اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في تحذير علمي يثير القلق، كشفت دراسة حديثة أن الهواء الذي نتنفسه داخل منازلنا وسياراتنا قد يكون مشبعًا بآلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، التي قد لا يراها الإنسان لكنها قد تغزو الرئتين، مهددة الصحة العامة بأضرار مزمنة قد لا تُدرك إلا بعد فوات الأوان.
68 ألف جسيم يوميًا.. تهديد لا يُرى
بحسب الدراسة التي نشرتها شبكة 'سي إن إن' الأميركية، فإن البالغين قد يستنشقون نحو 68 ألف جسيم بلاستيكي دقيق يوميًا من الهواء الداخلي. وتبلغ أحجام هذه الجسيمات ما بين 1 إلى 10 ميكرومترات، ما يجعلها صغيرة بما يكفي لتخترق الجهاز التنفسي وتستقر في الرئتين وربما تصل إلى مجرى الدم.
وتمثل هذه النتائج زيادة مهولة مقارنة بالتقديرات السابقة، إذ تفوقها بمقدار 100 ضعف، وهو ما دفع الباحثين لإطلاق تحذيرات عاجلة بشأن ضرورة إعادة تقييم مصادر التلوث البيئي داخل الأماكن المغلقة.
من داخل المنزل إلى داخل الجسم
جمعت الدراسة عينات من الهواء في شقق خاصة وسيارات، أثناء تنقل الباحثين بين مدن فرنسية. وأظهرت التحاليل أن المصدر الرئيسي للجسيمات هو المواد اليومية المستخدمة داخل المنازل مثل:
السجاد والستائر
الأرائك والمفروشات المنسوجة
المواد البلاستيكية في السيارات، كعجلة القيادة ولوحة العدادات والمقاعد
وأشار الباحثان الرئيسيان، البروفيسور جيروين سونكي والبروفيسورة نادية ياكوفينكو من جامعة تولوز، إلى أن البلاستيك الموجود في هذه المواد يتحلل مع مرور الوقت، منتجًا جسيمات دقيقة تتطاير في الهواء، ويستنشقه الإنسان دون أن يدرك.
التلوث الخفي.. المنازل أكثر خطرًا من المصانع
وصف الباحثان النتائج بأنها 'صادمة'، حيث اعتاد الناس ربط تلوث البلاستيك بالمحيطات أو المناطق الصناعية. إلا أن الدراسة أثبتت أن البيئة الداخلية – التي يقضي فيها الإنسان حوالي 90% من وقته – تشكل مصدرًا رئيسيًا لهذا التلوث.
المثير للقلق، وفق تعبيرهم، هو أن الأشخاص يتعرضون لهذه الجزيئات يوميًا عبر التنفس داخل:
المنازل
أماكن العمل
المتاجر
وسائل النقل العام والخاص
المخاطر الصحية.. قائمة طويلة ومقلقة
لا تزال الأبحاث جارية حول الآثار طويلة المدى للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، لكن المؤشرات الأولية تشير إلى نتائج مقلقة. فقد أشار الباحثون إلى أن هذه الجسيمات، ومعها المواد الكيميائية المضافة لها، يمكن أن تسبب:
أمراض تنفسية مزمنة
اضطرابات في الغدد الصماء
مشكلات في النمو العصبي لدى الأطفال
عيوب خلقية ومشكلات في الخصوبة
أمراض القلب والشرايين
أنواع متعددة من السرطان
جسيمات البلاستيك… من الرئة إلى الدماغ
لا تقف خطورة التلوث البلاستيكي عند التنفس فحسب. فقد أثبتت دراسات سابقة وجود الجسيمات الدقيقة في عدة أجزاء من جسم الإنسان، منها:
الدم
الكبد والرئتين
البول والبراز
حليب الأم
المشيمة
وفي تطور أخطر، توصلت دراسة في فبراير الماضي إلى أن أنسجة الدماغ البشري تحتوي على ما يعادل ملعقة من جسيمات البلاستيك الدقيقة. فيما وجدت دراسة أخرى في مارس 2024 أن وجود هذه الجزيئات في الشريان السباتي يزيد خطر الإصابة بسكتات قلبية أو دماغية أو الوفاة بمرتين مقارنةً بمن لا يحملونها.
تحذير عالمي.. والوقاية تبدأ من الداخل
دعت الدراسة إلى ضرورة التعامل مع تلوث الهواء الداخلي كمصدر رئيسي للمواد السامة، وليس فقط البيئات الخارجية. كما أكدت أن تقليل استخدام المنتجات البلاستيكية في الأثاث والمنسوجات والمركبات، وتهوية المنازل بانتظام، واستخدام فلاتر هواء متطورة، خطوات قد تسهم في تقليل هذا النوع من التلوث البيئي.