جريمة مالية.. تقليص المرتبات لهذه الفئة وسط صمت الجميع

متابعات – نبض السودان

اتهمت لجنة المعلمين السودانيين الحكومة بارتكاب ما وصفته بـ”جريمة مكتملة الأركان” بحق العاملين بالدولة، لا سيما المعلمين، بعد قرارها الأخير بتخفيض بدلات الوجبة والسكن، وسط ظروف معيشية قاسية وظروف حرب طويلة الأمد.

تخفيضات موجعة وسط غضب واسع

أثار منشور صادر عن مجلس الوزراء السوداني موجة من الغضب، بعدما نصّ على تخفيض بدل الوجبة من 90 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه شهريًا اعتبارًا من يونيو الجاري، مع تعديل لاحق إلى 60 ألف جنيه في 2026، ثم إعادة البدل لقيمته الأصلية بحلول عام 2027.

اللجنة وصفت الخطوة بأنها استهتار بمعاناة العاملين، وخاصةً المعلمين الذين تحملوا تبعات الحرب وانقطاع المرتبات لأكثر من عام ونصف في عدد من الولايات، دون أي تعويضات تُذكر.

تمييز صارخ في تطبيق الزيادات

قال بشير نايل، عضو مكتب الإعلام بلجنة المعلمين، إن الحكومة تنصلت من التزاماتها المالية التي أعلنت عنها مطلع العام الجاري، موضحًا أن زيادات الرواتب لم تُطبّق سوى على نطاق ضيق داخل الوزارات الاتحادية، بينما حُرم معظم العاملين في الولايات منها، واصفًا الأمر بأنه “تمييز مجحف وغير مبرر”.

وأضاف نايل أن المعلمين صبروا كثيرًا على الأوضاع الاقتصادية والانهيار المالي، دون أن يلمسوا تحسنًا يُذكر أو انتظامًا في صرف المرتبات، التي لم تُصرف على نحو شبه كامل خلال عام 2024.

رواتب الوزراء بالمليارات.. والموظفون تحت خط الفقر

نايل كشف عن تسريبات مثيرة للجدل، تفيد بأن بعض الوزراء يتقاضون رواتب تصل إلى 2 مليار جنيه شهريًا، في مقابل دخول يومية لا تتجاوز 2 إلى 3 دولارات فقط لمعظم العاملين في الدولة، مما يضعهم تحت خط الفقر المدقع بحسب المعايير الدولية.

وأوضح أن متوسط تكلفة المعيشة لأسرة مكوّنة من 5 أفراد يتراوح بين 354 ألف جنيه في الولايات الأقل تكلفة، ويصل إلى أكثر من 2.1 مليون جنيه في مدن مثل بورتسودان، في حين لا يغطي متوسط الأجر الشهري سوى 1% إلى 8% من هذه الكلفة.

إحالات للتقاعد دون ترقيات.. وأهداف سياسية

اتهمت اللجنة الحكومة بتقليص كتلة الرواتب عبر إحالة أعداد كبيرة من الموظفين للتقاعد دون تنفيذ ترقيات، في خطوة وصفتها بـ”السياسية البحتة” هدفها تقليص الإنفاق العام على حساب العدالة الاجتماعية وحقوق العاملين.

تحذيرات من عودة النقابات الموالية للنظام السابق

واختتم نايل تصريحاته باتهام مباشر للحكومة بأنها تسعى لخنق العاملين وتوفير موارد مالية لتمويل الحرب والميليشيات المسلحة، بدلًا من دعم موظفي الدولة، محذرًا من عودة النقابات الموالية للنظام السابق كغطاء لتمرير سياسات “تدميرية” تستهدف الموظفين وتُهدر حقوقهم المكتسبة.

وخلصت لجنة المعلمين إلى أن القرار لا يقتصر على كونه قرارًا اقتصاديًا، بل يُجسّد توجهًا سياسيًا ممنهجًا لتهميش العاملين بالدولة، وعلى رأسهم المعلمون، الذين يعدّون من أكثر الفئات تضررًا من الحرب والكارثة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.