اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٨ حزيران ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
أثار تزامن اندلاع المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل، مع بداية فصل الصيف في مصر، الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة نتيجة التغيرات المناخية، قلقًا شعبيًا واسعًا حول مدى قدرة الحكومة المصرية على الوفاء بوعودها السابقة بعدم انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل، خاصة مع تعطل إمدادات الغاز الطبيعي الذي تعتمد عليه الدولة لتشغيل محطات الكهرباء.
تراجع الإمدادات الإسرائيلية وتداعيات الأزمة على مصر
وكشف مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن أزمة إمدادات الغاز من إسرائيل ليست وليدة المواجهات الأخيرة، بل إن التوقف بدأ قبل بدء الحرب، مبررًا ذلك بما أعلنته تل أبيب عن «أعمال صيانة» لخطوط التصدير. وأشار المصدر إلى أن القاهرة تعاملت مع هذا الانقطاع بإجراءات بديلة، غير أن استمرار الحرب قد يُعقّد الوضع بشدة، لا سيما وأن الخطط البديلة تعتمد على استيراد الغاز من روسيا وقطر والجزائر عبر البحر، وهو ما قد يتأثر بتعطل حركة الملاحة في حال تصاعد الأزمة.
خطة إسرائيلية لتخفيض التصدير وضغوط سياسية على القاهرة
في منتصف مايو الماضي، أبلغت إسرائيل مصر بنيتها خفض الكميات الموردة بسبب أعمال الصيانة، ليهبط التوريد من مليار قدم مكعبة يوميًا إلى نحو 500 مليون فقط، مع توقعات بانخفاض إضافي خلال شهري يوليو وأغسطس بسبب ارتفاع استهلاك الداخل الإسرائيلي. وأرجع خبراء مصريون هذا التراجع إلى محاولات ضغط سياسي من تل أبيب على القاهرة للقبول بخطط تهجير سكان غزة، باستخدام ورقة الغاز كسلاح سياسي واقتصادي.
اعتماد متزايد على المازوت رغم أضراره الفنية والبيئية
ومع تعطل الغاز الإسرائيلي، لجأت مصر إلى استخدام المازوت لتشغيل بعض محطات الكهرباء، وهو ما أكد خبراء طاقويون أنه خيار اضطراري غير مستدام، نظرًا لما يلحقه من أضرار بمحطات التوليد وارتفاع كلفته البيئية. كما يشير متخصصون إلى أن هذه الحلول قد لا تصمد في مواجهة الارتفاع الكبير في الأحمال الكهربائية خلال ذروة الصيف، خاصة في ظل الطلب المتزايد على التكييف.
تصريح حذر من وزير الطاقة الإسرائيلي
وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين صرح لـ«رويترز» أن بلاده ستعيد تصدير الغاز عندما تحصل على الضوء الأخضر من الجيش الإسرائيلي، مؤكدًا أن «الوضع الأمني لا يسمح الآن بذلك». وأضاف: «لا نريد استنزاف احتياطاتنا الاستراتيجية، ولذلك كان علينا تقليص التصدير»، موضحًا أن اتصالات جارية مع مصر والأردن بشأن استمرار توقف الإمدادات.
إغلاق حقول رئيسية واحتفاظ بـ«تمار» للإمداد المحلي
منذ 13 يونيو، أغلقت إسرائيل حقلي غاز رئيسيين، هما «ليفياثان» و«كاريش»، فيما أبقت على تشغيل حقل «تمار» لتلبية الطلب المحلي فقط. هذا الإجراء يضع مصر في وضع حرج، خاصة وأنها تعتمد بشكل كبير على الغاز الإسرائيلي منذ توقيع اتفاق بقيمة 15 مليار دولار في عام 2020، بعد أن كانت قد توقفت عن استيراد الغاز المسال منذ 2018 إثر اكتشافات ضخمة أبرزها «حقل ظهر».
مدبولي يطمئن المصريين ويشكل لجنة أزمة
في محاولة لاحتواء مخاوف المواطنين، عقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي اجتماعًا طارئًا مع وزير الكهرباء محمود عصمت لمناقشة تداعيات الأزمة الإيرانية الإسرائيلية على الطاقة في مصر. وأعلن عن تشكيل لجنة أزمة برئاسته لمتابعة المستجدات والتعامل مع أي سيناريوهات محتملة، مشددًا على أن الحكومة ملتزمة بتوفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات بكفاءة، لكنه دعا المواطنين إلى ترشيد استهلاك الكهرباء والتعاون مع الدولة في هذه الظروف الاستثنائية.
البرلمان: لا أزمة وشيكة والحكومة تنوع مصادر الطاقة
عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب محمد الجبلاوي قال إن الحكومة أبلغت اللجنة بأنها مستمرة في خططها لتنويع مصادر الإمداد، مشيرًا إلى أن مصر وسعت إنتاجها من الطاقة المتجددة، خاصة من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري. وأكد أن حقل ظهر عاد للعمل بطاقته الطبيعية بعد تجاوز مشكلات فنية أدت إلى توقف مؤقت في الإنتاج.
وعود رسمية بعدم تخفيف الأحمال وترشيد استهلاك الكهرباء
وفي 14 يونيو، قطعت الحكومة وعدًا بعدم تنفيذ أي خطط لتخفيف الأحمال الكهربائية خلال فصل الصيف. وبدلاً من ذلك، تم الإعلان عن خطة لترشيد الاستهلاك شملت تقليل إنارة الشوارع بنسبة 60%، والالتزام بتوفير الكهرباء داخل المباني الحكومية، إلى جانب غلق المحال والمولات الساعة 11 مساءً باستثناء يومي الخميس والجمعة.
سيناريوهات الأزمة وفق تقييم خبراء الطاقة
استشاري الطاقة والبيئة الدكتور ماهر عزيز حذر من أن مصر قد تواجه أزمة محدودة في حال عدم كفاية شحنات الغاز المسال المستوردة، مشيرًا إلى أن الأثر المتوقع – حال حدوثه – سيكون في صورة «تخفيف تبادلي لأحمال الكهرباء» خلال فترات النهار فقط، وهو ما وصفه بأنه «وضع يمكن تحمله»، خاصة إذا تم تفعيله وفق خطة مدروسة لتوزيع الأحمال بشكل عادل.
أزمة الغاز والملف الفلسطيني: تقاطع المصالح والمخاوف
وتربط تحليلات سياسية بين توقيت تخفيض الغاز الإسرائيلي وملف غزة، في وقت تمارس فيه تل أبيب ضغوطًا على مصر لدفعها نحو قبول حلول تُنهي وجود السكان الفلسطينيين داخل القطاع. ويخشى مراقبون من أن يتحول ملف الغاز إلى وسيلة ابتزاز سياسي في المرحلة المقبلة، خصوصًا إذا طال أمد الحرب واستمر تعطل الملاحة أو تصاعدت حدة التوترات الإقليمية.