اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ١٦ أيلول ٢٠٢٥
_____________________
▪️أعرب الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد عن ترحيبهما بالبيان الرباعي الصادر عن وزراء خارجية مصر، السعودية، الإمارات والولايات المتحدة بشأن تطورات الصراع في السودان. وأكد البيان تطابق رؤية المنظمتين مع ما ورد في البيان الرباعي حول ضرورة هدنة إنسانية عبر عملية جدة، وبدء انتقال مدني خلال تسعة أشهر، ورفض أي دعم عسكري خارجي، بجانب إطلاق مشاورات مع القوى المدنية السودانية بالتنسيق مع الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
▪️هذا الترحيب لا يمكن عزله عن ميراث المواقف السابقة، حيث اتسم أداء الاتحاد الأفريقي بالتذبذب منذ البداية عبر تجميد عضوية السودان في خطوة رآها كثيرون انحيازًا لأجندات إقليمية، فيما أظهرت الإيقاد سلبية مفرطة وصلت إلى حد التماهي السافر مع الإمارات والمليشيا، عبر محاولات إضفاء شرعية سياسية على الدعم السريع وتقديمه كندٍ للمؤسسة العسكرية. هذه المواقف مجتمعة أضعفت الثقة السودانية ودَفعت الخرطوم لتعليق التعامل مع الإيقاد أكثر من مرة.
▪️اليوم، تبدو مواقف الاتحاد الأفريقي والإيقاد محاولة واضحة لإعادة التموضع واستعادة صلاحيات رعاية ملف السودان الذي جرى انتزاعه من البيت الأفريقي لمصلحة عملية جدة. ومن هنا جاء بيان الترحيب بالرباعية كخطوة لإظهار التطابق مع رؤيتها، ومحاولة إعادة إدماج نفسيهما في مشهد باتت موازينه خارج سيطرتهما المباشرة.
▪️غير أن التناقض يظل حاضرًا؛ إذ يدعو البيان إلى رفض أي دعم عسكري خارجي في وقت يدرك الجميع أن إحدى دول الرباعية نفسها – الإمارات – متورطة بوضوح في تقديم هذا الدعم. وهو ما يجعل الخطاب أقرب إلى الاستهلاك السياسي منه إلى خطوة عملية لتغيير الواقع.
▪️في المحصلة، يعكس البيان المشترك مسعى لتشكيل جبهة دولية وإقليمية موحدة للضغط على السودان باتجاه مسار انتقالي مدني، لكن من دون مراجعة حقيقية لانحيازات الماضي أو معالجة لأسباب فقدان الثقة. وهو ما يجعل الخرطوم تنظر بحذر إلى هذه التحركات، وترى أن الأزمة ما تزال رهينة التجاذبات الدولية والإقليمية، فيما يظل الحديث عن حماية السيادة أقرب إلى الشعار منه إلى الفعل.
*_خـلاصــة الـقـول و منتـهـاه_*
▪️إنّ ما بين سطور الترحيب الأفريقي والإيقادي بالبيان الرباعي يتجاوز مجرد إعلان موقف إلى محاولة واضحة لإعادة التموضع واستعادة زمام المبادرة في ملف السودان، بعد أن تآكلت صلاحياتهما وتراجعت مكانتهما داخل البيت الأفريقي نفسه. غير أنّ التناقضات الصارخة، والانحيازات السابقة، تجعل هذه العودة محل ريبة مشروعة من الخرطوم، التي تدرك أن الأجندات المتقاطعة ما زالت تدار على حساب سيادتها ووحدتها.
▪️ومن هنا تبدو مسؤولية الدبلوماسية السودانية مضاعفة، بأن تتعامل بوعي مع هذه الاصطفافات، وألا تسمح بفرض وصاية جديدة تحت غطاء الإجماع الدولي والإقليمي، بل أن تعيد صياغة حضورها النشط في المنابر نفسها، تكشف التناقضات وتفضح الازدواجية، وتحوّل الموقف السوداني من موقع المتأثر بالقرارات إلى موقع الفاعل في صياغتها. ذلك وحده الكفيل بتحصين الموقف الوطني، وضمان ألا يتحول السودان مجددًا إلى ساحة لتجارب الآخرين.