اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٨ أيار ٢٠٢٥
أم روابة- نبض السودان
في مشهد مؤلم يعكس عمق الأزمة الصحية التي يعيشها السودان، تحوّلت واحدة من أكثر اللحظات الإنسانية بهجة إلى مأساة تدمع لها القلوب، حيث شهدت مدينة أم روابة ولادة أربعة توائم لأم شابة، في حادثة نادرة كانت كفيلة بأن تُشعل الأمل في مدينة تعاني من ظروف معيشية قاسية، لكن سرعان ما خبت هذه الفرحة وسط الإهمال الطبي ونقص الإمكانيات.
لحظة فرح تُذبح على مذبح الإهمال الطبي
لم تدم الفرحة طويلًا، فبعد ساعات فقط من الولادة، لفظت طفلتان من التوائم الأربعة أنفاسهما الأخيرة داخل مستشفى أم روابة، وسط حرارة تجاوزت الـ40 درجة مئوية وانعدام الحاضنات الطبية اللازمة لرعاية حديثي الولادة.
الواقع كان أكثر قسوة من أن يُحتمل، إذ لم تتوفر أي حضانات في مستشفيات المدينة، ما اضطر الفريق الطبي لنقل التوأمين الآخرين إلى مدينة كوستي، على أمل أن تكون هناك فرصة لإنقاذ حياتهم.
الأم تصارع الموت… والتوأمان الآخران في خطر
تعيش الأم اليوم بين الحياة والموت، ترقد في غرفة العناية المكثفة، حالتها الصحية غير مستقرة، فيما لا يزال التوأمان الباقيان في وضع حرج، تتقاذفهما أزمة صحية متشابكة وسط عجز النظام الطبي عن توفير الحد الأدنى من الرعاية.
الأسرة تقف على حافة الانهيار، حيث اصطدمت بتكاليف المستشفيات الخاصة في كوستي، وهي تكاليف باهظة لا قِبل لهم بها، بينما تنعدم أي مساندة حكومية أو تدخل عاجل من الجهات الصحية الرسمية.
مأساة تنفجر في وجه الرأي العام
حادثة أم روابة كشفت عن واقع صحي هش، يفتقر لأبسط مقومات الاستجابة للحالات الطارئة، وسط تساؤلات عديدة من المواطنين حول غياب وزارة الصحة، وانعدام التنسيق بين المرافق الحكومية في التعامل مع الحالات الحرجة.
مواطنون ومتابعون عبروا عن استيائهم من الوضع المأساوي، معتبرين أن وفاة طفلتين بسبب غياب الحاضنات جريمة لا تغتفر، مطالبين بتحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال الذي راح ضحيته أطفال أبرياء.
سباق إنساني يائس لإنقاذ ما تبقى من المعجزة
في الوقت الذي تتدهور فيه الحالة الصحية للأم والتوأمين، أطلقت الأسرة مناشدات عاجلة للخيرين والمنظمات الإنسانية، أملًا في إيجاد حضانات طبية مناسبة، وتأمين الرعاية الكاملة للأم.
بعض المبادرات بدأت تتحرك على الأرض، إلا أن الوقت يضيق، والوضع الصحي لا يحتمل التأخير، ما يضع الجميع أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية ملحة.
أزمة صحية مزمنة تتجسد في حادثة واحدة
هذه الحادثة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فهي تمثل نموذجًا صارخًا للانهيار الصحي في السودان، وغياب الاستثمار في البنية التحتية الطبية، خاصة في المناطق الطرفية مثل أم روابة.
الولادة الرباعية التي كانت تستحق اهتمامًا فائقًا من قبل السلطات، واجهت المصير القاتم ذاته الذي يواجهه مئات المرضى يوميًا، نتيجة النقص الحاد في الكوادر والتجهيزات الأساسية.
صدمة على منصات التواصل… وغضب يتصاعد
اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجة من الغضب والتضامن، حيث طالب المغردون بفتح تحقيق فوري، ومحاسبة من تسبب في هذه الفاجعة، مشيرين إلى أن أرواح الأطفال ليست مجرد أرقام تُنسى في تقارير رسمية.
المشهد الذي نقلته الأسرة بالصوت والصورة، أثار تعاطفًا واسعًا ودفع بالعديد من الجهات الإعلامية لتسليط الضوء على الحدث، ما يفتح بابًا أوسع للنقاش حول حقوق المواليد في السودان ومستقبل الرعاية الصحية.
نداء أخير… من ينقذ ما تبقى؟
الأم بين الحياة والموت، والتوأمان الآخران في حاجة إلى تدخل عاجل. أما الحاضنات فلا تزال بعيدة، والتكاليف الطبية تُثقل كاهل الأسرة التي تقف على أطلال فرحتها المذبوحة.
السؤال المطروح بإلحاح: أين الدولة من هذه الكارثة؟ وأين النظام الصحي الذي يجب أن يُنقذ أرواحًا لا تزال في بداياتها؟
قد تكون هذه الحادثة نقطة فاصلة… أو قد تمر كما مرّت مآسٍ كثيرة قبلها، إذا لم يتحرك أحد.