اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
أثار إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن اعتزام بلاده افتتاح سد النهضة الإثيوبي رسميًا في سبتمبر المقبل، تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والمائية حول مصير حقوق السودان المائية في ظل المواقف الأحادية لإثيوبيا التي ظلت تنفذ مشروعاتها دون أي اتفاق قانوني ملزم.
دعوة مثيرة من آبي أحمد.. والسودان 'لا يرد'
في الثالث من يوليو الجاري، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي حكومتي السودان ومصر للمشاركة في ما وصفه بـ'الحدث التاريخي'، في إشارة لافتتاح سد النهضة، مؤكدًا أن المشروع لن يتسبب في أي ضرر لدولتي المصب. وجاءت هذه الدعوة رغم توقف المفاوضات مع السودان سابقًا، ورفض إثيوبيا التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
ورغم هذه التطورات، فإن رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس ووزارة الري التزما الصمت التام، دون إصدار أي توضيح رسمي أو رد على الدعوة الإثيوبية، الأمر الذي اعتبره مراقبون ضعفًا دبلوماسيًا وسكوتًا غير مبرر عن ملف سيادي يمس مصالح البلاد الإستراتيجية.
خبير دولي يحذر: إثيوبيا تقنن إجراءاتها الأحادية
من جهته، قال الدكتور أحمد المفتي، الخبير القانوني الدولي في مجال المياه، في تصريحات لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن على حكومة السودان التحرك الفوري بكافة الوسائل المتاحة للحفاظ على حقوق السودان المائية في نهر النيل، مؤكدًا أن تصريحات آبي أحمد ما هي إلا محاولة لتقنين مشروعية الخطوات الأحادية التي اتخذتها أديس أبابا في بناء وتشغيل السد منذ 2011.
وأوضح المفتي أن إثيوبيا رفضت في جميع جولات التفاوض السابقة التوافق على قواعد لملء وتشغيل السد، رغم توقيعها على إعلان المبادئ في الخرطوم عام 2015، مشيرًا إلى أن إثيوبيا ترفض أيضًا فكرة تشكيل إدارة مشتركة للسد، وتهدف أساسًا إلى التحكم الكامل في مياه النيل، بما يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح السودان.
سد النهضة: خطر محدق على سد الروصيرص
يقع سد النهضة على بعد 15 كيلومترًا فقط من الحدود السودانية، ونحو 100 كيلومتر من سد الروصيرص على النيل الأزرق داخل الأراضي السودانية، ما يجعل السودان في قلب المخاطر حال حدوث أي خلل في تشغيل أو سلامة جسم السد الإثيوبي.
وحذر المفتي من أن سعة تخزين سد النهضة الحالية تتراوح ما بين 50 و60 مليار متر مكعب، من أصل سعة تصميمية تبلغ 74 مليار متر، ما يضاعف المخاطر على سد الروصيرص الذي لا تتجاوز سعته 7 مليارات متر مكعب، مؤكدًا أن أي ضغط زائد أو فشل في التنسيق بين البلدين قد يؤدي إلى كارثة مائية قد تهدد سلامة السودان ومواطنيه.
اتفاقية 1959.. إثيوبيا ترفض الاعتراف
قال المفتي إن إثيوبيا لا تعترف باتفاقية مياه النيل لعام 1959، والتي تحدد حصة مصر بـ55.5 مليار متر مكعب، والسودان بـ18.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنويًا. واعتبر أن تجاهل أديس أبابا لهذه الاتفاقية الأساسية يعد خرقًا واضحًا للقوانين الدولية ومبادئ تقاسم الأنهار العابرة للحدود.
موقف السودان.. غياب البيانات وتهميش المخاوف
منذ بدء تشييد السد، تجاهلت الحكومة الإثيوبية جميع طلبات السودان بشأن تبادل المعلومات والبيانات الفنية الخاصة بالتشغيل وملء السد، ما دفع الخرطوم إلى التحذير المتكرر من أن سياسة الأمر الواقع التي تتبعها إثيوبيا ستحوّل السد إلى تهديد مباشر لسد الروصيرص.
وفي عام 2021، عرضت أديس أبابا على السودان السماح لمهندسين من وزارة الري بمتابعة فتح البوابات السفلية، إلا أن الخرطوم تمسكت بموقفها بضرورة وجود اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية تبادل البيانات والتشغيل الآمن للسد، وهو ما لم يتم حتى الآن.
خطر داهم على الأمن الإقليمي
أكد المفتي أنه لم يعد هناك جدوى من العودة للمفاوضات بعد إعلان آبي أحمد افتتاح السد رسميًا، مشيرًا إلى أن الحكومة السودانية مطالبة بالتحرك العاجل والتصعيد في المحافل الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، لوقف ما سماه 'التمادي الإثيوبي' في اتخاذ قرارات أحادية تهدد السلم والأمن الإقليمي.
تحذيرات من انهيار محتمل
رغم ضخامة المشروع الإثيوبي، فإن المفتي حذر من خطر انهيار سد النهضة في أي لحظة، ما ستكون له عواقب وخيمة على السودان، خاصة في ظل غياب التنسيق الفني والقانوني بين البلدين، مضيفًا أن أمن وسلامة السودان المائي لم يعد يحتمل المزيد من التأخير أو المجاملات السياسية.
مطالب بتحرك مشترك مع مصر
دعا المفتي السودان ومصر إلى تنسيق جهودهما الدبلوماسية والفنية، واتخاذ إجراءات حاسمة لوقف التعديات الإثيوبية، مؤكدًا أن استمرار إثيوبيا في فرض الأمر الواقع سيقوض كل فرص التعاون في حوض النيل، وسينعكس بشكل سلبي على استقرار المنطقة بالكامل.