اخبار الكويت
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
قوبل الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال برفض صريح من عواصم عربية وإسلامية.
رأت هذه الدول في الاعتراف تجاوزاً خطيراً للقانون الدولي ومحاولة لفرض وقائع جديدة على حساب استقرار القرن الأفريقي.
ما لبثت أن أعلنت 'إسرائيل' اعترافها بإقليم أرض الصومال بوصفها 'دولة مستقلة ذات سيادة' حتى سارعت الإدانات والبيانات الرافضة لهذا الاعتراف إلى الصدور من مختلف الدول، مفجرة بذلك عاصفة رفض دبلوماسي.
ويوم الجمعة (26 ديسمبر 2025) أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اعتراف تل أبيب بـ'أرض الصومال' دولةً مستقلة وذات سيادة، لتصبح بذلك أول من يعترف رسمياً بالإقليم الذي أعلن انفصاله عن الصومال من جانب واحد عام 1991.
جاء ذلك في بيان لمكتب نتنياهو، أكد فيه أن الأخير وقّع ووزير الخارجية جدعون ساعر، وما زعم أنه 'رئيس جمهورية أرض الصومال'، إعلاناً مشتركاً بالاعتراف المتبادل.
وأضاف في بيان آخر، أن هذا الإعلان 'يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي تم توقيعها بمبادرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب'.
أرض الصومال
تقع أرض الصومال شمالي الصومال في منطقة القرن الأفريقي، وتطل على خليج عدن.
تبلغ مساحتها قرابة 176 ألف كيلومتر مربع.
يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين نسمة.
لغاتها الرسمية الصومالية والعربية والإنجليزية.
أعلنت استقلالها عن الصومال عام 1991.
يعتمد اقتصادها على الثروة الحيوانية والتحويلات المالية.
لها عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.
تملك شريطاً ساحلياً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، وموانئ أهمها ميناء بربرة.
تم أول استفتاء على الانفصال عن الصومال في مايو 2001، وصوّت لصالح ذلك 97.1%.
اعتراف يشعل العاصفة
الاعتراف الذي يمكن وصفه بأنه 'تحوّل تاريخي'، لم يلبث أن أصبح شرارة لأزمة سياسية واسعة، أعادت إلى الواجهة أسئلة حساسة حول مستقبل وحدة الدول، وحدود توظيف الملفات الجيوسياسية في صراعات النفوذ الإقليمي والدولي.
وقوبل الاعتراف برفض صريح من عواصم عربية وإسلامية، رأت فيه تجاوزاً خطيراً للقانون الدولي ومحاولة لفرض وقائع جديدة على حساب استقرار القرن الأفريقي.
وأصدرت أكثر من 21 دولة عربية وإسلامية بياناً مشتركاً دانت فيه الاعتراف الإسرائيلي، مؤكدة أن الخطوة تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتهديداً لوحدة الأراضي الصومالية.
وشملت قائمة الدول الرافضة قطر والسعودية والكويت وسلطنة عُمان ومصر والجزائر وجزر القمر وجيبوتي وجامبيا وإيران والعراق وليبيا والمالديف ونيجيريا وباكستان وفلسطين والصومال والسودان وتركيا واليمن ومنظمة التعاون الإسلامي.
وشددت هذه الدول على أن الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال يفتح الباب أمام زعزعة الاستقرار الإقليمي وتشجيع النزعات الانفصالية.
وأكد البيان المشترك أن أي محاولة لربط الاعتراف بملفات أخرى، بما فيها قضايا التهجير أو الترتيبات الإقليمية، مرفوضة جملةً وتفصيلاً.
ضد المساس بالسيادة
الجامعة العربية بدورها شددت على أن أي إجراء أحادي يمس وحدة الصومال يُعد خرقاً واضحاً لمبادئ ميثاق الجامعة ولقرارات الشرعية الدولية، مؤكدة دعمها الكامل للحكومة الصومالية ومؤسساتها الشرعية.
أما الاتحاد الأفريقي، فقد حذر من 'عواقب خطيرة' لأي خطوة من شأنها تقويض وحدة الدول الأفريقية، مؤكداً التزامه الثابت بمبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، باعتباره حجر الزاوية في استقرار القارة.
على الصعيد الدولي، عبّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه العميق إزاء الخطوة الإسرائيلية، داعياً إلى احترام وحدة الأراضي الصومالية والعمل على تسوية الخلافات عبر الحوار السياسي، وليس عبر فرض وقائع أحادية.
من جانبه، أعلن مجلس الأمن الدولي عزمه عقد جلسة طارئة لمناقشة تداعيات القرار، وسط مخاوف من أن يشكل سابقة قد تُستغل في نزاعات انفصالية أخرى حول العالم.
وفي واشنطن، أكدت الإدارة الأمريكية أنها لا تعتزم الاعتراف بأرض الصومال، في تباين واضح مع الموقف الإسرائيلي، مشددة على دعمها لوحدة الأراضي الصومالية.
بين الاعتراف والتهجير
زاد من حدة الجدل ما كشفته تقارير إعلامية إسرائيلية عن وجود تفاهمات غير معلنة تتعلق بإمكانية توطين سكان من قطاع غزة في الإقليم، مقابل اعتراف سياسي ودعم اقتصادي.
هذه المعلومات أثارت مخاوف من محاولة 'إسرائيل' تصدير الأزمة الفلسطينية إلى خارج حدودها.
وفي هذا الشأن، شدد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على أن بلاده ترفض محاولات 'إسرائيل' نقل الصراع في الشرق الأوسط إلى أراضيها.
وقال محمود، في كلمة ألقاها خلال جلسة استثنائية للبرلمان الصومالي لمناقشة اعتراف 'إسرائيل' بـ'أرض الصومال'، إن القرار الإسرائيلي بمثابة عدوان سافر على سيادة بلاده.
وأكد أن أرض الصومال جزء لا يتجزأ من الصومال، وأن اعتراف 'إسرائيل' بها يهدد الأمن والاستقرار ويشجع حركات الانفصال في العالم أجمع.
وأوضح الرئيس الصومالي أن بلاده لن تقبل بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وترفض إقامة قواعد عسكرية على أراضيها لانطلاق هجمات منها.
أهداف الاحتلال تخرج للعلن
يرى المحلل السياسي محمود علوش أن الاعتراف الإسرائيلي بإقليم أرض الصومال 'يخرج أهداف إسرائيل التقسيمية في المنطقة العربية إلى العلن بشكل أكثر وضوحاً اليوم'.
ويوضح علوش في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أن 'هناك مشروعاً إسرائيلياً يستهدف تقسيم الدول العربية وتفتيتها، وإنشاء كيانات حليفة لها في المنطقة من أجل السيطرة عليها، ليس بهدف السيطرة فقط، بل لأن مثل هذه السيطرة، من منظور إسرائيلي، ستضمن الاستمرارية للمشروع الاستعماري الإسرائيلي في المنطقة لعقود طويلة، واستجلاب فرص توسعية جديدة'.
وتابع: 'لذلك تتعامل دول المنطقة مع هذا الإعلان الإسرائيلي على أنه تهديد كبير للمنطقة ولهوية هذه المنطقة، وليس فقط الصومال؛ بل لوحدة كل الدول العربية التي تستشعر اليوم مخاطر تهدد وحدتها، وتنشط فيها مشاريع التقسيم وغيرها'.
وأضاف أن 'مشروع إسرائيل التقسيمي للسيطرة في المنطقة العربية أصبح اليوم أكبر خطر يشكّل أو يهدد هوية هذه المنطقة منذ عقود طويلة، وهذا الخطر، أعتقد أنه سيعمل على إعادة تشكيل التكتلات والتحالفات الإقليمية من جديد، خصوصاً أن هناك دولاً وازنة مستهدفة من هذا المشروع التقسيمي في المنطقة العربية، على رأس هذه الدول تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية'.
واعتبر أن 'مشاريع التقسيم في سوريا تستهدف تركيا، ومشاريع التقسيم في السودان وليبيا والصومال تستهدف مصر، ومشروع التقسيم في اليمن يستهدف المملكة العربية السعودية'.
وختم علوش بالقول إن 'هناك بوادر لتحالفات جديدة تنشأ في المنطقة، كنتيجة للتعامل مع هذا الخطر'.


































