي، وهناك تفهم من الجانبين لمواقف الطرف الآخر في القضايا والملفات المتعلقة بالمنطقة.

حول التطلعات المستقبلية بالعلاقات مع الجانب الأوروبي، قال العنزي: إننا نتطلع إلى توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، حيث مضت سنوات طويلة على التفاوض، والدول الخليجية استطاعت تحقيق تقدم مع مجاميع ودول أخرى، ونأمل ان تشهد الفترة المقبلة تطور في هذا المجال مع الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن الاتفاقية معطلة منذ عقود بينما هناك حالياً جهود لتذليل اي تحديات أو أوجه اختلافات بشان الاتفاقية، حيث تقود هذه الجهود الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض، بهدف التوصل الى أرضية توافق قبل القمة المقرر عقدها في الرياض عام 2026.

خلال اللقاء انتقل السفير العنزي إلى الحديث عن العلاقات الكويتية – البلجيكية بالقول: إن العلاقات بين الجانبين تأسست عام 1964، بينما افتتحت بعثة الكويت في بلجيكا تاسست في عام 1985، حيث احتفل الجانبان العام الماضي بمرور 60 عاماً على العلاقات بينهما.

وتطرق العنزي إلى التعاون التجاري البلجيكي – الكويتي، مشيراً إلى أنه أخيراً كان هناك وفد من أكثر من 60 رجل أعمال بلجيكياً زاروا الكويت لعقد لقاءات مع غرفة التجارة الصناعة وعدد من الوزارات والهيئات وقطاع رجال الأعمال وقطاع البنوك، حيث تم التوصل الى تفاهمات مبدئية بتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية وسيتبع ذلك عقد ندوة في مدينة انتويرب البلجيكية لاستعراض نتائج الزيارة والفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في الكويت، قائلاً إنه كان هناك إجماع من أعضاء الوفد بكونهم لم يتوقعوا وجود هذه الفرص في الكويت.

وبيّن العنزي أن هناك اتصالات ولقاءات بهدف توقيع اتفاقية في المجال الصحي بين وزارة الصحة في الكويت وبلجيكا، وهي في مراحلها النهائية للتوقيع، وذلك لتطوير الخدمات الصحية في البلاد، هذا الى جانب التعاون المستمر مع ميناء انتويرب البلجيكية الذي يعتبر ثاني أكبر ميناء أوروبي من خلال مؤسسة الموانئ الكويتية لتدريب الكوادر الوطنية، حيث تم استئنافه من فبراير الماضي بعد توقف في كورونا.

وأوضح العنزي أن سفارة البلاد في بروكسل تضم إلى جانب بعثتها في الاتحاد الاوروبي بعثة الكويت في حلف دول شمال الاطلسي الناتو، لافتاً إلى أن الاطار الرسمي للعلاقة مع الحلف يأتي تحت مظلة مبادرة اسطنبول للتعاون التي أنشئت عام 2004، والكويت كانت أول دولة خليجية في هذه المبادرة، مبيناً أنه في العام الماضي تم الاحتفال بمرور عشرين عاماً بذكرى تأسيس مبادرة إسطنبول.

وأشار إلى أن مرتكز العلاقة بين الكويت وحلف الناتو هو استضافة الكويت لمركز مبادرة اسطنبول وهو مركز تأسس قبل أكثر من 7 سنوات، ويعنى بإقامة دورات بدول مبادرة اسطنبول وهي الكويت والامارات وقطر والبحرين وتشارك بها أيضاً المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وأمانة مجلس التعاون رغم انهم ليسوا أعضاء بالمبادرة.

ورأى العنزي أنه من أهم ما شهدته العلاقات من تطور مع حلف الناتو هو تعيين مبعوث خاص للجوار الجنوبي (دول جنوب الحلف) وهو خافيير كولومينا الذي زار الكويت، وهذا التعيين دليل على الاهتمام المتزايد بالمنطقة وملفات المنطقة المختلفة، وإلى دور دول الخليج في دعم الاستقرار والوساطات ومد جسور التعاون.

تعاون في مجالات مختلفة

بيّن العنزي أن نواة العلاقة بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي بدأت في عام 1989، عندما تمت اتفاقية الشراكة بين الأمانة العامة لمجلس التعاون والاتحاد الأوربي، لافتاً إلى أن مسار العلاقات كان متعدد الأطراف.

وأشار إلى أن بداية العلاقة الثنائية بين الكويت والاتحاد كانت عام 2016 عندما وقعت الكويت ممثلة بوزارة الخارجية وجهاز العمل الخارجي الأوروبي وثيقة ترتيبات التعاون، وعلى أساس ذلك انشئ حوار سياسي وحوار المسؤولين لتغطية الأمور الفنية كالجوانب التنموية والصحية والبيئية، ومجالات أخرى مختلفة، مؤكداً أن مسار العلاقة الثنائية جاء إلى جانب وبموازاة العلاقات بين مجلس التعاون والاتحاد.

فلسطين.. قضيتنا

أكد العنزي أن القضية الفلسطينية تعتبر القضية التي يتفق عليها الجميع، وتحرُّك السفراء الخليجيين في هذا الجانب في العواصم ما هو إلا امتداد لقرارات مجالس وزراء الخارجية الخليجيين.

وقال: إن بروكسل تتميز بتعدد قنوات التأثير في الاتحاد الأوروبي من ناحية وجود المفوضيات الأوروبية واختلاف صلاحياتها والبرلمان الأوروبي ولجانه المختلفة، حيث هناك، على سبيل المثال، لجنة عربية مصغرة لمتابعة العدوان على غزة، وهناك اجتماعات مستمرة مع الجانب الأوروبي بهدف توفير الدعم الانساني والسياسي لإيقاف هذا العدوان.

الإعفاء من «الشنغن»

في ما يتعلق باعفاء مواطني الكويت من تأشيرة الشنغن، أوضح السفير العنزي أن الملف لا يزال محل اهتمام الطرفين الكويتي والأوروبي.

وأشار إلى أن الكويت نجحت بالحصول على صلاحية تأشيرة للمواطنين تمتد إلى خمس سنوات، معتبراً أن هذه هي المرحلة الانتقالية التي سهلت للمواطنين عملية السفر، بينما المرحلة المقبلة هي الإعفاء الكامل.

ولفت إلى أن هناك حالياً مراجعة شاملة لاستراتيجية التاشيرات في الاتحاد الاوروبي، وسيكون هناك نظام جديد، بناءً عليه سيتم تحريك ملفات الاعفاءات من الشنغن، معتبراً أن الملف الكويتي يعتبر متقدماً كونه مطروحاً في البرلمان الأوروبي.