اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٣ أب ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
قلة النوم لم تعد مسألة بسيطة مرتبطة بالإرهاق فقط، بل تحولت إلى قضية صحية خطيرة تمس الأجيال الجديدة، خصوصاً الأطفال والمراهقين الذين يعيشون في عالم سريع الإيقاع ومليء بالمغريات الإلكترونية والاجتماعية. النوم الجيد هو أحد ركائز النمو السليم والعافية الجسدية والنفسية، وأي خلل فيه يمكن أن يترك آثاراً عميقة وطويلة الأمد
النوم ركيزة أساسية للصحة والنمو
النوم ليس مجرد راحة للجسم، بل عملية حيوية تدعم النمو البدني وتقوي جهاز المناعة وتحافظ على التوازن العقلي والعاطفي. وقد أثبتت دراسات عدة أن قلة النوم مرتبطة بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب لدى البالغين، ما يعني أن تأثيراته ليست وقتية فقط بل ممتدة عبر العمر. بالنسبة للأطفال والمراهقين، يمثل النوم حجر الأساس لعملية التعلم، والتركيز، وتنظيم العاطفة
المراهقون وتأخر النوم البيولوجي
يعاني معظم المراهقين من تأخر بيولوجي طبيعي في توقيت النوم، ما يدفعهم للسهر حتى ساعات متأخرة. ومع انتشار الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تبقيهم متصلين طوال الليل، تقل عدد ساعات النوم بشكل خطير. هذا التأخر في النوم لا يمر مرور الكرام، بل يقود إلى مشاكل سلوكية وعاطفية، ويؤثر مباشرة على الصحة النفسية
الترابط بين قلة النوم والصحة النفسية
قلة النوم ترتبط بشكل وثيق بالاضطرابات النفسية مثل القلق، الاكتئاب، تقلب المزاج، وزيادة مستويات التوتر. المراهقون الذين ينامون أقل من 8 ساعات يومياً يواجهون خطر الشعور بالوحدة واليأس وانخفاض الطاقة والدافعية. بل إن الأرق المزمن قد يكون بوابة إلى اضطرابات نفسية تستمر حتى مرحلة البلوغ إن لم تتم معالجتها مبكراً
ضغط الحياة العصرية وغياب الراحة
الثقافة الحديثة القائمة على الحضور الدائم عبر الإنترنت، وضغوط الدراسة، والأنشطة الأكاديمية والوظائف الجزئية، كلها عوامل تدفع المراهقين للتضحية بساعات النوم. حتى أن بعضهم يلجأ إلى الإفراط في تناول الكافيين أو عادات غذائية غير منتظمة، ما يزيد اضطراب أنماط النوم ويؤثر سلباً على صحتهم الجسدية والنفسية
مشكلات النوم ممتدة الأثر
منظمة الصحة العالمية تحدد المراهقة بين 10 و24 عاماً، وهي مرحلة حساسة يتأثر فيها النوم بالعوامل البيولوجية والاجتماعية. السهر المتواصل أصبح بالنسبة للكثيرين أسلوب حياة، لكنه في الحقيقة يهدد صحة الدماغ والإدراك. التغيرات في إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، واضطراب إفراز الميلاتونين، تجعل النوم أقل استقراراً وتؤدي إلى آثار عميقة على المدى الطويل
من السهر إلى السلوكيات الخطرة
قلة النوم لا تقتصر على الخمول والتعب، بل ترتبط بسلوكيات اندفاعية، والميل إلى المخاطرة، والشعور بالهياج والإرهاق. هذه المشكلات السلوكية قد تنعكس على الأداء الأكاديمي والاجتماعي، وتزيد من صعوبة إدارة العواطف والمشاعر. بل إن ضعف جودة النوم يمكن أن يقود إلى ضعف الإدراك، واضطرابات المزاج، وزيادة احتمالية الحوادث اليومية
خطر اجتماعي وصحي متزايد
قلة النوم لم تعد مجرد عادة سيئة بل قضية عامة لها تبعات خطيرة على المجتمع. فالمراهق الذي يعاني من الأرق المزمن قد يواجه صعوبة في الاندماج الاجتماعي، ويعاني من الوحدة أو العزلة، ويصبح أكثر عرضة للاضطرابات المزمنة لاحقاً. المدارس والمجتمع والأسرة جميعهم يتحملون مسؤولية نشر الوعي بأهمية النوم الجيد ووضع ضوابط للحد من السهر غير المبرر
النوم الكافي ليس رفاهية بل ضرورة
من الخطأ النظر إلى النوم كخيار ثانوي يمكن الاستغناء عنه. هو شرط أساسي للنمو، للتعلم، لتوازن المشاعر، ولتجنب الأمراض. تجاهل هذه الحقيقة يجعل الأجيال القادمة تواجه أمراضاً جسدية ونفسية يصعب علاجها. الحل يبدأ من تغيير النظرة الاجتماعية للنوم، وتوفير بيئة مناسبة للأطفال والمراهقين تساعدهم على الالتزام بساعات نوم صحية
نحو مجتمع أكثر وعياً
التعامل مع قلة النوم عند الأطفال والمراهقين يتطلب جهوداً جماعية، بدءاً من الأسرة التي يجب أن تضع حدوداً لاستخدام الأجهزة الإلكترونية ليلاً، مروراً بالمدارس التي ينبغي أن تراعي توقيت الدراسة، وصولاً إلى المجتمع ككل الذي عليه أن يرسخ ثقافة الاهتمام بالنوم كجزء أساسي من نمط الحياة الصحي. فالنوم ليس ترفاً وإنما حق أساسي لكل طفل ومراه