اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥
* صدر لك أخيرا كتاب «عمار الشريعي... سيرة ملهمة»، وحرصت على تقديم سيرة مختلفة عن السائد في كتابة السير، فهناك شهادات ورؤى لأناس منهم أحياء، ألم تخشَ تغيّرها وتبدّلها فيما بعد؟
- كتابي الأخير «عمار الشريعي... سيرة ملهمة»، هو سيرة عن فنان كبير وملهم بالفعل، اعتمدت فيها على لقاءاتي معه، لكنني لم أكتفِ بها، وإنما استعنت بعشرات المواد الأرشيفية، إضافة إلى شهادات عدد ممن رافقوه في رحلته منذ أن كان طالبا في الجامعة، حتى أصبح الموسيقار المشهور والمؤثر في عالم الموسيقى، مثل المطرب والفنان الكبير علي الحجار، والفنان سامح الصريطي، والشاعر جمال بخيت، والشاعر والإعلامي عمر بطيشة، وغيرهم، وأنا عادة أحب هذا النهج في كتابة السيرة، لأنها تحمل نظرة الآخرين في صاحب السيرة بدرجة قد لا يراها هو في نفسه، ولا أهتم باحتمالات أن يغيّر صاحب الشهادة رأيه، لأنني لا أعطيه الفرصة لذلك، حيث لا أهتم بالإثارة أو تضخيم حكايات جرت على الهامش، فليس كل ما تحتويه تسجيلاتي يخرج على الورق، وتلك قاعدة أعمل بها منذ بداياتي في الكتابة، ولهذا ائتمنني كل مصدر التقيت به، وجميعهم كانوا يتحدثون بلا قيد، وبثقة أنني أنقّح وأهذّب ولا أرضى لأحد ضررا، وعلى هذه القاعدة مضت علاقاتي بمصادري آمنة وطيبة، وتحولت إلى صداقات.
* وما رأيك في أدب السيرة الذاتية اليوم؟
- تشهد كتابة السيرة تطورا هائلا، وتتخذ في مسارها الحالي تنوعا، حيث إننا نجد من يتناولها بصورة روائية، تجمع بين الحقيقة والخيال اللازم للحبكة الدرامية، ونجد من يتناولها بشكل توثيقي، بحيث تكون مرجعا تاريخيا وشخصيا لصاحبها، والشكلان شهدا تطورا كبيرا ويكملان بعضهما، ففن الكتابة الروائية الوثائقية عن الأشخاص لم يكن شائعا لدى أجيال سابقة، باستثناءات قليلة، مثل «العودة إلى المنفى» للكاتب الكبير أبوالمعاطي أبوالنجا، الذي يتناول فيها سيرة عبدالله النديم، خطيب الثورة العرابية، أما الآن فأصبح شائعا، أما الشكل الثاني البعيد عن اللغة الأكاديمية الجافة، فهناك أساتذة له، مثل محمود عوض، وصلاح عيسى، وهما مدرسة تروق لي كثيرا، لكن في الفترة الأخيرة نلاحظ أن غياب النصوص الجيدة قد أفسح المجال لثقافة «الترند».
* أصدرت عدة مجلدات بعنوان «ذات يوم»، توثق فيها أبرز الأحداث التاريخية، حدثنا عنها وما وصلت إليه حتى الآن؟
- أصدرت مجلدين من «ذات يوم» يصل حجم الواحد منهما إلى 1000 صفحة، وهي عبارة عن يوميات تاريخية في السياسة والفكر والثقافة والفن والأدب والعلم والحروب، أكتبها يوميا منذ عام 2014، وتنتمي إلى قالب شائع في صحفنا العربية هو «حدث في مثل هذا اليوم»، غير أنني - إن جاز لي القول - أحدثت فيه تطورا بعدة اتجاهات، أولها، تناولي لما هو مسكوت عنه، أو عدم الاهتمام به، رغم أهميته، وثانيا، ذكر المراجع التي أعتمد عليها، حتى لا تكون الكتابة تلقائية وصاحبة هوى، وثالثا، تناول الحدث بلغة صحافية سهلة يغلب عليها الحكي بطريقة روائية دون خلل في السياق، ويبقى التحدي أمامي في أن المطلوب يكون الوصول بالفكرة إلى القارئ في حوالي 650 كلمة، مما يتطلب منّي قدرة في التكثيف دون خلل بالعرض، وعلى جهازي أحتفظ الآن بـ 10 مجلدات، لا أجد دار نشر متحمسة لإصدارها، لأن المجلد الواحد يصل إلى 1000 صفحة، وهو ما يمثل تكلفة عالية لدور النشر الخاصة، فالأمر يحتاج إلى دور نشر رسمية تقدم الدعم، كما حدث من الهيئة المصرية العامة للكتاب في إصدارها للمجلدين، ثم توقّفها بسبب ارتفاع التكلفة، كما أن الوسط الثقافي يحتاج ربما إلى «قصاص أثر» لاكتشاف معالم الطريق.
* ما المكونات الثقافية التي شكلت مسيرتك وتجربتك مع الكتابة؟
- هناك العديد من المكونات الثقافية التي أثرت في تجربتي ومسيرتي بعالم الكتابة والتأريخ، أولها البيئة المحلية التي نشأت فيها خلال طفولتي الأولى، ثم تلتها قراءات متنوعة واطّلاع على أمور كثيرة.
* لك كتاب عن محمد رشدي، هل يمكن اعتبار ما تكتبه نقدا فنيا؟
- بالنسبة لكتابي «محمد رشدي... موال أهل البلد غنُّوه»، هو مذكرات الفنان الكبير محمد رشدي، التي سجلتها معه في حوالي 20 ساعة، كما عايشته عن قرب لسنوات، وكان يأمل وكذلك أنا أن تصدر في حياته، لكن الظروف حالت دون ذلك، حتى صدرت قبل خمس سنوات بالشكل الذي لم يكن مخططا له منذ البداية، والحديث عن ذلك يعود بي إلى ما ذكرته سابقا عن كتابة السير، وأضيف إليه، أنها إمّا أن تصدر كما أمليت وعلى مسؤولية صاحبها، وهذا أسهل، وهو ما كانت عليه خطتي وقت تسجيلها، وإما بالتحقيق الذي يتدخل فيه الكاتب بالفرز والتجنيب والإيضاح، دون خلل في سرد صاحب السيرة، وكذلك وضع النص في سياق تاريخي للزمن الذي دار فيه، بحيث تكون صورته أشمل وأوقع، وأنا ممن يتبعون هذا النهج، رغم صعوبته، مستفيدا من سنوات خبرتي وقراءاتي، وطبّقته في هذه المذكرات، وكذلك في سيرة عمار الشريعي، وأحدث صدى طيبا.
* ماذا عن مشروعاتك المستقبلية؟
- بعد انتهائي من مشروع عن الموسيقار كمال الطويل، لديّ مذكرات ثرية مهمة ومجهولة، رغم أنها منشورة منذ 36 عاما للموسيقار محمود الشريف، وأتمنى تحقيقها ودراستها، وكذلك مشروع عن أم كلثوم يستكمل كتابي الأول «أم كلثوم وحُكام مصر».


































