اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٤ تموز ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
كشفت مصادر مطلعة عن فضيحة فساد كبرى في حكومة ولاية كسلا، تتعلق بقيام مسؤولين بتوزيع عشرات القطع الاستثمارية من ميادين عامة مخصصة للنفع العام، ضاربين عرض الحائط بالقوانين السودانية والقرارات الرئاسية الواضحة التي تمنع تغيير استخدام الميادين والفسحات العامة.
ووفقًا لمصادر قانونية وأهالي المنطقة، فإن المخالفات شملت توزيع 58 قطعة استثمارية من ميدان عام بحلفا الجديدة، إضافة إلى 186 قطعة أخرى لأغراض تجارية بموجب قرار ولائي صدر عام 2024، ما يشكل خرقًا صريحًا للأنظمة القانونية السارية حتى اللحظة.
مخالفة واضحة للقرار الرئاسي رقم 130
القرارات الرئاسية والقوانين المتعلقة بتخطيط الأراضي تمنع تمامًا تحويل الميادين العامة إلى أراضٍ استثمارية، إلا أن حكومة كسلا أقدمت، في تحدٍ لهذه القوانين، على تخصيص أراضٍ من ميدان الحرية في مربع 5 بحلفا الجديدة، وتوزيعها على أفراد بطرق توصف بأنها 'غير قانونية'.
وقد كشفت وثيقة رسمية مؤرخة بتاريخ 22 أغسطس 2024، أنه لا يوجد أي تفويض وزاري لتغيير غرض الميدان من مرفق عام إلى استثمار خاص، مما يجعل كل الإجراءات التي تمت لاحقًا باطلة قانونًا، بل إن أمرًا وزاريًا صدر بتاريخ 5 أغسطس 2024 أوقف بيع هذه القطع نهائيًا بموجب القرار رقم 130/2024، ما يزيد من الشكوك حول النوايا وراء هذه التخصيصات.
البيع المباشر.. حيلة مكشوفة لتجاوز القانون
وبحسب صفحة البعشوم المحلية، فإن توزيع الأراضي تم تحت غطاء البيع المباشر، وهو ما وصفته الإدارة القانونية في الولاية بأنه إجراء باطل ومخالف للمادة 42/2 من قانون تنظيمات الأراضي، حيث لا يجيز القانون البيع المباشر في حالة الميادين العامة التي يجب أن تبقى ملكًا للمجتمع.
وبالإضافة إلى ذلك، أوضحت مذكرة قانونية صادرة عن لجنة مراجعة الأراضي، أن اللجنة أوصت بشكل واضح بـ'عدم المساس بالميادين العامة'، وهو ما تم تجاهله من قبل جهات داخل حكومة الولاية.
نزاع قانوني وتجميد لقطع الأراضي
في تطور لافت، تم قبول طلب 'الحجر' على القطعة رقم 50 في مربع 5 من قبل السجل العام للأراضي بتاريخ 25 يوليو 2023، وهو ما يؤكد وجود نزاع قانوني مستمر حول شرعية هذه التخصيصات.
ويرى قانونيون أن قبول هذا الطلب يمثل اعترافًا من الجهات المختصة بوجود مخالفة في تخصيص الأراضي، ما يستدعي وقف كافة الإجراءات فورًا، وإجراء تحقيق شفاف لمعرفة من يقف وراء هذه الانتهاكات.
غضب شعبي وتصعيد قانوني
أهالي حلفا الجديدة لم يقفوا صامتين أمام هذا العبث، حيث عبروا عن غضبهم الشديد مما وصفوه بـ'تجريف الميادين العامة'، وتقدم عدد كبير منهم بشكاوى رسمية ضد المسؤولين مطالبين بإلغاء التخصيصات فورًا وفتح تحقيق مستقل لمحاسبة المتورطين.
وأكد المواطنون أن الميادين العامة تشكل متنفسًا اجتماعيًا وثقافيًا للمنطقة، وقد استخدمت لعقود كمواقع للأنشطة الرياضية والاجتماعية والوطنية، وأن تحويلها إلى مشروعات استثمارية يمثل 'طعنة في ظهر المجتمع'.
أين الرقابة.. وأين والي كسلا؟
في ظل هذه الفضائح المتتالية، يبرز سؤال ملح حول مدى التزام الحكم المحلي بالقانون، وأين دور الأجهزة الرقابية في منع مثل هذه التجاوزات؟ بل أين دور والي كسلا نفسه من كل ما يحدث، وهل سيتم فتح ملفات الفساد ومحاسبة المتورطين علنًا أم سيتم طي القضية كما حدث في ملفات أخرى مشابهة؟
ويطالب الشارع في كسلا بضرورة إخضاع ملف أراضي حلفا لمراجعة شاملة من جهات محايدة، وإعلان نتائج التحقيق للرأي العام، حتى لا تتحول الميادين إلى سوق مفتوح للفساد باسم الاستثمار والتنمية.