اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣٠ تموز ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
يبدو الكبد الدهني في مراحله الأولى وكأنه مجرد حالة بسيطة لا تستدعي القلق، إلا أن الحقيقة الطبية الصادمة تشير إلى أنه قد يتحول ببطء إلى كارثة صحية تهدد حياة المريض ما لم يتم التدخل المبكر بالعلاج والتشخيص. ووفقًا لما أوردته صحيفة Times of India، فإن تراكم الدهون في الكبد لا يقتصر تأثيره على الكبد وحده، بل يمتد ليشمل أعضاء حيوية وأجهزة كاملة في الجسم، مما يجعل من الاكتشاف المبكر والتعامل الفوري ضرورة لا تحتمل التأجيل.
الكبد الدهني والالتهاب الأيضي.. بداية الخطر
تبدأ المشكلة عندما يتطور تراكم الدهون في الكبد إلى ما يعرف بـالتهاب الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASH)، حيث تؤدي الدهون الزائدة إلى التهاب خلايا الكبد وتلفها، وهو ما يُحدث ندوبًا وتليفًا قد تتفاقم لتتحول لاحقًا إلى تليف كبدي حاد أو حتى سرطان الكبد. ويُعتبر هذا التطور التدريجي أحد أخطر مراحل المرض، ويحدث غالبًا بصمت دون أعراض بارزة.
مرض الكبد الدهني يفتح الباب لأمراض القلب
وعلى الرغم من أن المرض يوصف بأنه 'كبد دهني'، إلا أن تداعياته تتجاوز الكبد لتصيب القلب بشكل مباشر. فبحسب تقارير طبية، فإن المصابين بالكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) أو النوع المتقدم منه (MASH) يعانون من التهابات جهازية وتلف بطانة الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم، مما يعجّل بحدوث تصلب الشرايين.
ويُعد مرض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة لدى هذه الفئة من المرضى، إذ تزيد احتمالات إصابتهم بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية بمعدل يتراوح بين 1.5 إلى 2 ضعف مقارنة بغير المصابين، حتى عند غياب عوامل الخطر التقليدية.
الكبد الدهني ومقاومة الأنسولين.. علاقة خطيرة
يرتبط الكبد الدهني بشكل وثيق بظهور مقاومة الأنسولين، حيث تؤدي الدهون المتراكمة في الكبد إلى خلل في تنظيم الغلوكوز ورفع احتمالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. والعكس صحيح أيضًا، إذ يُسهم مرض السكري في تفاقم التهاب الكبد وتدهور وظائفه. وتشير الدراسات إلى أن المرضى الذين يعانون من الكبد الدهني ترتفع احتمالات إصابتهم بالسكري بنسبة تقارب الضعف، وفي حال حدوث ذلك، فإن أمراض الكبد تتطور بوتيرة أسرع وأكثر حدة.
أمراض الكلى.. ضحية صامتة للكبد الدهني
المخاطر لا تقف عند القلب أو السكري، بل تمتد إلى الكلى أيضًا. فالتغيرات الجهازية التي تحفّز الكبد الدهني، مثل الالتهاب المزمن ومقاومة الأنسولين، يمكن أن تُلحق ضررًا بوظائف الكلى. وتُظهر الأدلة أن الأشخاص الذين يعانون من الكبد الدهني وداء السكري معًا ترتفع لديهم معدلات النوبات القلبية والسكتات والوفيات بدرجة كبيرة، في حين يُعد تليف الكبد عامل خطر مستقل للفشل الكلوي.
الاضطرابات الهرمونية.. دائرة معقدة من الخلل
يساهم الكبد الدهني أيضًا في اضطراب التوازن الهرموني في الجسم، ما يؤدي إلى مشاكل مثل متلازمة تكيس المبايض وقصور الغدة الدرقية. وتُظهر الإحصاءات أن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض غالبًا ما يعانين من مقاومة أنسولين وزيادة تراكم الدهون في الكبد. حتى الأشخاص ذوو الوزن المثالي ليسوا في مأمن، إذ يمكن أن يصابوا بمتلازمة الكبد الدهني المرتبط بالعمر (MASLD) في حال وجود خلل استقلابي داخلي.
من المثير للقلق أن أعراضًا مثل التعب المزمن أو آلام البطن أو تغير لون الجلد قد تظهر مبكرًا، وتسبق بكثير مرحلة اكتشاف الإصابة عبر فحوص الكبد.
استشارة الطبيب.. أولوية لا تقبل التأجيل
في حال كان الشخص يعاني من السمنة أو داء السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو متلازمة تكيس المبايض أو ارتفاع في إنزيمات الكبد، فإن استشارة طبيب متخصص تصبح أمرًا ضروريًا، وربما منقذًا للحياة. ويشمل التشخيص عادة:
أعراض لا يجب تجاهلها
ينبغي التوجه الفوري إلى الطبيب عند ظهور أي من الأعراض التالية:
هذه المؤشرات قد تدل على أن المرض تطوّر إلى تليف كبدي أو أحد مضاعفاته الخطيرة، ما يستوجب تدخلًا طبيًا عاجلًا لتفادي الدخول في مرحلة لا يمكن التراجع عنها.
كلمة أخيرة.. الوقاية بالتشخيص المبكر
الكبد الدهني ليس حالة حميدة كما يظن البعض، بل هو بوابة لأمراض تهدد الحياة إذا لم يُكتشف ويُعالج مبكرًا. تبدأ الوقاية من خلال الفحوصات الدورية ونمط حياة صحي يقوم على الغذاء المتوازن والنشاط البدني المنتظم، والابتعاد عن العوامل المسببة مثل السكريات الزائدة وقلة الحركة. فالتدخل المبكر لا يُنقذ الكبد فحسب، بل يحمي القلب والكلى والهرمونات وأعضاء الجسم كافة.