اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
الرقبة… الجزء الأكثر حركة في العمود الفقري
تُعد الرقبة من أكثر أجزاء الجسم حركة وتعقيدًا، فهي تربط بين الرأس والعمود الفقري، وتضم عضلات وأوتارًا وعظامًا وأعصابًا وأوعية دموية، تعمل معًا في مساحة لا تتجاوز 12 سنتيمترًا. تحمل الرقبة وزن الرأس الذي يبلغ نحو 5.5 كيلوغرام، وتربط الحبل الشوكي بالدماغ، ما يجعلها محورًا حيويًا للحركة والتوازن
ورغم صلابتها، فإن الرقبة تُعد منطقة شديدة الحساسية للإصابة والآلام المزمنة بسبب طبيعة حركتها المستمرة في أنشطة الحياة اليومية، مما يجعلها عرضة للإجهاد والالتهاب، وهو ما تؤكده دراسة عالمية أشارت إلى أن ما بين 60 إلى 80% من البشر سيعانون من آلام الرقبة في مرحلة ما من حياتهم
دراسة عالمية تكشف مدى انتشار آلام الرقبة
أوضحت دراسة بعنوان 'العبء العالمي والإقليمي والوطني لآلام الرقبة'، نُشرت في المجلة العالمية للعمود الفقري في يونيو 2025، أن معدلات الإصابة بآلام الرقبة تتراوح خلال عام واحد بين 10.4 و21.3%، وأن نصف المصابين يعانون من آلام متكررة، مما يجعلها مشكلة صحية عامة
ويشير أطباء 'مايو كلينك' إلى أن الوضعية غير السليمة للجسم، مثل الانحناء الطويل أمام الحاسوب أو الهاتف، تُجهد عضلات الرقبة، إلى جانب الالتهاب المفصلي العظمي الذي يُعد من الأسباب الأكثر شيوعًا. كما حذروا من تجاهل الأعراض الخطيرة، مثل الألم المصحوب بخدر أو ضعف في الذراعين أو اليدين، مؤكدين ضرورة مراجعة الطبيب في تلك الحالات
1. الإجهاد العضلي
يُعد الإجهاد العضلي من أبرز أسباب آلام الرقبة، ويحدث نتيجة الجلوس الطويل أمام الكمبيوتر أو الهاتف أو أثناء السفر لفترات طويلة دون حركة. وتوضح الدكتورة سافران نورتون من جامعة هارفارد أن النظر إلى الأسفل لفترات طويلة يجهد عضلات الرقبة والكتفين، مما يؤدي مع الوقت إلى الألم والتشنج. وتنصح بتعديل بيئة العمل بحيث تكون الشاشة في مستوى العين والركبتان منخفضتين قليلًا عن الوركين
2. القراءة واستخدام الهاتف في السرير
تُعتبر هذه العادة من أخطر مسببات آلام الرقبة، خصوصًا عند القراءة أثناء الاستلقاء بوضعية جانبية أو النظر المستمر إلى الهاتف. ولتفادي ذلك، يُنصح بدعم الظهر بوسائد ووضع الهاتف في مستوى العين، واستخدام مكبر الصوت أثناء المكالمات لتجنب ثني الرقبة
3. النوم في وضعية خاطئة
النوم على وسادة غير مناسبة يُسبب انحراف العمود الفقري ويؤدي إلى تصلب الرقبة صباحًا. يوصي الخبراء باستخدام وسادة صغيرة تدعم العنق، وتجنب النوم على البطن، حيث يُجبر هذا الوضع الرقبة على الانحناء جانبًا. كما تساعد وسائد العنق على الحفاظ على استقامة العمود الفقري أثناء النوم
4. الوضعية الخاطئة للجسم
الجلوس أو الوقوف بطريقة غير صحيحة يُعد من أكثر العوامل المؤدية لآلام الرقبة. يجب أن تكون الأذنان فوق الكتفين مباشرة، والكتفان في مستوى الوركين. كما يُفضل رفع الهاتف أو الجهاز اللوحي بدلاً من النظر إلى أسفل لفترات طويلة
5. حمل الحقائب الثقيلة
حمل حقيبة كتف ثقيلة يُسبب إجهادًا لعضلات الرقبة والكتف ويؤثر على توازن الجسم. ينصح الأطباء باستخدام حقيبة ظهر موزعة الوزن بالتساوي على الكتفين، وتبديل الجانبين بشكل دوري إذا لزم الأمر
6. قلة الحركة والخمول
قلة النشاط البدني تؤدي إلى ضعف العضلات الداعمة للرقبة. لذا يُنصح بممارسة تمارين المشي وركوب الدراجة وتمارين التمدد لتقوية عضلات الجذع وتحسين الدورة الدموية. وتُعد تمارين تقوية الرقبة والكتفين من أفضل الوسائل للوقاية من الألم
7. التآكل والأمراض المزمنة
تتآكل مفاصل الرقبة مع التقدم في العمر، ما يؤدي إلى تشكّل نتوءات عظمية تضغط على الأعصاب وتسبب الألم. كما أن الانزلاق الغضروفي أو الإصابات الناتجة عن حوادث السيارات قد تسبب ألمًا مزمنًا. وتشمل الأسباب الأخرى التهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب السحايا وبعض أنواع السرطان، إضافة إلى تأثير التدخين في زيادة احتمالات الإصابة
متى يجب مراجعة الطبيب؟
ينصح الأطباء بضرورة مراجعة الطبيب فورًا إذا كان الألم ناتجًا عن حادث أو إصابة مباشرة، أو إذا استمر الألم لأكثر من أيام عدة دون تحسن، أو صاحبه خدر وضعف في الأطراف أو صداع مستمر. وتُعتبر هذه العلامات مؤشرات على احتمال وجود مشكلة عصبية أو عضلية تحتاج لتدخل طبي عاجل
وتوضح كلية الطب بجامعة هارفارد في تقريرها: 'إن آلام الرقبة أصبحت أحد أكثر أعراض العصر الرقمي شيوعًا، نتيجة الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية والانحناء الدائم'. وتضيف: 'إنها إصابة ناتجة عن الإفراط في الاستخدام، فجسم الإنسان صُمم للحركة لا للبقاء في وضعية ثابتة لساعات'
وتشمل أبرز أعراض آلام الرقبة التشنج العضلي، وضعف القدرة على تحريك الرأس، والصداع الناتج عن التوتر العضلي، والألم الذي يزداد عند تثبيت الرأس لفترات طويلة أثناء العمل أو القيادة
إن آلام الرقبة ليست عرضًا بسيطًا يمكن تجاهله، بل مؤشر على إجهاد أو خلل في التوازن العضلي والعظمي للجسم. وتُعد الوقاية من خلال الوضعية الصحيحة، والنوم السليم، والحركة المنتظمة، أفضل وسيلة لحماية الرقبة من الألم المزمن