اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٩ تموز ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في مشهد متكرر لكبار السن، قد تجد اثنين في السبعين من عمرهما يعيشان حياة نشطة ومستقلة. لكن مع مرور 15 عاماً، يصاب أحدهما بأمراض مزمنة مثل القلب والسكري والاكتئاب، بينما يظل الآخر في صحة جيدة. ما الذي يصنع هذا الفارق؟ دراسة حديثة من معهد كارولينسكا بالسويد كشفت أن النظام الغذائي ربما يكون أحد المفاتيح الأساسية لهذا التباين في التقدم البيولوجي بالعمر.
2400 شخص تحت المجهر لخمسة عشر عاماً
الدراسة السويدية تابعت أكثر من 2400 شخص من كبار السن على مدى 15 عاماً، بهدف رصد العلاقة بين نوعية النظام الغذائي وتراكم الأمراض المزمنة. ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين التزموا بأنظمة غذائية صحية كانوا أقل عرضة لتدهور حالتهم الصحية بشكل متسارع، مقارنة بأولئك الذين اعتمدوا على أنظمة غنية باللحوم المصنعة والمشروبات السكرية والحبوب المكررة.
أنظمة غذائية تقلّل خطر الشيخوخة السريعة
ركزت الدراسة على أربعة أنظمة غذائية رئيسية: حمية العقل (MIND Diet)، مؤشر التغذية الصحية البديلة، الحمية المتوسطية، ونظام غذائي غني بالأطعمة المسببة للالتهابات. وتبين أن الأنظمة الثلاثة الأولى ارتبطت بتباطؤ تراكم الأمراض، في حين أن النظام الغذائي الرابع، الغني بالمحفزات الالتهابية، ارتبط بتدهور صحي أسرع، خصوصاً في القلب والأوعية الدموية والحالة النفسية.
القلب والدماغ أول المتأثرين بنوعية الغذاء
أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين حافظوا على نمط غذائي صحي كانوا أقل عرضة للإصابة بقصور القلب، السكتات الدماغية، الاكتئاب، والخرف. وعلى الجانب الآخر، لم تجد الدراسة علاقة قوية بين النظام الغذائي وأمراض الجهاز العضلي الهيكلي، مثل التهاب المفاصل وهشاشة العظام.
النساء وكبار السن أكثر استفادة من التغذية الصحية
اللافت أن التأثير الإيجابي للنظام الغذائي كان أكثر وضوحاً لدى النساء ولدى الأشخاص الذين تجاوزوا عمر 78 عاماً. وهذا يشير إلى أن الوقت لا يفوت أبداً لتعديل العادات الغذائية، وأن التحول إلى خيارات صحية قد يكون مفيداً حتى في مراحل متقدمة من العمر.
الالتهاب المزمن: العدو الصامت للشيخوخة
يشير الباحثون إلى أن النظام الغذائي قد يؤثر في سرعة الشيخوخة بسبب الالتهاب المزمن منخفض الدرجة، المعروف بـ'الالتهابي'. وهو شائع بين كبار السن، ويُعتقد أنه عامل رئيس في ظهور أمراض متعددة. الأنظمة الغنية بالخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة والدهون الصحية تقلل الالتهاب، بعكس الأغذية المصنعة والسكريات التي تعززه.
التغذية الصحية تدعم مرونة الجسم والمناعة
فضلاً عن تقليل الالتهاب، تزوّد الأنظمة الصحية الجسم بالعناصر الضرورية للحفاظ على كفاءة جهاز المناعة، وصحة الدماغ، وكتلة العضلات. وهذا يعزز ما يعرف بـ'المرونة الفسيولوجية'، وهي قدرة الجسم على مواجهة التحديات الصحية المرتبطة بالعمر. تأثير هذه العوامل على المدى الطويل يصنع فرقاً جوهرياً في نوعية حياة كبار السن.
دراسة رائدة بعمق زمني وتحليلي غير مسبوق
تميّزت الدراسة بأنها من أطول وأشمل الدراسات في مجالها، حيث اعتمدت على تقييمات غذائية دقيقة ومتكررة، وتتبعت أكثر من 60 حالة صحية مزمنة. كما خضعت نتائجها لاختبارات تحليلية صارمة للتأكد من دقتها، مما يعزز مصداقية النتائج ويمنحها أهمية بحثية عالية.
التغذية ليست وحدها.. لكنّها الأسهل للتحكم
ورغم أن النظام الغذائي أظهر تأثيراً كبيراً، فإن الباحثين يشيرون إلى أن عوامل أخرى مثل النشاط البدني، العلاقات الاجتماعية، والوصول إلى الرعاية الصحية تلعب دوراً مكملاً. لكن، يبقى تحسين النظام الغذائي من أسهل وأقل تكلفة من بين التدخلات الممكنة، مما يجعله أداة فعالة لدعم الشيخوخة الصحية.