اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في وقت تتزايد فيه الضربات الجوية الناجحة للطيران الحربي السوداني، تجد المليشيا المتمردة نفسها أمام كابوس متجدد يحطم أوهامها في فرض واقع بديل تحت لافتة ما يسمى بـ'حكومة تأسيس'. فمع كل طلعة جوية دقيقة التنفيذ، تتبدد أحلام السيطرة وتتساقط مشاريع 'الدولة الموازية' في ركام الدخان والنيران التي تملأ سماء دارفور.
أمطار الحمم.. وهروب القادة
شهدت مدينة نيالا عصر الخميس انفجارًا هائلًا، كشفت مصادر واسعة الاطلاع أنه ناتج عن قصف نفذته مُسيرة تابعة للجيش السوداني استهدفت طائرة شحن من طراز (إليوشن 76) داخل مطار نيالا. ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن الطيران المسير السوداني تمكن من تدمير مخزن صواريخ حرارية بحي النهضة كانت المليشيا تخطط لنقلها إلى محيط مدينة الفاشر لاستخدامها في محاولة يائسة لتحييد التفوق الجوي للجيش.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تمكن الجيش كذلك من تدمير عدد من المسيرات المعادية وتحييد طاقم تشغيلها المكوّن من أربعة مرتزقة أجانب. هذه التطورات جاءت استكمالًا لسلسلة من القصف الدقيق خلال الأسابيع الماضية، والذي حول مدينة نيالا، التي اتخذتها المليشيا عاصمة لما يسمى بـ'حكومة تأسيس'، إلى منطقة غير آمنة بالكامل.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن رئيس حكومة التأسيس المزعومة المتمرد محمد حسن التعايشي ونائبه إبراهيم الميرغني، فرا من المدينة إلى تشاد ومنها إلى الإمارات في أعقاب الضربات المتلاحقة، ما يؤكد حجم الخسائر التي تكبدتها المليشيا في دارفور.
المليشيا تراهن والجيش يكسب
في ظل حالة القلق التي تسود صفوف المليشيا، كشفت مصادر ميدانية من مدينة الكومة شرق الفاشر عن نشاط مكثف لفريق أجنبي يضم نحو سبعين خبيرًا يتحدثون الفرنسية، قام بتركيب أبراج مجهزة بتقنيات يُعتقد أنها للتشويش والرادار والإنذار المبكر في مناطق تقع على الطريق الرابط بين الفاشر والأبيض.
هذا التحرك الذي جرى تحت حراسة مشددة وانتشار واسع للمليشيا، يعبّر بوضوح عن محاولة جديدة لمواجهة التفوق الجوي للجيش السوداني، الذي بات العامل الحاسم في موازين القتال منذ أسابيع.
وتفيد التقارير أن هذا الفريق الأجنبي وصل من نيالا مطلع سبتمبر، وزار عدة مناطق جبلية أبرزها جبل أم الحسين وأم كدادة وجبل حلة وبروش، وهي مواقع تتيح تغطية جغرافية واسعة على الطريق القومي ومحيط الفاشر. ويهدف هذا النشاط التقني، وفقًا للمراقبين، إلى تعويض الخسائر الميدانية الفادحة التي منيت بها المليشيا أمام ضربات الطيران المسيّر والمقاتلات السودانية، والتي دمّرت خلال الأسابيع الماضية عدداً من مراكز القيادة والسيطرة ومنصات المدفعية التابعة لها.
الجيش يحبط مخطط التشويش
وفي المقابل، أعلنت الفرقة السادسة مشاة بالجيش السوداني عن تنفيذ عملية نوعية دقيقة تم خلالها تدمير منظومة تشويش كانت في طريقها من نيالا إلى منطقة شنقل طوباي، إلى جانب منصة هاون عيار 120 ملم في الجهة الجنوبية من مستشفى نيالا، إضافة إلى تحييد عدد من المركبات العسكرية التي حاولت التوجه نحو الفاشر.
وأكد بيان الجيش أن العملية نُفذت عبر الطيران المسير بدقة عالية، في رسالة واضحة بأن القوات المسلحة السودانية تمتلك قدرات استطلاع وهجوم متطورة قادرة على رصد وتحييد أي نشاط إلكتروني أو ميداني معادٍ في مسرح العمليات.
التقنية في مواجهة العقيدة العسكرية
تحاول المليشيا، من خلال هذه التحركات، اللجوء إلى ما تسميه “الحلول التقنية” كوسيلة لتعويض غيابها شبه الكامل عن مجال الغطاء الجوي والدفاع الجوي الحقيقي. لكنها رغم ذلك، تفتقر إلى القدرات الجوية المتكاملة ولا تمتلك أي منظومات متقدمة تُمكّنها من مواجهة سلاح الجو السوداني.
ويرى محللون عسكريون أن الاعتماد على فرق أجنبية وتقنيات تشويش بدائية لا يمكن أن يغير المعادلة، بل يكشف حجم الضعف والانهيار التكتيكي داخل صفوف المليشيا. أما الجيش السوداني، فقد نجح في تطبيق استراتيجية الردع الجوي المعتمدة على الضربات الدقيقة التي تستهدف الأهداف الحيوية دون خوض اشتباكات مباشرة، ما منحه زمام المبادرة في مختلف جبهات دارفور، وخاصة في محيط الفاشر ونيالا.
تفوق جوي يصنع الفارق
من الواضح أن الجيش السوداني استطاع أن يحول سلاح الجو إلى أداة حسم حقيقية في معركة دارفور، حيث تمكن من إجهاض تحركات المليشيا قبل أن تبدأ، وتحويل قدراته التقنية إلى تفوق استراتيجي يمنع الخصم من إعادة التمركز أو التنظيم. في المقابل، تبقى محاولات المليشيا محدودة، تعكس رد فعل أكثر من كونها خطة هجومية متكاملة.
دارفور.. ساحة الحرب التقنية والمعلوماتية
لقد دخلت معارك دارفور مرحلة جديدة يمكن وصفها بأنها حرب تقنية ومعلوماتية، حيث يسعى كل طرف إلى امتلاك أدوات الرصد والتحكم والتشويش. غير أن توازن القوى الميداني يميل بوضوح لصالح الجيش السوداني، الذي يمتلك عاملين لا يمكن استيرادهما أو شراؤهما من الخارج: العقيدة القتالية الراسخة والغطاء الجوي الوطني.
كلما حاولت المليشيا بناء 'درع إلكتروني' يحميها من السماء، تكتشف أن السماء لا تُستأجر ولا تُشترى، وأن الإرادة العسكرية السودانية أقوى من أي جهاز تشويش أو منظومة مرتزقة.