اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
أطلق محمد سيد أحمد الجاكومي، رئيس مسار الشمال، تصريحات وُصفت بـ«الخطيرة»، كشف فيها عن تفاصيل غير مسبوقة تتعلق باتفاق جوبا للسلام، مشيرًا إلى أن الاتفاق لم يكن مجرد وثيقة سياسية، بل يمثل تحوّلًا جذريًا في مفهوم العدالة الجغرافية وحماية حقوق المواطنين في ولايتي الشمالية ونهر النيل.
وأكد الجاكومي أن الاتفاق تضمن إدخال نظام “الحيكورة” لأول مرة في وثيقة رسمية، بهدف منع أي وافد من السيطرة على أراضي السكان الأصليين، وضمان مصادرة أي أراضٍ تم الحصول عليها بطرق غير قانونية.
اتفاق جوبا يعيد رسم خريطة الملكية في الشمال
وأوضح الجاكومي أن هذا البند من اتفاق جوبا يعد تطورًا نوعيًا في تاريخ إدارة الأراضي في السودان، ويعكس التزامًا واضحًا بمنع التعدي على الموارد الجغرافية لأبناء الشمال.
وأضاف أن تفعيل “الحيكورة” لا يعني الانغلاق أو الإقصاء، بل هو تنظيم لحق الملكية بما يحفظ خصوصية المنطقة ويحمي مصالح مواطنيها من التعديات والمضاربات التي شهدتها في العقود الماضية.
30% من عائدات سد مروي لصالح الشمال
وأشار الجاكومي إلى أن الاتفاق لم يتوقف عند حماية الأراضي فحسب، بل نص أيضًا على تخصيص 30% من عائدات سد مروي لصالح ولايتي الشمالية ونهر النيل. ولفت إلى أن المشاريع المصاحبة للسد، مثل مدينة مروي الطبية ومشروع دواجن النيل وهيئة تطوير الزراعة، ستدار بالكامل من قبل السلطات المحلية دون أي تدخل من الوزارات الاتحادية أو صناديق التمويل القومية، لضمان استفادة أبناء المنطقة من مواردهم بشكل مباشر.
وأكد أن موارد الذهب، خاصة مادة “الكرته”، لن تُحوّل إلى أي جهة خارجية، بل ستُخصّص لصندوق إعمار الشمال الذي سيُنشأ خصيصًا لإدارة هذه العائدات وتوظيفها في تنمية المنطقة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقلالية الاقتصادية وتحقيق التنمية المتوازنة.
دعوة لتوحيد الصف الشمالي خلف المسار
وفي سياق متصل، دعا الجاكومي أبناء الشمال إلى التوحد خلف مسار الشمال والدفاع عنه بكل الوسائل السياسية والشعبية، مؤكدًا أن تنفيذ الاتفاق مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود. وشدد على أن الاتفاق ينص بوضوح على عدم وجود أي قوات مسلحة من خارج الولايتين داخل نطاق الشمالية ونهر النيل، داعيًا إلى إخراج أي تشكيلات عسكرية لا تتبع لهما فورًا، معتبرًا أن وجودها خرق صريح لبنود اتفاق جوبا وتهديد مباشر للاستقرار المحلي.
تحميل المسؤولية للولاة
حمّل الجاكومي ولاة ولايتي الشمالية ونهر النيل مسؤولية تنفيذ هذا البند بشكل صارم، عبر تجميع القوات الأجنبية وإبعادها عن المناطق السكنية، حفاظًا على الأمن الداخلي وتنفيذًا لما تم الاتفاق عليه. وأكد أن الالتزام الكامل ببنود الاتفاق هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار وضمان حقوق سكان الشمال.
الحكومة تتلكأ في التنفيذ والجاكومي يحذر من الصمت
وعبّر الجاكومي عن استيائه مما وصفه بـ«التباطؤ المتعمد» من الحكومة في تنفيذ بنود اتفاق جوبا، مؤكدًا أن الصبر بلغ مداه، وأن على أبناء الشمال الانتفاض للمطالبة بحقوقهم المشروعة. وقال إن الصمت لم يعد خيارًا، وإن الاتفاق يجب أن يتحول من نصوص مكتوبة إلى واقع ملموس يغير حياة المواطنين ويحقق التنمية المتوازنة.
اتفاق جوبا بين الطموح والتعقيد
ويُعد اتفاق جوبا أحد أبرز التحولات السياسية في السودان بعد سقوط النظام السابق، إذ جمع بين الحكومة الانتقالية وعدد من الحركات المسلحة في محاولة لتحقيق السلام الشامل وتوزيع السلطة والموارد بعدالة. إلا أن التحديات السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد عطلت تنفيذ كثير من بنوده، ما جعل أصواتًا مثل الجاكومي تطالب بالتحرك العاجل لتفعيلها على أرض الواقع، خصوصًا في ظل تصاعد التوترات في عدد من ولايات الشمال.
تحذيرات من انفجار شعبي
ويرى مراقبون أن تصريحات الجاكومي الأخيرة قد تفتح الباب أمام تصعيد سياسي في الشمال إذا استمرت الحكومة في تجاهل مطالب المنطقة، خاصة وأنه تحدث بصراحة عن ضرورة الانتفاض للمطالبة بالحقوق. وتؤكد مصادر سياسية أن هذه التصريحات قد تدفع باتجاه حراك شعبي منظم يسعى لفرض تنفيذ الاتفاق تحت ضغط الشارع.
مستقبل اتفاق جوبا على المحك
وبينما يصف البعض تصريحات الجاكومي بأنها محاولة لإحياء روح اتفاق جوبا من جديد، يرى آخرون أنها تمثل إنذارًا مبكرًا بانفجار محتمل في المشهد السياسي إذا لم تُتخذ خطوات عملية لتنفيذ ما تم التوقيع عليه. وفي كل الأحوال، فإن اتفاق جوبا ومسار الشمال أصبحا محور جدل جديد يعكس حجم التعقيدات في طريق بناء سلام دائم في السودان.