أكد ندير المومني، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، أن المد الإصلاحي الذي تعرفه المملكة، والإطار الدستوري الذي يؤطر الفعل العمومي، قد أتاحا إمكانية تبني خيارات معيارية جديدة في إنتاج النصوص القانونية والتنظيمية، تقوم على منطق المنظومات.

وأضاف المومني، الذي شغل منصب قاض بالمحكمة الدستورية لولايتين، أن التفكير في هذا التوجه يجد أساسه في ضرورة الانسجام بين مكونات المنظومة القانونية الوطنية، بما يخدم التوجهات الاستراتيجية والسياسات العمومية والقطاعية، ويمكن من إعمالها بشكل فعال ومندمج.

وأشار المومني إلى أن تبني مقاربة 'المنظومات القانونية' لم يعد خيارًا تقنيًا أو تنظيميًا فحسب، بل أضحى مطلبًا معرفيًا وعمليًا تفرضه التحديات المنهجية الجديدة، ويعززه التطور المؤسساتي للأمانة العامة للحكومة. واستحضر في هذا السياق التجديدات التي طالت مناهج عمل المؤسسة، بوصفها الفاعل المركزي في مواكبة المسار التشريعي والتنظيمي للإصلاحات الجارية.

جاء ذلك ضمن مداخلة للمومني في سياق مشاركته في ندوة علمية نظمتها الأمانة العامة للحكومة أمس الثلاثاء، برواقها ضمن فعاليات الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، تحت عنوان 'قراءة في المنظومة القانونية الوطنية: نحو مقاربة نسقية'.

وخلال مداخلته، تحدث عن مجموعة من المداخل النظرية لمفهوم المنظومة القانونية، وما تطرحه من نتائج عملية وشروط مؤسسية، قبل أن ينتقل إلى تحليل عاملين أساسيين أوجبا تبني هذا الخيار، هما: الرؤية الملكية المؤطرة للمد الإصلاحي في شقه القانوني، والإطار الدستوري الذي لا يكتفي بالإتاحة، بل يفرض في أحيان كثيرة مقاربة منظومية في التشريع والتنظيم، بما يتماشى مع المبادئ الدستورية وأهداف الحكامة وجودة القانون.

وفي معرض تفصيله لأنماط الإنتاج التشريعي والتنظيمي، أبرز المومني أن منظومات الحماية الاجتماعية، والاستثمار، والعدالة، بلغت مراحل متقدمة من الاكتمال، مستشهدًا بحالات تطبيقية لمزيد من التأمل، كمنظومة التربية والتكوين، والإصلاح الجبائي، وورش اللاتمركز الإداري، وكذا ورشي التحول الرقمي والطاقي، إضافة إلى المواكبة القانونية للتظاهرات الرياضية الكبرى.

كما استعرض أبرز الحلول التنظيمية والمنهجية التي اعتمدتها الأمانة العامة للحكومة لمواكبة هذا التحول، منها: دليل مساطر إعداد النصوص، والمقاربة الشاملة للجودة، وإعادة هيكلة المؤسسة، فضلًا عن اعتماد منهجية اليقظة القانونية، بما يسهم في إرساء قواعد صلبة لتدخل تشريعي وتنظيمي ناجع، متناسق ومندمج.